دولة الإمارات: ضمان الأمن الغذائي العالمي يتطلب مشاركة جماعية

أكدت الإمارات أن الوقاية من انعدام الأمن الغذائي ممكنة، من خلال تكاتف جهود تعزيز الأمن الغذائي، والنظر في توظيف حلول مبتكرة، محذرة من أنه لا يمكن للعالم التخاذل عن معالجة هذا التحدي.
وشددت الإمارات، في بيان أمام مجلس الأمن الدولي بشأن المجاعة وانعدام الأمن الغذائي العالمي الناجم عن النزاعات، أدلت به معالي نورة الكعبي، وزيرة دولة، على الارتباط الوثيق بين انعدام الأمن الغذائي والنزاعات وعدم الاستقرار، قائلة إن «ضمان الأمن الغذائي العالمي يتطلب مشاركة جماعية».
وحذرت معالي نورة الكعبي، في البيان، من أن أكثر من 700 مليون شخص يعانون الجوع في جميع أنحاء العالم، بينما لا يزال وصول حوالي 2.5 مليار شخص إلى الغذاء مقيّداً ضمن إحصائيات العام الماضي.
وقالت معاليها: «من المهم أن يؤدي أولو القدرة على دعم وتسهيل الجهود الإنسانية، واجبهم الأصيل»، موضحة أن الإمارات ساهمت بأكثر من 1.4 مليار دولار، لمعالجة انعدام الأمن الغذائي على مدار السنوات الخمس الماضية.
وأضافت: «لا ينحصر انعدام الأمن الغذائي العالمي في سبب واحد فقط، وعلى الرغم من أن الأسباب المرتبطة به ليست بسيطة، إلا أن التكلفة البشرية واضحة للجميع»، موضحة أن المعاناة من سوء التغذية الحاد تمتد لتطال 45 مليون طفل دون سن الخامسة، كما يُجبر الملايين من الأشخاص على مواجهة أخطار الهجرة غير النظامية.
وتابعت: «نعي تماماً أن انعدام الأمن الغذائي يرتبط بشكل وثيق بالنزاعات وعدم الاستقرار، وعلى الرغم من ارتباطها المتشابك ببعضها سواء في مجلس الأمن أو على الصعيد الدولي، فإنه لا سبيل أمامنا غير إيجاد حلول جدية ومستدامة».
وشددت على إمكانية الوقاية من انعدام الأمن الغذائي، قائلة: «إن وضع حد لانعدام الأمن الغذائي وانتشار المجاعة هو خيارٌ سياسي، وهو أيضاً مسعى جماعي، إذ لا ينبغي أن يعاني أحدٌ من المجاعة».
وذكرت أن القانون الدولي الإنساني واضح تماماً في حالات النزاع، حيث يجب على أطراف النزاع المسلح مواصلة توخي الحذر، وتجنب المساس بالموارد اللازمة لإنتاج الغذاء وتوفير مياه الشرب، الأمر الذي يستوجب عدم استهداف الأعيان المدنية مطلقاً، وهذا ليس واجباً أخلاقياً فحسب، بل أيضاً واجبٌ قانوني يفرض علينا دعم هذه الأسس، داعية جميع أطراف النزاع إلى الالتزام الصارم بمسؤولياتهم.
وقالت إن النزاعات، كما هو الحال في أوكرانيا، يمكن أن تتسبب بانعدام الأمن الغذائي العالمي، مضيفة أن الآثار غير المباشرة للنزاعات في الأسواق العالمية، تعني أن من يعيشون في منأى عن أي ساحة معركة، غالباً ما يكرسون حياتهم لتأمين الغذاء لأسرهم، وبشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وأجزاء من أفريقيا، حيث تعتمد الدول هناك بشكلٍ كبيرٍ على الواردات الغذائية، وتحديداً الحبوب.
وذكرت أنه في مثل هذه الحالات، يجب أن ندعم الاستراتيجيات الوطنية ونطور نُهجاً وشراكات مبتكرة تُلبي حجم التحدي، مضيفة: «ينبغي علينا تعميق الشراكات الدولية والاستفادة القصوى من المنتديات متعددة الأطراف الدولية والإقليمية».
وأضافت معالي نورة الكعبي: «لقد رأينا إمكانات الجهود متعددة الأطراف في الحد من انعدام الأمن الغذائي، عبر إطلاق مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب التي اتضحت أهميتها العالمية حين شهدنا ارتفاع أسعار القمح الناجم عن توقف العمل بالاتفاقية»، معربة عن أسف دولة الإمارات لهذا الحدث.
وأوضحت: «يجب علينا كذلك إيقاد جذوة الطموح وتعزيز التعاون الدولي لمعالجة الدافع المتنامي لانعدام الأمن الغذائي، وهو التغير المناخي، حيث سجّل شهر يوليو الحرارة القصوى على الإطلاق مقارنة بالأعوام السابقة، بما يوجب توحيد الهدف على أعلى المستويات، لكي نعكس التوجه العالمي المقلق في هذا المجال من خلال اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من ارتفاع حرارة الأرض فوق 1.5 درجة مئوية، وبالتالي ضمان التكيف مع المناخ بتدابير حاسمة للتخفيف من المخاطر، لا سيما في المناطق الهشة».
وتابعت معاليها «إن عبارة (تكاتف الأيدي) تعني حقاً توحيد الجهود والأصوات كافة، ومن هذا المنطلق، يجب منح المتضررين بشكل غير متناسب من انعدام الأمن الغذائي والتغير المناخي، خاصة النساء والشباب، الأولوية عند تصميم خطط الاستجابات، فالإقرار بهذا التفاوت ليس كافياً، بل يجب أن نشجع المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للجميع».
ودعت الوزيرة إلى تبني نُهجٍ جديدة لمواجهة هذا التحدي، مشيدة في الوقت نفسه بالجهود المخلصة لكل من الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية، والجهات الفاعلة في القطاع الخاص، والمؤسسات الإنسانية، وما حققوه من إنجازات مهمة في هذا المجال، لكنها حذرت من أن معدلات انعدام الأمن الغذائي مستمرة في الارتفاع، وهو ما يتطلب توسيع نطاق النُّهج التي نتبعها لكي نتمكّن من إحداث فرقٍ ملموس في مواجهة هذه الظاهرة.
وتُعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص أمراً حيوياً لمعالجة هذا التحدي الهائل، وقد تنبهت دولة الإمارات لهذا الأمر مبكراً، فعمدت إلى الدعم الفاعل لتنسيق الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ومن الأمثلة على ذلك الحملة السنوية لمبادرات محمد بن راشد العالمية «وقف المليار وجبة»، بحسب البيان.
وقالت معالي نورة الكعبي: «أطلقت كذلك دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية في عام 2021 (مهمة الابتكار الزراعي للمناخ)، وذلك لتحفيز الابتكار في الزراعة الذكية مناخياً، حيث تعمل المهمة في الوقت الراهن مع أكثر من 50 شريكاً حكومياً ومن القطاع الخاص والمجتمع المدني، وقد جمعت أكثر من 13 مليار دولار لتسريع التحول الإيجابي في النظم الزراعية والغذائية حول العالم».
واختتمت البيان قائلة: «لا يمكن للعالم أن يصون السلم والأمن في ظل غياب أحد الحاجات الأساسية للبشرية، والاتجاه الذي نشهده اليوم يشير إلى ضرورة مضاعفة جهودنا، ويحدوني الأمل في اغتنام فرصة اجتماعنا هذا، لاتخاذ إجراءات منسقة بشكلٍ أكبر على الصعيد العالمي من أجل التغلب على هذا التحدي».

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد