الشيخة بدور القاسمي: متفائلة بإنجازات مقبلة لمجتمع النشر العالمي
أنهت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، فترة رئاستها للاتحاد الدولي للناشرين، وكتبت تغريدة في حسابها على موقع تويتر تقول فيها: «أستقبل العام الجديد وقد انتهت فترة رئاستي للاتحاد الدولي للناشرين. أشكر كل من عملت معهم والتقيت بهم. وأنا متفائلة بأن الأعوام المقبلة ستحمل الكثير من الإنجازات لمجتمع النشر العالمي».
مسيرة طويلة قضتها الشيخة بدور في عالم النشر؛ حيث ولجت هذا المجال امتداداً لقصة شغفها بالكتاب والقراءة والاطلاع وحب المعرفة.
توجهت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي نحو قطاع النشر من أجل رعايته وتطويره، وسد جوانب النقص فيه، فكان أن أسست «مجموعة كلمات»، عام 2007، من أجل إعادة الاهتمام بالقصص العربية المكتوبة للصغار بصورة أكثر حداثة وعصرية؛ وذلك ما أشارت إليه الشيخة بدور عندما قالت: «أعتقد أننا نجحنا الآن في توفير باقة متنوعة من الكتب والقصص القيّمة التي تناسب أذواقهم. وسنواصل تقديم ذلك بكل حماس في المستقبل»، وعملت الشيخة بدور من خلال الدار في صناعة الكثير من المبادرات الثقافية داخل الإمارات وخارجها، تلك المعنية بعملية التشجيع على القراءة، منها مبادرة الصندوق الإفريقي للابتكار في النشر بالتعاون مع دبي العطاء، والاتحاد الدولي للناشرين لدعم المشاريع التي تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والتعليم والنشر في القارة الإفريقية.
وعقب تأسيسها ل«كلمات»، بدأت الرحلة الحقيقية للشيخة بدور في عالم النشر؛ حيث قامت بالتعاون مع زملائها الناشرين بتأسيس جمعية الناشرين الإماراتيين، عام 2009، التي تولت رئاستها في البداية، وقدّمت من خلالها قطاع النشر المحلي الإماراتي للعالم، ولعبت دوراً مهماً وبارزاً في ترسيخ قواعد ثابتة، لرسم مستقبل أفضل لصناعة الكتاب، في الإمارات والمنطقة العربية؛ وذلك بفضل الإصرار والمثابرة، وتمتعها بشخصية قيادية مهتمة بتطوير القطاع، والتزامها بخطة متدرجة في مأسسة القطاع، وفق المعايير الدولية التي تلتزم بسلسلة من الإجراءات الحمائية لكافة أطراف العلاقة من كتّاب وناشرين وقرّاء بطبيعة الحال، فقد ترافق ذلك بسلسلة من المبادرات التي قادتها الشيخة بدور على المستوى المحلي، وكان لها دورها البارز في رسم ملامح قطاع ثابت وحيوي.
ومن خلال العمل على تطوير قطاع النشر المحلي، اطلعت الشيخة بدور على مشهد النشر العالمي، وتعرّفت إلى فرصه وتحدياته وإمكاناته الهائلة في دعم مسيرة تنمية وازدهار مجتمعات العالم، كما ترأست اللجنة المنظمة لملف «الشارقة العاصمة العالمية للكتاب» عام 2019، وأصبحت بذلك الشارقة أول مدينة خليجية تحصل على لقب عاصمة الكتاب، والثالثة على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط، وبعد أن شغلت الشيخة بدور منصب نائبة رئيس الاتحاد الدولي للناشرين في الفترة من عام 2019 إلى 2020، تمّ انتخابها لرئاسة الاتحاد لمدة عامين، لتصبح بذلك أول امرأة عربية تشغل منصب رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، والمرأة الثانية على الإطلاق في هذا المنصب منذ تأسيسه عام 1896، وهو الحدث الذي وجد اهتماماً كبيراً في الإمارات والوطن العربي وحول العالم، وتقول الشيخة بدور عن لحظة اختيارها للمنصب: «شرفت للغاية بترشيحي لرئاسة الاتحاد الدولي للناشرين، وحقيقة أني ثاني امرأة تتقلد هذا المنصب، وامرأة عربية بالأخص، تكشف في حد ذاتها وبوضوح كيف يتغير هذا الاتحاد، فهو بذلك يعكس صناعة أكثر تنوعاً وشمولاً، وأنا متحمسة جداً لهذا المنصب، وآمل أن يسهم وجودي فيه في بداية عهد جديد في مجال النشر»، ومنذ تلك اللحظة بدأت مسيرة الشيخة بدور في خدمة قطاع النشر على المستوى العالمي، لتحقق فيه العديد من الإنجازات عبر أفكار ومبادرات كثيرة، تتعلق خاصة بالمناطق التي تحتاج إلى الدعم في قطاع النشر مثل إفريقيا.
