هل ينجح رهان المستثمر وارن بافيت على شركات بناء المنازل رغم المخاطر؟
في الوقت الذي يسيطر فيه الذكاء الاصطناعي وأسهم التكنولوجيا على اهتمامات المستثمرين في الفترة الأخيرة، فإن المستثمر الشهير “وارن بافيت” قرر السير في اتجاه مختلف تمامًا.
وكشف الرجل الذي يحمل لقب “حكيم أوماها” عن شراء حصص في شركات أمريكية لبناء المنازل، رغم ركود قطاع الإسكان في العام الماضي وسط مخاطر ملحوظة.
الرهان الجديد لـ”بافيت”
– كشفت “بيركشاير هاثاواي” التي يديرها “بافيت” عن استثمار 814 مليون دولار في ثلاث شركات أمريكية لبناء المنازل.
– اشترت المجموعة الاستثمارية 6 ملايين سهم بقيمة 726 مليون دولار في شركة بناء المنازل “دي آر هورتون DR Horton” في الربع الثاني من هذا العام.
– تجعل عملية الشراء شركة “بيركشاير” ضمن أكبر 10 مساهمين في “دي آر هورتون” بحوالي 1.8% من إجمالي الأسهم.
– كما قامت “بيركشاير” بشراء 152.5 ألف سهم بقيمة 17.2 مليون دولار في “لينار Lennar”، و11 ألف سهم في “إن في آر NVR” بقيمة 70.5 مليون دولار.
“بيركشاير” تتعرض بالفعل لقطاع الإسكان، حيث تمتلك شركات تابعة تعمل في تصنيع الأرضيات والطلاء والعزل والأسقف وغيرها.
– من غير الواضح إذا ما كان “بافيت” هو صاحب قرار شراء أسهم شركات بناء المنازل، أم أن العملية تمت بواسطة أحد نائبيه للاستثمار “تود كومز” و”تيد ويشلر”.
– يعتقد المحللون الذين يتابعون “بيركشاير” بشكل عام أن عمليات شراء الأسهم التي تبلغ قيمتها أقل من مليار دولار يتم تنفيذها من جانب “كومز” أو “ويشلر”.
أداء يتحدى المنطق
– تمر أسهم شركات بناء المنازل في الولايات المتحدة بمرحلة صعود ملحوظة خلال الفترة الماضية، في تحدٍّ واضح للحكمة التقليدية حول تأثير صعود معدلات الرهن العقاري.
– ارتفعت أسهم شركات “دي آر هورتون” و”لينار” و”إن في آر” التي استحوذ “بافيت” على حصص فيها بنحو 30% لكل منها منذ بداية العام الجاري، متفوقة على أداء مؤشر “إس آند بي 500” للأسهم الأمريكية.
– سجل قطاع شركات بناء المنازل ارتفاعًا يتجاوز 36% منذ بداية العام الجاري، مقابل صعود يقارب 15% للمؤشر الأوسع للسوق.
– في حين تسببت معدلات الفائدة المرتفعة على الرهن العقاري في تقليص وتيرة مبيعات المنازل القائمة، فإن مبيعات العقارات الجديدة ظلت قوية بسبب ضعف المعروض.
– تسبب الارتفاع السريع في معدلات الفائدة على الرهن العقاري في تقليص المعروض المتاح للبيع من العقارات في السوق، ودفع المشترين المحتملين إلى شراء عقارات جديدة.
يرى “رافي جادروسيتش” المحلل في “بنك أوف أمريكا” أن شركات بناء المنازل الكبيرة أظهرت أنها تستطيع إدارة ميزانيتها العمومية خلال سيناريو سيئ.
– أشار “رافي” إلى أن تقييمات أسهم شركات بناء المنازل الأمريكية كانت تقريبًا عند متوسطاتها طويلة الأجل، على الرغم من الارتفاع الأخير.
– يعتقد المحلل أن التوقعات تشير إلى وجود المزيد من الاتجاه الصاعد المحتمل لأسهم قطاع بناء المنازل في الولايات المتحدة.
– قال “دانييل بوستامانتي” المدير المشارك في “بوستامانتي كابيتال” إن شراء “بافيت” لأسهم منتقاة لشركات بناء المنازل مثل “دي آر هورتون” منطقي من وجهة النظر طويلة الأجل، وهو ما تفضله “بيركشاير”.
