الجزائر تعلن قطع علاقتها الدبلوماسية مع المغرب.. وتسحب سفيرها من العاصمة الرباط
أعلنت الجزائر، الثلاثاء، قطع العلاقات الديبلوماسية مع المغرب، وسحب سفيرها من العاصمة الرباط، بعد توتر في العلاقات بين البلدين ازداد بشكل كبير مؤخرا، بينما اتهم وزير الخارجية الجزائري المغرب بـ”شن حملة إعلامية دنيئة” ضد بلاده، و”التعاون مع منظمات إرهابية”، و”التجسس على مواطنين ومسؤولين جزائريين”، و”التخلي عن التعهدات بشأن الصحراء الغربية”.
وقال وزير الخارجية الجزائري، رمطان العمامرة، في مؤتمر صحفي إن بلاده “ترفض الخضوع لسلوكيات وأفعال من المغرب وتدينها بقوة”.
وخلال كلمة مطولة، قال العمامرة إن بلاده تعرضت إلى “حرب إعلامية دنيئة وواسعة”، من قبل “أجهزة الأمن والدعاية المغربية”، التي لا تتردد في “نسج سيناريوهات خيالية وخلق الإشاعات ونشر معلومات مغرضة”.
وأضاف العمامرة، الذي كان يسرد أسباب القرار إن “أحد المفوضين المغربيين قام بانحراف خطير جدا من خلال التطرق لما سماه حق تحرير المصير لشعب القبائل (الجزائري) الشجاع”.
وأكد العمامرة أن بلاده بينت “ضبط نفس” في مواجهة “الاستفزاز الذي بلغ ذروته”، من خلال المطالبة بتوضيح من السلطات المغربية المختصة، إلا أن “صمت الجانب المغربي في هذا الصدد والذي يستمر منذ 16 يوليو يعكس بوضوح الدعم السياسي من أعلى سلطة مغربية لهذا الفعل”.
واتهم وزير الخارجية الجزائري المغرب بـ”بالتعاون مع المنظمتين الإرهابيتين المدعوتين الماك ورشاد، اللتين ثبت ضلوعهما في الجرائم الشنيعة المرتبطة بالحرائق المهولة التي شهدتها عدد من ولايات الجمهورية مؤخرا، الى جانب عملية التعذيب والقتل الهمجي الذي راح ضحيته المواطن جمال بن إسماعيل”.
وتطرق العمامرة كذلك إلى “الفضيحة التي لا تقل خطورة عن سابقتها والمتعلقة ببرنامج بيغاسوس التي كشفت بما لايدع مجالا للشك عمليات التجسس الكثيفة التي تعرض لها مواطنون ومسؤولون جزائريون من قبل أجهزة الاستخبارات المغربية مستعملة هذه التكنولوجيا الإسرائيلية”.
وكان تحقيق نشرته في الآونة الأخيرة 17 وسيلة إعلاميّة دوليّة قد أظهر أنّ برنامج “بيغاسوس” الذي طوّرته شركة “إن إس أو” الإسرائيليّة سمح بالتجسّس على ما لا يقلّ عن 180 صحافيًا و600 شخصيّة سياسيّة و85 ناشطًا حقوقيًا و65 صاحب شركة في دول عدّة.
وكذّبت الحكومة المغربيّة ما وصفتها “بالادّعاءات الزائفة” حول استخدام أجهزتها الأمنيّة برنامج “بيغاسوس” للتجسّس. ودافعت الحكومة المغربيّة عن نفسها، نافية امتلاك “برمجيّات معلوماتيّة لاختراق أجهزة اتّصال”.
كما اتهم العمامرة المغرب بـ”التخلي بصفة خطيرة وممنهجة بشكل كلي أو جزئي عن الالتزامات الأساسية التي تشكل القاعدة الأساسية والأرضية المرجعية التي تقوم عليها عملية تطبيع العلاقات بين البلدين”، بعد عودة العلاقات بينهما عام 1988.
وقال العمامرة إن المغرب “جعل من ترابه الوطني قاعدة خلفية ورقبة للتخطيط والتنظيم والدعم سلسلة من الاعتداءات الخطيرة والممنهجة ضد الجزائر”، مضيفا أن “آخر هذه الأعمال العدائية تمثل في الاتهامات الباطلة والتهديدات الضمنية التي أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي خلال زيارة رسمية للمغرب بحضور نظيره المغربي الذي من الواضح انه كان المحرض الرئيسي لمثل هذه التصريحات”، على حد تعبير الوزير الجزائري.