وتمثل الشيخة بدور القدوة والمثال للمرأة، ورسالتها الأساسية لها هي أن تثق في رأيها وتعبر عنه، وأن تسهم قدر المستطاع على المستويين المحلي والإقليمي، وهي تؤمن باحتياج العالم والمنطقة إلى المزيد من الأصوات النسائية على طاولات صنع القرار، لتحقيق التوازن وتقديم الرؤية؛ حيث حققت الشيخة بدور، في مجال تمكين المرأة إنجازاً فريداً عندما أطلقت منصة «PublisHer» الرامية إلى تعزيز التضامن، والتنوع، والعدالة، وتكافؤ الفرص، والمساواة في قطاع النشر، وهي كيان غير رسمي للتواصل والتفاعل، لتعزيز دور المرأة في المناصب القيادية في ذلك القطاع، وعندما تقلدت رئاسة الاتحاد الدولي للنشر، قالت: «آمل أن تلهم قصتي غيري من النساء للسعي خلف أحلامهن وعدم الاستسلام أبداً لأن كل شيء ممكن إذا آمنت به في قرارة نفسك».
أثر كبير
وثمن ناشرون إماراتيون الدور الكبير والإسهامات النوعية التي قدمتها الشيخة بدور القاسمي، من خلال عملها رئيسةً للاتحاد الدولي للناشرين، وذكروا أن الشيخة بدور تولت المنصب في فترة عصيبة، بسبب جائحة كورونا، غير أنها نجحت في قيادة النشر العالمي، وقدمت الكثير من الإنجازات، ووضعت الأسس والمفاهيم الجديدة لعملية النشر وصناعة الكتاب، موضحين أنها المرة الأولى التي تترأس فيه امرأة عربية قيادة ذلك الصرح الثقافي والفكري العالمي، الأمر الذي شكل مصدر فخر لكل العرب.
د. مريم الشناصي، الرئيس التنفيذي ل«دار الياسمين»، للنشر والتوزيع، أوضحت أن الشيخة بدور قد ترأست الاتحاد الدولي للناشرين في فترة كان العالم خلالها يمر بظروف في غاية الصعوبة، وهي المتمثلة في جائحة كورونا وتداعيتها، والتي كان لها أثر كبير في مجال النشر في كل العالم، وهو الأمر الذي مثل تحديات مضاعفة أمام الشيخة بدور؛ حيث واجهت تلك المصاعب بمزيد من الإنجازات الكبيرة في النشر؛ ذلك المجال الثقافي والفكري والمعرفي المهم، فكان أن وضعت العديد من أسس العمل والمفاهيم الجديدة التي أفادت مجال النشر الدولي.
وأشارت الشناصي إلى أن الشيخة بدور، إضافة إلى إنجازاتها على الصعيد الدولي، فقد قدمت الكثير من المشاريع والرؤى العظيمة ووضعت الاستراتيجيات الطموحة على مستويي النشر المحلي والعربي، لافتة إلى أهمية الاستفادة القصوى من الخبرة الكبيرة التي حصلت عليها الشيخة بدور في صناعة المزيد من المشاريع المتعلقة بالنشر العربي.
وقالت الشناصي: «لئن كانت دورة الشيخة بدور قد انتهت في رئاسة الاتحاد الدولي للنشر، فإن دورها ورسالتها تجاه صناعة الكتاب دولياً وعربياً ومحلياً لم نتهِ وينتظرها الكثير من أجل النهوض بهذا المجال المهم».
ولفتت الشناصي، إلى أن المكانة الكبيرة التي وصلت إليها الشيخة بدور عبر الاتحاد الدولي للنشر وغير ذلك من المهام هو بمنزلة نصر كبير للمرأة العربية التي أكدت رفع مكانتها، مشيرة إلى أن تلك النجاحات، تؤكد قدرة النساء العربيات على تحقيق الإنجازات التي تخدم قضايا المرأة.
