اكتشاف أسرع نجم على الإطلاق في مجرة درب التبانة
يوجد في مركز مجرتنا منطقة الرامي أ*، وهي عبارة عن ثقب أسود ضخم تبلغ كتلته نحو 4 ملايين ضعف كتلة شمسنا.
ونظرا لكونها كبيرة جدا، فإن آثارها الثقالية شديدة ويمكن اكتشافها من خلال النظر إلى النجوم في جوارها المباشر.
وتدور منطقة الرامي أ* (Sagittarius A *) حول عدد قليل من النجوم (وبعض الأشياء الغامضة)، محبوسة في مسافتين كونيتين مع الوحش غير المرئي (الثقب الأسود)، تتحرك بسرعات تذهل العقل.
واكتشف علماء الفلك للتو أسرع مجموعة من النجوم، حيث سجلوا سرعتها الأقصى حول منطقة الرامي أ* بنسبة 8% من سرعة الضوء.
وفحصت دراسة، نُشرت في مجلة The Astrophysics Journal يوم الثلاثاء، المنطقة المحيطة بمنطقة الرامي أ*، بحثا عن علامات توقيع النجوم.
واكتشف بحث سابق عشرات النجوم تتحرك حول الثقب الأسود الهائل في مدارات غير عادية للغاية. وتُعرف هذه المجموعة من النجوم مجتمعة بالنجوم S وبعضها يدور بالقرب من الثقب الأسود بشكل لا يصدق، ما يجعل من الصعب اكتشافها.
ولكن فريق البحث، باستخدام أدوات مثبتة في التلسكوب الكبير جدا في المرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي، بحث في الصور الملتقطة بين عامي 2004 و2016، مضيفا خمس نجوم جديدة، وهي: S4711، وS4712، وS4713، وS4714، وS4715، وتتبعوا تحركاتهم حول منطقة الرامي أ*.
وتظهر نتائجهم المزيد من الأدلة على أن مجموعة متميزة من النجوم تدور حول منطقة الرامي أ* على مسافات مماثلة لحجم نظامنا الشمسي.
ولأنهم قريبون جدا من الهاوية المرعبة التي لا نهاية لها في وسط مجرة درب التبانة، فإنهم مطلعون على بعض الفيزياء المتطرفة.
وكان فلوريان بيسكر، عالم الفلك بجامعة كولونيا في ألمانيا، وفريقه، يدرسون منطقة الفضاء القريبة من الثقب الأسود بشكل مكثف. وفي يناير، أبلغوا عن ملاحظات للنجم S62. وكشفت ملاحظاتهم، التي نُشرت في مجلة الفيزياء الفلكية، أن S62 كان يدور حول الثقب الأسود مرة كل 9.9 سنوات، ما يمنحه أقصر فترة مدارية ويجعله أسرع نجم يندفع حول الثقب الأسود لمجرة درب التبانة، وتصل سرعته إلى 20 ألف كم في الثانية (12400 ميل في الثانية)، أو 6.7 بالمائة من سرعة الضوء.
لكن البيانات الجديدة أظهرت أن S62 يسقط كلا من سجلاته.
ووفقا لـ The Astronomer’s Telegram، يدور أحد النجوم المكتشفة حديثا، والمسمى S4711 ، حول الثقب الأسود لمجرة درب التبانة مرة كل 7.6 سنوات، مؤكدا الرقم القياسي لأقصر فترة مدارية.
وفي رحلته المدارية، تصل سرعة S4714 إلى حوالي 8% من سرعة الضوء، وهي سرعة مذهلة تبلغ 24 الف كم في الثانية (15000 ميل في الثانية). لكن هذا ليس أكثر شيء مدهش.
ويعد S4714 مجرد واحد من مجموعة النجوم التي تم اكتشافها الآن والتي تقوم بقشط منطقة الرامي أ*، في مدارات أقرب من أي نجوم أخرى تم اكتشافها سابقا.
ولا يشير هذا الاكتشاف فقط إلى وجود المزيد من النجوم في مدارات جريئة حول الثقب الأسود الهائل لمجرتنا، بل أعطانا المرشحين الأوائل لنوع من النجوم تم اقتراحه في الأصل منذ ما يقرب من 20 عاما، تلك التي تقترب جدا من ثقب أسود، ويتم “الضغط عليها” بفعل قوى المد والجزر. وتُعرف باسم squeezars.
وقد تكون المنطقة الواقعة في مركز مجرة درب التبانة هادئة مقارنة بمراكز المجرات الأكثر نشاطا، ولكن حتى البيئة المحيطة بالثقب الأسود الهائل الهادئ يمكن أن تصبح جامحة جدا.
ويوضح بيسكر: “ما زلنا في طور فهم كيفية تغذية الثقب الأسود وتكوين النجوم القريبة من ثقب أسود فائق الكتلة”.
ويعتقد الفريق أن تحليل البيانات المحسن يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التبصر في الفضاء حول منطقة الرامي أ*، ويتوقعون اكتشاف المزيد من النجوم في مدارات ضيقة للغاية في “المستقبل القريب”. وسوف يجمع التلسكوب الكبير للغاية (The Extremely Large Telescope)، الذي من المتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2025، نحو 13 مرة من الضوء أكثر من أي تلسكوب بصري يعمل اليوم. وحتى ذلك الحين، يصبح S4714 هو النجم الأسرع والأكثر “غضبا” الذي نعرفه في مركز مجرتنا.
التعليقات مغلقة.