متحف «اللوفر أبوظبي» يعرض مجموعة من أقدم النصوص المقدسة في الأديان التوحيدية
يفتتح اليوم، معالي محمد خليفة المبارك، رئيس اللوفر أبوظبي، أحدث معارض اللوفر أبوظبي «حروف من نور»، الذي يعرض مجموعة من أقدم النصوص المقدسة في الأديان التوحيدية الثلاثة، ويستمر حتى 14 يناير 2024، ويقام بالتعاون مع المكتبة الوطنية الفرنسية، ومؤسَّسة متاحف فرنسا، ليعرض مجموعة من أقدم النصوص المقدَّسة في الأديان الثلاثة، ويسلِّط الضوء على سياق ظهورها التاريخي، ويوضح طرق تناقلها من جيل إلى جيل، إضافةً إلى ما ارتبط بها من طقوس روحانية وتعبُّدية، ودورها المحوري في التاريخ الفكري والفني العالمي.
وأشرف على اختيار معروضات «حروف من نور» لوران إريشيه، رئيس قسم المخطوطات الشرقية في المكتبة الوطنية الفرنسية، والدكتورة ثريا نجيم، مدير قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر، والمدير السابق لإدارة المقتنيات الفنية، وأمناء المتحف والبحث العلمي في اللوفر أبوظبي.
يحظى زوّار المعرض بفرصة لاستكشاف أكثر من 240 عملاً فنياً من أهم مخطوطات القرآن الكريم والإنجيل المقدَّس والتوراة، إضافةً إلى تحف فنية من مجموعة مقتنيات المكتبة الوطنية الفرنسية، ومتحف اللوفر في باريس، ومتحف اللوفر أبوظبي. وتتضمَّن المجموعة المعروضة مخطوطات، وصوراً فوتوغرافية، وفنوناً تصويرية، وأعمالاً فنية ثلاثية الأبعاد، ومنسوجات ولوحات من جميع أنحاء العالم. ويقدِّم المعرض رؤية معاصرة من خلال عمل فني باسم «اللامرئيّ» للفنان التشكيلي السعودي مهنّد شونو، وهو عمل تركيبي تلتقي فيه خيوطٌ تمثِّل الأديان الثلاثة ليمنح المشاهد تجربة تأملية.
رحلة تأمل
وقال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: «يمَكِّن معرض (حروف من نور) زوّاره من الانطلاق في رحلة من رحلات التأمُّل العميق لاستكشاف التفاعل الدقيق بين الإبداع والجوانب الروحانية، ويضمُّ هذا المعرض مجموعةً متميزةً تشمل الكتاب المقدّس (نسخة سوفينيي)، ولوحات رائعة مثل (العذراء والطفل) للفنان جيوفاني بيليني، إضافةً إلى قطع أثرية مذهلة مثل (مفتاح الكعبة). ومن خلال هذه المجموعة المتميزة يسلِّط المعرض الضوء على الأصول المشتركة للأديان السماوية الثلاثة، إذ يجسِّد كلٌّ منها معنى الجمال والمعرفة. وبينما يتجوَّل الزوّار بين أروقة هذا المعرض، سيكتشفون كيف تمتلك هذه الأديان التوحيدية الثلاثة جذوراً عميقةً ومشتركةً، ما يثري معارف الزوّار بما يتجاوز المعتقدات الشخصية». وأضاف راباتيه: «إنه لشرف لنا أن نتعاون مع المكتبة الوطنية الفرنسية، ومؤسَّسة متاحف فرنسا لتنظيم هذا المعرض، ما يعزِّز الروابط الثقافية ويدعم تطوُّرها».
وقال لوران إريشيه، رئيس قسم المخطوطات الشرقية في المكتبة الوطنية الفرنسية: «يضمُّ هذا المعرض مجموعةً من أقدم الكتب والمخطوطات وأهمِّها، إضافةً إلى أعمال فنية خطية متميِّزة ذات زخارف رائعة، تؤكِّد شمولية رسائل القرآن والإنجيل والتوراة، إضافةً إلى إبراز البعد الأخلاقي المتأصل في هذه الأديان الثلاثة، ويبرز دورها المحوري في صياغة التاريخ الفكري والتاريخ الفني على المستوى العالمي. وينسجم هذا تماماً مع البُعد العالمي لمتحف اللوفر أبوظبي، بصفته ساحة مشتركة لتعزيز الحوار، حيث يستوعب مختلف الثقافات بهدف تسليط الضوء على قصص الإنسانية المشتركة التي تتجاوز حدود الحضارات والعصور والأماكن. ونأمل أن يحظى زوّارنا بلحظات من التأمُّل وتقدير الجمال من خلال هذه الرحلة التي تصحبهم إلى جذور التاريخ الإنساني».
وقالت الدكتورة ثريا نجيم، مدير قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر: «من خلال تسليط الضوء على الأحداث والشخصيات التي اشتركت في ذكرها نصوص من الأديان التوحيدية الثلاثة، فإننا نسعى إلى تعميق فهم الزوّار لهذه الكتب المقدَّسة، ما يمنحهم فرصة لتأمُّل التاريخ الثري لهذه النصوص المقدَّسة، واستكشاف أشكالها ولغاتها والنصوص التي تتضمَّنها». وأضافت نجيم «يجسِّد معرض (حروف من نور) لحظة استثنائية لتأمُّل مجموعة من الأعمال النادرة المتمثّلة في الكتب التوحيدية المقدَّسة وما يُعرض بجانبها من أعمال فنية أخرى. وتشمل تلك الأعمال الفنية قِطَعاً أثرية مثل (صحيفة من المصحف الأزرق)، حيث نرى تفسير عنوان المعرض (حروف من نور) بين سطورها، وقد خُطَّت كلمات هذا العمل الحديث بحروف ذهبية تتميَّز بتباينها مع الخلفية الزرقاء الداكنة، ما يحث الرائي على التأمُّل».