إسهامات رائعة
وذكر خالد العيسى، مؤسس وصاحب دار «هماليل»، للنشر والتوزيع، أن الشيخة بدور ومنذ تأسيسها لجمعية الناشرين الإماراتيين في عام 2009، أحدثت فارقاً كبيراً ونقلات مهمة في صناعة الكتاب على مستوى الدولة، وظلت صاحبة إسهامات رائعة وجهود جبارة في هذا القطاع المهم من أجل المجتمع فكرياً وثقافياً ومعرفياً، وكذلك ظلت تقدم الدعم للناشر الإماراتي من أجل المشاركة في المحافل الثقافية العربية والعالمية.
وأشار العيسى، إلى الجهود الجبارة التي ظلت تقدمها الشيخة بدور تجاه الناشرين العرب من أجل الارتقاء بعملية صناعة الكتاب على المستوى العربي، وكذلك على مستوى مجالات الترجمة والتبادل المعرفي والثقافي تجاه جميع الدول، لافتاً إلى اهتمام الشيخة بدور بالطفولة والنشر في مجال كتب الصغار من أجل صناعة أجيال متسلحة بالمعرفة، وكذلك البعد الثقافي والفكري في كل المشاريع التي ظلت تقدمها خدمة لوطنها وأمتها العربية والإنسانية.
ولفت العيسى إلى أن كل تلك الإنجازات التي حققتها الشيخة بدور في قطاع النشر الإماراتي والعربي والعالمي، أهلتها لترأس الاتحاد الدولي للنشر بما تملكه من خبرة واسعة وفريدة في صناعة الكتاب، وإنجازات حافلة وتجارب ناجحة في هذا المضمار؛ حيث كرّست جلّ وقتها في الاستثمار الثقافي والمعرفي في الطفل والناشئة، وكان اختيارها لذلك المنصب الرفيع بمنزلة خطوة ذكية ومهمة صبت في المصلحة المحلية والعالمية، مشيراً إلى أن الشيخة بدور تودع ذلك المنصب بعد إنجازات عديدة وخبرة كبيرة ستصب في مصلحة العمل الثقافي على المستويين المحلي والعالمي.
من جانبه، ذكر د. سيف الجابري، صاحب دار «سيف الجابري» للنشر والتوزيع، أن الشيخة بدور هي صاحبة إسهام ثقافي وفكري مؤثر داخل الإمارات وخارجها، موضحاً أن ذلك العطاء الممتد للشيخة بدور جاء لكونها تنتمي إلى بيت علم ومعرفة، فهي ابنة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، راعي الثقافة وداعمها الأول ليس على مستوى الشارقة والدولة فقط؛ بل وكل العالم العربي، مشيراً إلى أن الشيخة بدور هي أيضاً ابنة الشارقة عاصمة الثقافة العربية والعالمية، والمنارة العظيمة التي تتجه إليها أنظار المثقفين من مختلف بلدان العالم من أدباء وفنانين.
وأوضح الجابري، أن الشيخة بدور، وخلال قيادتها للاتحاد الدولي للنشر، قدمت العديد من الإسهامات الكبيرة والإنجازات الراسخة والمبادرات الرفيعة من أجل خدمة الثقافية العالمية، وقال: ظلت الشيخة بدور تقدم إسهاماتها الجليلة في خدمة المعرفة دون أن تنتظر أي مردود، فقط من أجل ما تؤمن به من رؤى وأهداف، وظلت تلمع كالذهب بأفكارها وثقافتها الرفيعة.
ولفت الجابري، إلى أن الشيخة بدور قد انتخبت لذلك المنصب كأول امرأة عربية، مما يؤكد الحضور الكبير للنساء الإماراتيات والعربيات في ساحة الفعل الفكري العالمي، مشيراً إلى أن الشيخة بدور تستطيع الآن أن توظف خبراتها وتجاربها بعد مغادرتها المنصب في العديد من المناصب الأخرى التي تنتظرها، وفي خدمة المشاريع الثقافية العربية.