– يرى “بوستامانتي” أنه حتى في مواجهة القدرة على تحمل تكاليف الإسكان، فإن سهم “دي آر” يتداول بمضاعف ربحية جذاب مع تدفق نقدي حر قوي.
مخاوف ضعف المعروض
– تراهن “بيركشاير هاثاواي” على استفادة قطاع بناء المنازل من ضعف المعروض في الفترة الأخيرة، رغم أن ارتفاع معدلات الرهن العقاري عادة ما يمثل رياحًا معاكسة للسوق.
– صعد الرهن العقاري الثابت لأجل 30 عامًا من 2.8% في فبراير 2021 إلى 7.6% في الأسبوع الماضي، ليسجل أعلى مستوى منذ عام 2000.
– رغم أن ارتفاع الرهن العقاري جعل القدرة على تحمل تكاليف الإسكان أسوأ مما كانت عليه خلال فقاعة 2007، فإن السوق يشهد ضعفًا للمخزون المتاح للبيع.
– تشهد مبيعات المنازل الجديدة ارتفاعات ملحوظة، في حين تتراجع مبيعات المنازل القائمة بشكل حاد.
– يعود التباين الكبير بين مبيعات المنازل الجديدة والقائمة إلى أن العديد من الأشخاص المهتمين ببيع منازلهم يتجنبون ذلك بسبب عدم استعدادهم للتخلي عن معدلات للرهن العقاري تقل عن 3.5% مع تجاوز التكاليف حالياً حاجز 7%.
– قال “ستيورات ميلر” الرئيس التنفيذي لشركة “لينار” في أحدث مكالمة مع المستثمرين: “خلاصة القول تتمثل في أن المعروض ضعيف والطلب يعود إلى العروض ذات الأسعار المعقولة، ستحتاج شركات البناء إلى تدشين المزيد من المنازل لسد الفجوة بين الطلب والعرض”.
– رفعت الشركة توقعاتها لتسليمات المنازل إلى ما بين 68 و70 ألف منزل في العام المالي الحالي، من تقديرات سابقة تتراوح ما بين 62 و66 ألف منزل.
– بدأت أسعار المنازل في الولايات المتحدة في التعافي من الهبوط المسجل في العام الماضي.
– رفع محللون في “جولدمان ساكس” توقعاتهم لأسعار المنازل الأمريكية في العام الجاري إلى صعود بنسبة 1.8% من تقديرات سابقة بالهبوط 2.2%، بدعم ضعف المعروض والطلب الذي يتجاوز التوقعات.
– تتمثل أكبر المخاطر التي تواجه تعافي قطاع الإسكان الأمريكي في حدوث فقدان كبير للوظائف في الاقتصاد الأمريكي في حال استمرار معدلات الفائدة المرتفعة.
تحركات استثمارية هادئة
– يعتبر حجم الاستثمار الجديد لـ”بافيت” في أسهم بناء المنازل محدودًا بالنظر إلى أن قيمة محفظته الإجمالية تبلغ 348 مليار دولار.
– يأتي استثمار “بيركشاير” في الشركات الثلاث لبناء المنازل بالتزامن مع حالة من الهدوء النسبي لـ”بافيت” على الصعيد الاستثماري.
يغلب على قرارات “بافيت” مؤخرًا سياسة “الانتظار والترقب”، ما رفع السيولة النقدية لدى الشركة إلى مستوى قياسي عند 147 مليار دولار.
– يفضل الملياردير الأمريكي مؤخرًا الاتجاه نحو شراء أذون الخزانة الأمريكية، والتي شهدت صعودًا لعوائدها بشكل ملحوظ.
– أضافت “بيركشاير” أيضًا مراكز استثمارية في شركتي “كابيتال وان” لبطاقات الائتمان، و”أوكسيدنتال بتروليوم” للطاقة.
– بينما قلصت المجموعة الاستثمارية حيازتها من أسهم “شيفرون” و”جنرال موتورز” و”أكتيفيجن بليزارد” في الربع الثاني من العام الجاري.
– بشكل عام، كانت “بيركشاير” بائعاً صافياً للأسهم في الربع الثاني، حيث اشترت أسهمًا بقيمة 4.6 مليار دولار، بينما قامت ببيع ما يعادل 12.6 مليار دولار من الأسهم في نفس الفترة.
التعليقات مغلقة.