تغريدات إيلون ماسك رائد الأعمال العالمي تحرك الأسواق.. والمستثمرون قلقون
لا يكاد يتوقف رائد الأعمال العالمي الأشهر، إيلون ماسك، مؤسس شركة «تسلا» لتصنيع السيارات الكهربائية، وأغنى شخص في العالم، عن التغريد عبر حسابه الشخصي عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي.
وتتضمن العديد من هذه التغريدات تعليقات وآراء شخصية لماسك في أداء أسهم الشركات المختلفة في البورصات العالمية، وغالباً ما تؤدي إلى تحريك البورصات وتغيير أداء الأسهم صعوداً أو هبوطاً.
ولا يقتصر تأثير نشاط ماسك عبر «تويتر» على التغريدات فحسب، وإنما يمتد التأثير ليشمل كل ما يقوم به ماسك على الموقع الشهير، حتى إن قام بتغيير صورة حسابه الشخصي أو حتى سيرته الذاتية على الموقع.
وهذا تحديداً ما حدث أول من أمس، بحسب ما نشرته شبكة «سي إن بي سي» الأمريكية، عندما غيَّر ماسك سيرته الذاتية المنشورة على حسابه الشخصي عبر الموقع، وجعلها كالتالي: «#بتكوين»، في إشارة إلى دعمه لعملة «بتكوين» المشفَّرة التي تُعد أبرز وأشهر العملات الرقمية على مستوى العالم وأقواها وأعلاها قيمة على الإطلاق.
وكانت نتيجة هذا التغيير أن سعر «بتكوين» قفز في تداولات اليوم نفسه بنسبة هائلة بلغت 20% ليستقر عند 38.566 دولاراً.
وقبل هذه الواقعة بأقل من 24 ساعة، غرد ماسك قائلاً إن السيارة الكهربائية «موديل إس بليد» من إنتاج شركته «تسلا» ستتيح لركابها مزولة لعبة الفيديو «سايبر بانك 2077» أثناء القيادة، ما أدى إلى ارتفاع أسهم شركة «سي دي بروجيكت» التي تطور اللعبة بنسبة تجاوزت 12% في اليوم نفسه.
وبعد ذلك بساعات قليلة، غرَّد ماسك واصفاً «سايبر بانك 2077» بأنها «لعبة عظيمة».
وفي يوم الثلاثاء الماضي، تسببت تغريدات ماسك في ارتفاع جنوني في سهم شركة «جيمستوب» لألعاب الفيديو.
وكان كل ما كتبه ماسك في تغريدته هو كلمة «Gamestonk»، وهي لفظ مُرَكَّب يجمع بين اسم شركة «جيمستوب» وكلمة «stoncks»، وهي نطق أمريكي دارج للفظ «stonks» يعني أسهماً.
وتعني الكلمة التي كتبها ماسك في تغريدته ببساطة أنه يوصي المستثمرين في البورصات بشراء أسهم «جيمستوب»، وهو ما قد كان بالفعل، حيث أقبل المستثمرون على التداول في سهم الشركة بجنون حتى تجاوزت قيمتها السوقية 10 مليارات دولار في غضون ساعات قليلة من التداول.
وأدى ذلك إلى توقف بعض تطبيقات التداول في البورصة للمبتدئين عن التداول في سهم «جيمستوب»، فتراجع على نحو دراماتيكي خلال الأيام التالية، وبات بعض المستثمرين الآن عُرضة لخسارة أموال طائلة أنفقوها في شراء سهم الشركة، إذا ما واصل تراجعه الحاد.
وبعد بضع ساعات من واقعة «جيمستوب»، غرد ماسك مجدداً، ولكن هذه المرة عن شركة «اتسي» للتجارة الإلكترونية، وكتب في تغريدته: «أنا أحب اتسي»، فسرعان ما قفز سهم الشركة بنسبة 9%.
وحيال هذا التأثير المتنامي لتغريدات ماسك في أداء الأسواق، بدأ بعض المستثمرون يشعرون بالقلق، ومنهم من طالب الجهات التنظيمية المعنية بالتدخل في الأمر.
وقال دان لين، محلل أداء الأسواق لدى شركة «فري تريد» البريطانية للتقنية المالية: «ثمة مفارقة غريبة في قدرة ماسك على تحريك الأسواق، بينما هو نفسه يهاجم ما يراه قوى غير طبيعية تؤثر في الأسواق من خلال بيع الأسهم على المكشوف».
وأضاف لين: «ربما يكون هذا هو الوقت المناسب الذي نناقش فيه مدى مشروعية هذه الممارسات».
وبدوره، قال فينسنت فلود، المذيع في مدونة «فيديوويك» المهتمة بسوق الإعلانات: «تغريدات ماسك لها عواقب مدمرة للمستثمرين الصغار، بينما هو وأصدقائه يُثرون أنفسهم على حساب الضحايا».
وقال ريتش بليث، رائد الأعمال والخبير التقني في لندن: «يستطيع ماسك أن يُثرِي نفسه بتغريدة واحدة. إنه مبتكر، لكن هذا لا يعني أنه فوق القانون».
ورفضت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية وكذلك بورصة نيويورك طلب «سي إن بي سي» التعليق على الموضوع، كما لم تعلِّق «بورصة ناسداك» أو ممثل ماسك نفسه.
وكان ماسك قد واجه عدة مشكلات في السابق بسبب تغريداته مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، من أبرزها المشكلة التي وقعت في عام 2018، عندما غرد قائلاً إنه يرغب في طرح أسهم «تسلا» في البورصة بسعر 420 دولاراً للسهم، وأن لديه التمويل الكافي ليفعل ذلك.
وفرضت الهيئة على كلٍّ من ماسك و«تسلا» سداد غرامة قيمتها 20 مليون دولار لتسوية القضية.
وعلاوة على ذلك، بات ماسك منذ تلك الواقعة ملزَماً بتقديم بياناته العامة عن تمويل «تسلا» إلى المجلس القانوني المسؤول عن الشركة وذلك للمراجعة.
كما دوَّن ماسك، العام الماضي، تغريدته الشهيرة سيئة السمعة التي كتب فيها أن سهم «تسلا» مُقَوَّم بأعلى من قيمته كثيراً، ما أدى إلى انخفاض سعر السهم على الفور بما يتجاوز 10%، وإن كان قد عَوّض هذه الخسائر، بل فاقها في غضون أسبوع واحد.
وقال لين: «لا يتعين على الجهات التنظيمية المعنية التصدي للأمر فحسب، وإنما ينبغي عليهم تفعيل القواعد على نحو استباقي وتوضيح ما هو مقبول من عدمه».
وأضاف: «الحقيقة الآن أن ثمة نوعية جديدة من رؤساء الشركات ذوي الشخصيات الجذابة تمتلك منصة جماهيرية ولم يعد مكان تواجدها مقصوراً على غرف اجتماعات مجالس الإدارة. وعلى الجهات التنظيمية أن تحدد كيفية التعامل مع هذه الحقيقة، لكنها في النهاية هي التي ستتحمل عبء عدم التعامل».
التعليقات مغلقة.