بعد عام على الحراك الشعبي.. انتصارات الشارع اللبناني باقية رغم تصلب السلطة والأزمات
بعد عام من تحركات شعبية غير مسبوقة، خرج خلالها لبنانيون غاضبون إلى الشوارع مطالبين برحيل الطبقة السياسية، تغيب حالياً حماسة التظاهرات الأولى، ولكنها لم تذهب هباء. فخلال سنة واحدة، أُسقطت حكومتان وكُسرت محرّمات وتحققت انتصارات نقابية ومبادرات مدنية.
وفي 17 أكتوبر 2019، خرج مئات آلاف اللبنانيين إلى شوارع بيروت والجنوب والشمال والبقاع، ضاربين عرض الحائط الانتماءات الطائفية والحزبية وغير آبهين بزعيم أو قيادي. ورفع المتظاهرون أصواتهم عالياً في وجه الطبقة السياسية مجتمعة، وطالبوا برحيلها متهمين إياها بالفساد.
ودفعت التظاهرات حكومة سعد الحريري إلى الاستقالة، قبل أن تتراجع وتيرتها مع تشكيل حكومة جديدة مطلع العام، ضمّت اختصاصيين سمّتهم أحزاب سياسية معينة، من دون أن تنجح في تحقيق التطلعات، فقدّمت استقالتها بعد انفجار المرفأ المروّع في 4 أغسطس.
وساهمت عوامل أخرى في تراجع الحراك الشعبي وغيابه تماماً، من انتشار فيروس كورونا المستجد إلى قمع القوى الأمنية لتحركات عدة تخللتها أعمال شغب، ثم انهماك اللبنانيين في تأمين لقمة العيش، أمام الانهيار الاقتصادي المتسارع.
ومع أن التظاهرات توقّفت، إلا أنّ مفاعيلها مستمرة، إذ يخشى سياسيون كثر من وزراء ونواب التواجد في الأماكن العامة، بعد اعتراض متظاهرين لعدد منهم، وإطلاق هتافات مناوئة لهم دفعتهم غالباً إلى المغادرة.
ويقول الباحث وأستاذ العلوم السياسية في باريس زياد ماجد: «يخشون استهدافهم من المتظاهرين، فاختفوا، ويخشون أن يتم ربط أسمائهم بالفساد».
وبعد انفجار المرفأ، الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص، لم يجرؤ أي مسؤول رفيع المستوى على تفقد الأضرار خشية من ردّ فعل الأهالي. وحين تعهّد المجتمع الدولي خلال مؤتمر نظمته فرنسا بتوفير مساعدات للبنان بعد الانفجار، قرر تقديمها مباشرة إلى الشعب اللبناني عبر منظمات المجتمع المدني، من دون المرور بالمؤسسات الرسمية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد.
وخلال عام، أقرّ مجلس النواب قانونين لمكافحة الفساد، في محاولة من الأحزاب السياسية لتهدئة الشارع من جهة وإرضاء المجتمع الدولي، الذي يطالب لبنان بإجراء إصلاحات ضرورية للحصول على دعم مالي يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي.
التعليقات مغلقة.