يقول الكاتب جمال الشحي مؤسس دار «كتاب للنشر» ومديرها العام: أثبتت الشيخة بدور القاسمي خلال فترة رئاستها للاتحاد الدولي للناشرين قدرة المرأة العربية على الإنجاز والابتكار والقيادة خاصة في صناعة النشر؛ وذلك بشهادة المجتمع الدولي، فقد تبوأت كناشرة إماراتية أهم منصب في عالم النشر وكانت خير ممثل للمرأة الإماراتية والعربية.
ويضيف: لقد كانت مهمة صعبة وتتطلب مهارات قيادية وتنظيمية بعيداً عن أي مجاملة، وقد خاضت الشيخة بدور القاسمي هذه المعركة الثقافية، ونجحت بامتياز كأول امرأة عربية تتولى هذا المنصب، وثاني امرأة تشغله، وكانت على قدر عالٍ من الكفاءة، تكللت في العديد من الإنجازات المشرفة، منها دعم تعافي صناعة النشر ضمن الميثاق الدولي، لتعزيز استدامة ومرونة قطاع النشر.
إضافة نوعية
الدكتورة اليازية خليفة السويدي مؤسس الفُلك للترجمة والنشر، تقول: إنجازات الشيخة بدور القاسمي خلال فترة رئاستها للاتحاد الدولي للناشرين إضافة نوعية ليس على الصعيد المحلي والعربي فحسب؛ بل على الصعيد العالمي أيضاً، كما أثبتت أن المرأة الإماراتية قادرة على تولي أعلى المناصب العالمية، وهذا يفتح آفاقاًَ جديدة للمرأة الإماراتية، لتسعى لإثبات جدارتها عالمياً على خطى الشيخة بدور.
وتضيف: لقد كان لها الفضل في تحريك عجلة صناعة النشر الإماراتية، ونعرف يقيناً أنها ستسعى لاستمرارية نهضة شاملة في الصناعات الإبداعية والمعرفية.
خبرة تراكمية
الشاعر محمد نور الدين مدير دار نبطي للنشر، يقول: كانت هناك روافد عديدة للشيخة بدور القاسمي في مجال النشر، فهي من عائلة تهتم في الكتاب، والدها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، راعي الثقافة والمثقفين والمؤلف المتميز، ومنذ نعومة أظفارها تواكب مسيرة وتطور معرض الشارقة الدولي للكتاب، وهذا رافد مهم وخبرة تراكمية منذ مرحلة طفولتها في هذا الميدان، مما جعلها محبة للكتاب وللنشر، ولاحقاً أسست دار كلمات للنشر، ودخلت معترك القطاع، ثم أسست جمعية الناشرين الإماراتيين، وكانت أول رئيسة لها، وبذلك جمعت الناشرين الإماراتيين تحت راية واحدة، واستطاعت أن تدخلهم في برامج وأنشطة وفعاليات نوعية، ناهيك عن اهتمامها في مجالات أخرى، مثل مشروع قانون النسخ وجمعية النسخ حالياً، وإنشاء مشاريع مهمة تتعلق بالنشر المشترك وغيرها من المبادرات التي كانت تقف خلفها بشكل مباشر، حتى تولت رئاسة الاتحاد الدولي للناشرين، وكانت أول امرأة عربية تصل إلى هذا المنصب، وقد ساهمت بشكل فعّال ومهم ومكثف، لدعم الناشرين على مستوى العالم، وتجميعهم في سياق واحد، فقد كانت جهود الناشرين في اتجاهات مختلفة، وتميزت الشيخة بدور القاسمي أنها حاولت بشكل منظم أن تجمع جهود الجميع وتوجهها في اتجاه واحد، وقد تم ذلك عبر سلسلة من الشراكات المهمة مع مراكز صناعة الكتاب في العالم، ويحسب للشيخة بدور مهنيتها العالية في ممارسة أنشطة النشر سواء داخل الدولة أو خارجها وعلى المستوى الدولي، وقد شهدنا في فترة توليها نقلة نوعية في مستوى الاتحاد الدولي للناشرين على الصعيد العالمي، وقد كانت فترة مميزة جداً، ومن الصعوبة أن تتكرر مرة أخرى، لأنها استطاعت أن تنقل الاتحاد إلى مستوى آخر، ونتمنى للشيخة بدور التوفيق في مسيرتها دائماً، ونحن نخسر الشيخة بدور وهي تبتعد عن مجال النشر، ولكن إيماننا دائماً أنها داعمة وموجودة ومتفاعلة معنا.
التعليقات مغلقة.