الذكاء الإقتصادي مسارات العولمة .. والحروب الاقتصادية المقبلة
مقالة بقلم : خالد عليوي خبير ومستشار دولي في قانون الأعمال والشؤون الجيوـ إقتصادية
بعد نهاية الحرب الباردة أُحيل الكثير من رجال الأمن في العلم الغربي إلى تقاعد مسبق مما دفعهم إلى عرض خدماتهم على المؤسسات والدوائر الاقتصادية، وبشكل غير مباشر وجدو أنفسهم يقحمون معارفهم الأمنية في نشاط المؤسسة الاقتصادية بل وفي النشاط الاقتصادي للدولة ككل وهو ما أدى إلى ذيوع مصطلح الذكاء الاقتصادي وإخراجه من العالم الأكاديمي ومنحه عمقا براجماتي واقعي ما جعله متداولاً على كل لسان، خاصة في مجال عالم المال والأعمال. وأحياناً نتحدث فيه عن الحرب الاقتصادية، أو الاستعلامات الاقتصادية. وبالمعنى الظاهر يتعلق الأمر بمجموعة من الطرائق التي تنهجها بعض الشركات والدول من أجل جمع المعلومات ودراسة الواقع الجيوـ قتصادي دراسة شاملة ومتعددة الأبعاد، لكي تضمن نجاح أي مشروع اقتصادي. ولكن بالمعنى الخفي ينظر إلى الذكاء الاقتصادي، باعتباره شكلاً من الداروينية الاقتصادية بلغته العولمة في طورها الأقصى. إنه يعبر كما يقول المتتبعون عن كون الوضع الاقتصادي العالمي فقَدَ اليوم أي قاعدة أخلاقية، وهو ما أسمه أنا بالمكيافيلية الاقتصادية فليس هناك أصدقاء في مجال التجارة، بل هناك فقط علاقات مبنية على قواعد براغماتية، قابلة للتغيير في أي لحظة. فنحن نعيش كما يقال نوعاً من الحرب الباردة الاقتصادية، المعمّمة على الصعيد الكوكبي. ولذلك فالذكاء الاقتصادي يدل ضمن هذا المنحى على البحث عن المعلومات التي تسمح بالبقاء داخل هذا العالم الشرس. والرفع من اليقظة التي تضمن الرؤية الاستراتيجية لما هو قادم، ثم القدرة على الاستباق ورد الفعل.
الصراع حول المعلومة
يتعلق الأمر إذن بحرب اقتصادية كما يظهر في مفاهيم العلوم الجيوـ قتصادي فعالمنا ينقسم حالياً إلى من يصِلون إلى المعلومة، ومن لا يتمكنون من ذلك. فالثروة التي سيتم التنافس عليها غداً هي المعرفة. إن الاستثمارات وإنتاج الثروة، وخلق فرص العمل، والتطور التكنولوجي، كل هذا وغيره، ستكون المعرفة هي المحدد الأساسي له. وكل شركة إنتاجية تشتغل اليوم ضمن نظام محلي، هي في الواقع شاءت أم أبت، مرتبطة ضرورة بنظام معوْلم يتجاوزها، مما يفرض عليها ضرورة معرفة التطورات الحاصلة، سواء في مجال الإنتاج أو التوزيع أو الاستهلاك. وهكذا في أوروبا وأميركا، وفي مختلف قارات العالم، تنتشر اليوم بشكل متزايد مكاتب جديدة تطلق على نفسها: «مكاتب الاستشارة في الذكاء الاقتصادي». بل أكثر من ذلك، هناك معاهد ومدارس تقوم بتأهيل الطلبة، لامتلاك هذه التقنيات الجديدة، التي ستمكنهم من العمل في مجال هذه الحرب الجديدة، أي الحرب الاقتصادية.
التعليقات مغلقة.