حمد سليم الحميري: «الترجمة» علامة نضجٍ تقيس مستوى الارتقاء
حمد سليم الحميري: «الترجمة» علامة نضجٍ تقيس مستوى الارتقاء
أكد حمد سليم الحميري، مدير إدارة البحوث والخدمات المعرفية في الأرشيف والمكتبة الوطنية إدراك الأرشيف والمكتبة الوطنية الدور الذي تؤديه حركة الترجمة في التلاقح الحضاري، مضيفا أن الترجمة من أبرز الآليات المحفزة لحوار الحضارات ولا سيما ترجمة البحوث بوصفها من أرقى فروع الترجمة وأكثرها تعقيداً حيث تخضع لمعايير فنية وإبداعية محددة تفرضها خصوصية تلك النصوص، فضلاً عن تنوع أبنيتها اللغوية وتشابكها مع الأطر الفكرية السائدة وتداخلها مع العديد من الأنماط الثقافية والتاريخية ذات الأبعاد المحلية والعالمية.
رافد فكري
وقال الحميري إن حركة الترجمة تشكل رافداً من روافد الفكر الإنساني العابر للثقافات والحدود، لافتاً إلى أنها باتت في ظل عصر ما بعد العولمة والثورة المعرفية الحاسوبية مجالاً رحباً للتواصل والتثاقف ولم تعد مجرد وعاء لنقل أسرار التكنولوجيا والصناعات المتطورة، بل انتقلت إلى مرحلة التفكير الابتكاري والتطوير الإبداعي، كما أن الترجمة باتت انتقالا استراتيجيا نحو أفق علاقة ديناميكية مع الآخر لا بوصفه استثناءً، بل بوصفه شريكاً مكافئاً، أي أنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لكافة الثقافات القومية، وهكذا أصبحت الترجمة علامة نضجٍ تقاس بها درجة التطور ومستوى الارتقاء.
وتابع: «تلعب الترجمة دوراً محورياً في التعريف بالذات القومية والسمات المحلية والمشتركات الإنسانية فضلاً عن الإضافات النوعية الخاصة في مجالات الفكرِ والفن والأدب والعلوم والتكنولوجيا ولم تعد الترجمة مسألة أسلوبية ولغوية، بل صارت مسألة حضارية وثقافية من دونها لا يمكن الانفتاح على الآخر ولا معرفته بقصد التعايش معه»، مضيفاً: من أجل التعريف بالمنجزات الحضارية لدولة الإمارات وإلقاء الضوء على صورتها في الثقافات العالمية ينظم الأرشيف والمكتبة الوطنية مؤتمر الترجمة الدولي الثاني تحت شعار: «الترجمة وحفظ ذاكرة الوطن: صورة الإمارات في الثقافات والآداب والتراث الفكري العالمي»، في الفترة من 9 إلى 13 مايو الجاري.
ماض وحاضر
وقال الحميري: «في هذا المؤتمر الدولي الذي يشارك فيه نحو 70 أستاذاً وباحثاً متخصصا في الترجمة يقدمون بحوثا ودراسات تلقي الضوء على قضايا من أهمها كيفية تمثيل دولة الإمارات في التراث الثقافي العالمي ودور الترجمة في تعزيز صورتها وإرثها الحضاري في القرن الحادي والعشرين»، موضحاً «يتناقش البحوث المقدمة من أساتذة من جامعات أميركية وكندية، وأسترالية وأوروبية، وآسيوية وإفريقية، وخليجية وعربية، أطروحات ترصد صورة الإمارات في التراث الثقافي العالمي المترجم بلغات عدة حيث تستطلع هذه البحوث الإنجازات الحضارية الإماراتية على الأصعدة كافة كما ورد في كتب مترجمة بلغات مثل الإنجليزية والفرنسية، والإسبانية والبرتغالية، والألمانية والروسية، والأوردية، والكورية والهولندية، واليابانية».