وأضاف: “منذ عام 1948 لم يسمع أي عضو في حكومة إسرائيلية يصدر عنه أحكام أو يوجه شخصيا رسائل عدوانية من أراضي دولة عربية ضد دولة عربية أخرى مجاورة”، مضيفا أن “هذا الأمر (الذي) يتعارض مع كل الأعراف وكل الاتفاقات الجزائرية المغربية”، يدل بوضوح على “العداء الشديد والاندفاع المتهور دون أدنى قيد أو حدود”.
وقال الوزير الجزائري إن قيام السلطات المغربية بـ”منح موطئ قدم لقوات أجنبية في المنطقة المغاربية وتحريض ممثلها على الإدلاء بتصريحات كاذبة وكيدية يشكل عملا خطيرا وغير مسؤول ينتهك احكام المادة 5 من معاهدة الاخوة وحسن الجوار والتعاون المبرمة بين البلدين فضلا عن كونه يتنافى تماما مع الالتزامات التي تم التعهد بها بموجب البيان (التطبيعي) بينهما”.
كما ذكر العمامرة بما يعتبره “فرض إجراءات تعسفية” على منح تأشيرة الدخول المغربية للجزائريين أو الأجانب من أصل جزائري بعد العملية “الإرهابية” التي شهدتها مدينة مراكش المغربية عام 1994، والتي “اتضح لاحقا إنها من فعل شبكة إرهابية مغربية وأجنبية لاعلاقة لها مطلقا بالجزائر”.
وقال إن القضاء المغربي “كيف زورا” قضية “انتهاك حرمة مقر القنصلية العامة الجزائرية” في نوفمبر من عام 2018 إلى قضية “انتهاك ملكية خاصة” وحكم على من قام بهذا الفعل بـ”السجن شهرين مع وقف التنفيذ”.
وأيضا، اتهم العمامرة المغرب بالتخلي عن “التعهد الرسمي الذي التزم به الملك الحسن الثاني بخصوص الالتزام بتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية”.
توتر مستمر بالعلاقات
وكانت الجزائر أعلنت، الأسبوع الماضي، “إعادة النظر” في علاقاتها مع المغرب الذي اتهمته بالتورط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمالي البلاد، وفق بيان صدر عن الرئاسة الجزائرية.
وقال البيان وقتها إن “الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضد الجزائر (تطلبت) إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية”، وفق البيان الذي نقلته وكالة الأنباء الجزائرية.
وجاء القرار الجزائري بعد اجتماع للمجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون.
واتهم المجلس المغرب وإسرائيل بتقديم الدعم لحركة “ماك”، المطالبة باستقلال منطقة القبائل في البلاد.
وكان ملك المغرب، محمد السادس، ندد في 20 أغسطس الجاري، في خطاب، مساء الجمعة، بـ”عملية عدوانية مقصودة” ضد بلاده “من طرف أعداء الوحدة الترابية”، دون أن يسميهم.
وقال إن “المغرب يتعرض، على غرار بعض دول اتحاد المغرب العربي، لعملية عدوانية مقصودة” من طرف “أعداء الوحدة الترابية الذين ينطلقون من مواقف متجاوزة ولا يريدون أن يبقى المغرب حرا، قويا ومؤثرا”.
وأضاف أنه “يوجد قليل من الدول، خاصة الأوروبية، التي تُعد للأسف من الشركاء التقليديين، تخاف على مصالحها الاقتصادية وعلى أسواقها ومراكز نفوذها بالمنطقة المغاربية”.
وعبّر الملك عن الأمل في “إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار”، متحدثا خصوصا عن إسبانيا وفرنسا في هذا الخطاب الذي وجهه إلى الأمة لمناسبة الذكرى الثامنة والستين لثورة الملك والشعب.
وكانت الرباط أعلنت قبل نحو عشرة أيام استعدادها لمساعدة جارتها “بمجرد موافقتها” على مكافحة الحرائق.
ومنذ عقود يسود التوتر العلاقات الثنائية بين الجارين بسبب دعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية في حين يعدّها المغرب جزءاً لا يتجزأ من أرضه ويعرض منحها حكما ذاتيا تحت سيادته.
وفي الأول من أغسطس، دعا الملك محمد السادس الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى “تغليب منطق الحكمة” والعمل على تطوير العلاقات .
التعليقات مغلقة.