روائع فنية
تشمل الروائع الفنية التي يقدِّمها هذا المعرض مجموعة من الأعمال الفنية والمخطوطات من مقتنيات اللوفر أبوظبي، منها:
– صحيفة من المصحف الأزرق تعود إلى أحد أفخم المصاحف القديمة التي وصلت إلينا. ويتكوَّن المصحف من سبعة مجلدات يُحتمَل أنها كُتِبَت في مدينة القيروان في تونس بين القرنين التاسع والعاشر. ويرمز لون الخلفية الأزرق إلى الكون السماوي، بينما ترمز الحروف المذهَّبة إلى النور الإلهي الذي ينشره كلام الله. ومن المقرَّر تضمين مقطع مخصَّص لإعادة تجميع 6 صفحات متفرِّقة من المصحف الأزرق في إطار سرد قصة المعرض.
– صفحةُ طِرسٍ من القرآن الكريم (الخط الحجازي)، إذ يُعرَف الخطُّ الذي كُتِبَ به النصُّ في هذه الصفحة باسم «الخط الحجازي»، وخطَّه الكاتب البغدادي ابن النديم منذ القرن العاشر الميلادي، ونسبه إلى منطقة الحجاز في شبه الجزيرة العربية، ليرتبط اسم «الخط الحجازي» بأصوله الجغرافية.
– العذراء والطفل، للفنان جيوفاني بيليني، وهي قطعة فنية مهمَّة تمثِّل بدايات عصر النهضة في البندقية، وتجسِّد المنظور الفني لجيوفاني بيليني. وكانت تقنية الرسم بالزيت في إيطاليا في تلك الفترة أحد الابتكارات التي ميَّزت البندقية عن مراكز الفن الإيطالي الأخرى. وتتعمَّق كثافة اللون من خلال استخدام بيليني خلفيةً سوداءَ أحاديةَ اللون بدلاً من المشهد المعتاد، وكان ذلك أسلوباً نادراً ما استخدمه بيليني.
– ويضمُّ المعرضُ كذلك مجموعةً من الأعمال الفنية البارزة المُعارة من شركاء المتحف مثل الكتاب المقدّس، نسخة سوفينيي (اللاتينيّة) في كنفِ سيّدنا إبراهيم، نهاية القرن الثاني عشر، مخطوطات البحر الميّت (أقدم المخطوطات المعروفة من الكتاب المقدَّس العبري)، أوائل القرن الأول، طبعة غوتنبرغ للكتاب المقدّس نحو 1455-1456، مفتاح الكعبة باسم السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق، 1399-1412، مجموعة صلوات مع صحائفَ سداسيّة مربوطٍ بعضُها ببعضٍ بدقّةٍ، ومغطّاةٍ بنصٍّ ينكشف من المطويّات السفليّةِ، 1744.
أصغر نسخة.. واكتشاف أثري
يتمكَّن زوّار المعرض من رؤية أصغر نسخة من الكتاب المقدَّس في العالم سافرت عبر الفضاء، أحضرها رائد الفضاء إيتان ستيبي إلى محطة الفضاء الدولية في أبريل 2022. إضافةً إلى ذلك، سيتعرَّف الزوّار على اكتشاف أثري نادر هو «شاهد قبر من رأس الخيمة يحمل نقوشاً عبريّة». اكتُشِف هذا اللوح الحجري في سبعينيات القرن الماضي، ونُقِشَت عليه مرثيّةٌ ليهوديٍّ تُوفِّي في رأس الخيمة. ويُعدُّ هذا اللوح الحجري أوَّل دليل ملموس على عيش اليهود في أرض دولة الإمارات العربية المتحدة.
جلستان حواريتان
استضاف اللوفر أبوظبي على هامش برامجه الثقافية جلسةً حواريةً مع مُنسِّقي المعرض يوم 12 سبتمبر من الساعة 5:00 مساءً حتى 6:00 مساءً، وسلّط خلالها لوران إريشيه والدكتورة ثريا نجيم الضوء على الجهد المبذول لإقامة هذا المعرض.
أمّا الجلسة الحوارية الثانية، فكانت بعنوان «علم الآثار والهندسة المعمارية» من الساعة 6:30 مساءً حتى 7:30 مساءً، وشهدت مشاركةً متميِّزةً من: الدكتور تيموثي باور، والدكتور مارك جوناثان بيتش، ومنال عطايا. وتشهد الجلستان مشاركة متحدثين محليين ودوليين من تخصُّصات متعددة، ما يتيح لزوّار المتحف فرصة للتعمُّق أكثرَ في تأمُّل وقراءة أعمال التراث الفني والنصي المختارة للعرض، انطلاقاً من دور اللوفر أبوظبي بصفته متحفاً عالمياً. وتسلِّط الجلستان الضوء أيضاً على التقاليد الحية للأفكار والممارسات التي تنسجم مع الكتب المقدَّسة وموروثاتها في السياقات المعاصرة.
التعليقات مغلقة.