وأضاف «ثمة دراسات أخرى يتم عرضها في المؤتمر تناقش ماضي دولة الإمارات وحاضرها في عيون الرحالة الأوروبيين، ومن بين أهم الدراسات التي يزخر بها برنامج المؤتمر بحث عن «السير ويلفرد ثيسيجر وترجمته للتراث البدوي الإماراتي في منتصف القرن العشرين» وبحث بعنوان «الاختلافات الثقافية وأثرها في عملية الترجمة: مقاربة في ترجمة كتاب (زايد من التحدي إلى الاتحاد) الصادر عن الأرشيف والمكتبة الوطنية من العربية إلى العبرية»، وبحث آخر عن «الدور الريادي لدولة الإمارات العربية في الترجمة والإعلام: جريدة الخليج الناطقة باللغة الإسبانية نموذجاً».
كما يستعرض المؤتمر دراسات تتناول صورة دولة الإمارات في الثقافات الأوروبية المختلفة مثل دراسة بعنوان «صورة الإمارات في بولندا بناءً على الأدب والتراث الثقافي الإماراتي المترجم» ودراسة أخرى بعنوان «الرؤية الألمانية للإمارات: صورة المرأة الإماراتية بين الماضي والحاضر. إطلالة على كتاب «المرأة في الإمارات العربية المتحدة بين التقاليد والحداثة: إمارة دبي نموذجاً»، فضلا عن بحث: «صورة الإمارات في الأدب الإسباني: التنوع الثقافي والصراع العاطفي في «رسائل من دبي» لأسونتا لوبيز».
ودراسة عن «الرمزية التاريخية لشخصية النمرود بين المسرحية الإماراتية «النمرود» لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والمسرحية الإسبانية «تكبر النمرود» لأنطونيو إنريكث جومث، ودراسة عن «ترجمة كتاب (زايد، رجل بنى أمة) الصادر عن الأرشيف والمكتبة الوطنية إلى اللغة الألبانية ودوره في تعزيز صورة الإمارات وإرثها الحضاري في بلاد البلقان».
المرة الأولى
وأشار الحميري إلى أن ما يميز برنامج المؤتمر أن الأوراق والبحوث والدراسات المشاركة تقدم للمرة الأولى، ومن بينها: دراسة بعنوان «استطلاع ثقافة الخليج العربي: المصطلحات والأمثال الإماراتية المترجمة نموذجاً»، ودراسة بعنوان «نقل البعد الثقافي في ترجمة النصوص التاريخية: دراسة في ترجمة كتاب (قصر الحصن- تاريخ حكام أبوظبي) إلى اللغة العبرية»، ودراسة بعنوان «المجتمع والثقافة والعمران في دولة الإمارات العربية المتحدة: مقاربة في ترجمة كتاب «مختارات من وثائق حكومة بومباي»، وأطروحة أخرى بعنوان «الترجمة السمعية البصرية ودورها في تعزيز صورة الإمارات وإرثها الحضاري في القرن الحادي والعشرين: نماذج تطبيقية لترجمة أفلام وثائقية عن دولة الإمارات من اللغة العربية إلى اللغة العبرية»، ودراسة شاملة بعنوان «ترجمة الأعمال الأدبية الهندية المعنية بتاريخ الإمارات الثقافي والاجتماعي إلى اللغة العربية: إمكانيات ومشكلات»، ودراسة مقارنة بعنوان «مقارنة الأفلام الكرتونية المدبلجة بالمنتجات الإماراتية المماثلة: تحليل اجتماعي براغماتي للتأدب والانضباط في السياق اللغوي للأسرة والمدرسة»، ودراسة بعنوان: «صورة الإمارات ونهضتها الحضارية الحديثة في المجتمع اللوزوفني الناطق بالبرتغالية»، ودراسة بعنوان «ترجمة الشاشة للمنتجات الفيلمية الإماراتية إلى الإنجليزية وكيفية تصوير الفضاءات اللغوية والاجتماعية»، وبحث جديد بعنوان «الرؤية الإسرائيلية للتجربة الإماراتية: دراسة تحليلية في مقالات موران زاغا».
التعليقات مغلقة.