«كوب 27» يناقش التعويض عن «أضرار المناخ» للمرة الأولى
وافق المندوبون المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب27»، المنعقد حالياً في شرم الشيخ بمصر أمس، على مناقشة ما إذا كان يجب على الدول الغنية تعويض الدول الفقيرة عن الأضرار التي لحقت بها بسبب تغير المناخ.
وقال سامح شكري رئيس المؤتمر، خلال الجلسة العامة الافتتاحية: «يوجد لأول مرة مساحة مستقرة من الناحية المؤسسية على جدول الأعمال الرسمي لمؤتمر تغير المناخ، واتفاق باريس لمناقشة القضية الملحة المتمثلة في ترتيبات التمويل اللازمة لمعالجة الثغرات الحالية فيما يتعلق بالخسائر والأضرار».
وأضيف هذا البند لجدول أعمال شرم الشيخ أمس، مع وصول زعماء العالم لحضور المؤتمر المقرر أن يستمر حتى 18 الجاري.
ومن المتوقع أن يرتبط الكثير من التوتر في «كوب 27» بالخسائر والأضرار- وهي الأموال التي توفرها الدول الغنية للبلدان ذات الدخل المنخفض والأكثر تأثراً بتبعات تغير المناخ، والتي لا تتحمل أي مسؤولية تذكر عن الانبعاثات التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وكانت الدول الغنية قد عرقلت اقتراحاً بتمويل الخسائر والأضرار خلال مؤتمر «كوب 26» في غلاسكو العام الماضي، وأيدت بدلاً من ذلك دعم إجراء حوار جديد مدته ثلاث سنوات لمناقشات التمويل.
وقال شكري إن مناقشات الخسائر والأضرار المدرجة الآن على جدول الأعمال في «كوب 27» لن تتضمن المسؤولية أو التعويض الملزم، لكنها تهدف إلى أن تؤدي إلى قرار حاسم «في موعد لا يتجاوز 2024».
وأضاف أن «إدراج هذه المناقشات على جدول الأعمال يعكس شعوراً بالتضامن مع ضحايا الكوارث الناجمة عن تغير المناخ».
نداء استغاثة
وفي سياق متصل، أفاد تقرير للأمم المتحدة أمس، بتناول الارتفاع السريع في وتيرة الاحترار العالمي، وأن كلاً من السنوات الثماني الأخيرة، في حال ثبتت التوقعات بشأن عام 2022، ستكون أكثر حراً من أي عام سابق لسنة 2015.
وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تزامناً مع افتتاح مؤتمر الأطراف حول المناخ «كوب 27» في مقطع مصور بث في شرم الشيخ أمس، إلى تسارع وتيرة ارتفاع مستوى مياه البحار، وذوبان الأنهر الجليدية، والأمطار الغزيرة، وموجات الحر والكوارث القاتلة التي تتسبب فيها.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تعليق على التقرير في مقطع مصور بث في شرم الشيخ: «مع انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ كوب 27 يواجه كوكبنا نداء استغاثة»، واصفاً التقرير بأنه «سرد لفوضى مناخية».
وارتفعت حرارة الأرض أكثر من 1.1 درجة مئوية منذ نهاية القرن التاسع عشر، وسجل نصف هذا الاحترار تقريباً في السنوات الثلاثين الأخيرة وفق ما أظهر التقرير.
وعام 2022 بصدد أن يصبح العام الخامس أو السادس الأكثر حراً يسجل حتى الآن، رغم تأثير «إل نينيا» منذ 2020 وهي ظاهرة طبيعية دورية بالمحيط الهادئ تؤدي لخفض حرارة الجو.
وقال المدير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس: «كلما كان الاحترار عالياً تفاقمت التداعيات».
فمياه سطح المحيطات التي تمتص أكثر من 90 في الماء من الحرارة المتراكمة جراء الانبعاثات الناجمة عن النشاط البشري، سجلت مستويات قياسية في 2021، وقد زادت حرارتها بسرعة خصوصاً خلال السنوات العشرين الأخيرة.
وارتفعت أيضاً موجات الحر البحرية مع تداعيات مدمرة على الشعاب المرجانية، وعلى نصف مليار شخص يعتمدون على البحار لتأمين الغذاء وسبل العيش.
وعموما شهدت 55 في المئة من مياه سطح المحيطات موجة حر بحرية واحدة على الأقل في 2022 على ما جاء في التقرير.
وتضاعفت وتيرة ارتفاع مستوى البحار في السنوات الثلاثين الأخيرة، بسبب ذوبان الأنهر والصفائح الجليدية، ما يهدد عشرات ملايين الأشخاص الذي يعيشون في مناطق ساحلية خفيضة.
وذكر مايك ميريديث كبير العلماء في بريتيش انتركتيك سورفي، أن «الرسائل الواردة في هذا التقرير لا يمكن أن تكون أكثر قتامة»
مستويات قياسية
وأضاف: «في كل أرجاء كوكب الأرض تحطمت مستويات قياسية في حين أن أجزاء مختلفة من منظومة المناخ تنهار».
فقد بلغت غازات الدفيئة المسؤولة عن أكثر من 95 في المئة من الاحترار الحاصل، مستويات قياسية مع تحقيق غاز الميثان أكبر قفزة تسجل خلال عام بحسب التقرير السنوي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية حول وضع المناخ العالمي.
في عام 2022 عاثت سلسلة من الظواهر المناخية القصوى التي فاقمها التغير المناخي، فساداً في مجتمعات مختلفة عبر العالم.
فقد تلت موجة حر استمرت شهرين في جنوب آسيا في مارس وأبريل، فيضانات في باكستان غمرت ثلث مساحة البلاد. وقضى فيها ما لا يقل عن 1700 شخص وتشرد ثمانية ملايين.
في شرق إفريقيا انحسرت المتساقطات دون المعدل لأربعة مواسم أمطار متتالية، وهي الأطول في 40 عاماً، ويتوقع أن يساهم عام 2022 في مفاقمة الجفاف.
وشهدت الصين أطول موجة حر تسجل حتى الآن وأكثرها شدة، وثاني أكثر فصول الصيف جفافاً.
وأدى تراجع مستوى المياه إلى اضطرابات الحركة التجارية أو هددها على نهر يانغستي في الصين، وعلى نهر المسيسيبي في الولايات المتحدة والكثير من الأنهر الرئيسية في أوروبا التي عانت أيضاً من موجات حر متكررة.
وعانت الدول الفقيرة التي تحمل أقل قدر مسؤولية في التغير المناخي، أكثر من غيرها بسبب هشاشتها حيال تداعيات الوضع.
وأوضح تالاس: «لكن حتى المجتمعات المستعدة جداً لحقت بها أضرار كبيرة جراء ظواهر قصوى كما تبين من موجات الحر المطولة والجفاف في أجزاء واسعة من أوروبا وجنوب الصين».
في جبال الألب الأوروبية حُطمت الأرقام القياسية في ذوبان الأنهر الجليدية في 2022 مع تراجع في معدل السماكة يراوح بين 3 وأكثر من أربعة أمتار، وهو الأعلى حتى الآن.
وقال ديف ريي رئيس معهد التغير المناخي في جامعة ادنبره: «لو كان لا بد من شطب سنة تمثل عدم التحرك على صعيد المناخ فهي 2022»، مؤكداً أن «أمام العالم مهمة جبارة في الحد من الأضرار».
التعليقات مغلقة.