فيروس كورونا: هل تصبح الهند بؤرة الوباء المقبلة؟
بعد مرور 6 أشهر فقط من الكشف عن أول حالة إصابة مؤكدة بكوفيد 19، تفشى فيروس كورونا في الهند ببطء، لتحتل المركز الثالث بين الدول التي سجلت أعلى عدد للإصابات في العالم.
وقد تنتهي الهند إلى أن تكون بؤرة أو نقطة ساخنة لتفشي الفيروس في العالم، فهي البلد الذي يضم ثاني أكبر عدد للسكان في العالم، ويعيش معظمهم في مدن مكتظة ومزدحمة.
ورجح خبراء أن البيانات الخاصة بعدد حالات الإصابة مشكوك فيها، لأن الهند لا تجري ما يكفي من فحوص الكشف عن الإصابة بالفيروس، كما أن معدل الوفيات المنخفض بشكل غير معتاد قد حيّر العلماء وأربكهم.
نستعرض هنا 3أشياء نعرفها عن انتشار فيروس كورونا في الهند:
الهند لا تجري فحوص كشفٍ كافية
إن عدد حالات الإصابة المسجلة رسميا في الهند مرتفع للغاية كأرقام إصابة خالصة، لكنه منخفض بحساب النسبة الى عدد السكان، أي نسبة الإصابة بالنسبة للفرد الواحد. ويبلغ متوسط عدد الحالات في العالم ثلاثة أضعاف نصيب الفرد في الهند، وهي حقيقة أشارت إليها الحكومة مؤخراً.
ولكن، بحسب دكتور جميل ، يعود سبب نسبة نصيب الفرد المنخفضة في الهند ببساطة إلى أن البلاد لا تجري فحوص كشف عن المرض كافية.
وإذا قمت بمقارنة الهند بالدول التي لديها عدد كبير من حالات الإصابة قياسا إلى عدد السكان، فستجد أن تلك البلدان تجري فحوص كشف أكثر من ذلك بكثير.
فعدد حالات الإصابة في الهند تبدو غير مرئية تقريبا ضمن هذا المقياس لأن معدل إجراء فحوص الكشف منخفض جداً. ولكن الأمر لا يتعلق بعدد الأشخاص الذين تفحصهم فقط بل ومن هم هؤلاء الأشخاص الذين تفحصهم أيضاً.
إن تركيز الهند على فحص الكشف عن الإصابة وتتبع صلات المصابين في وقت مبكر اقتصر على أولئك الأكثر عرضة للخطر والمتصلين بهم، وقد امتنتعت عن التوسع في ذلك ليشمل عموم السكان.
وقال كل من هيمانشو تياجي وأديتيا جوبالان، وهما عالمان في الرياضيات درسا استراتيجيات فحوص الكشف عن كوفيد-19 : “إن استراتيجية الفحص والتتبع غير كافية ما أن تبدأ العدوى في الانتشار بسرعة، فذلك يساعد في احتواء الوباء ولكنه لا يكتشف حالات جديدة غير مكتشفة في المجتمع. ولتحقيق ذلك، يجب على الهند إجراء اختبارات لعدد أكبر من الناس”.
حالات الإصابة بالفيروس تتزايد بشكل سريع في الهند
شهدت الهند مؤخرا سلسلة من ارتفاعات غير مسبوقة في حالات الإصابة، إذ تُضاف عشرات الآلاف من الحالات يومياً. وسجل معظم الحالات المؤكدة في شهر يونيو/حزيران، وخلال أسابيع من إعادة افتتاح مرافق الحياة العامة في أعقاب إجراءات إغلاق عام صارمة.
وفي الثامن من يوليو/تموز، سجلت الهند 742,417 حالة إصابة مؤكدة.
بيد أن النسبة الحقيقية لمعدل الإصابة بين السكان تظل غير واضحة، بحسب العالم المختص بالفيروسات، شهيد جميل.
لقد أجرت الحكومة فحوصا لعينة عشوائية مكونة من 26 ألف شخص في مايو/أيار، وقد أظهرت نتائجها أن 0.73 في المئة منهم كانوا مصابين بالفيروس.
وأبدى بعض الخبراء تحفظات بشأن حجم العينة، لكن آخرين مثل دكتور جميل، يقولون إنه المؤشر الوحيد المتوفر والذي يقدم صورة واسعة النطاق على مستوى البلاد الذي ينبغي عليهم العمل ضمنه.
وأضاف: “لو استخدمنا هذا المؤشر لاستنباط عدد الإصابات لدى عموم سكان البلاد، لتوصلنا إلى أنه كان عدد حالات الإصابة في منتصف مايو/أيار 10 ملايين حالة”.
وعند الأخذ بنظر الاعتبار أن حالات الإصابة المؤكدة في الهند تتضاعف كل 20 يوماً، فمن المفترض أن يصل عدد الإصابات الإجمالي الحالي بين 30 و 40 مليوناً.
وثمة فجوة بين الحالات المؤكدة والعدوى الفعلية في كل بلد ولكنها تتباين بدرجات متفاوتة. وإجراء فحوص الكشف عن الإصابة بالفيروس هو الطريق الوحيد لتجسير هذه الفجوة، بحسب دكتور جميل الذي يقول : “إذا أجريت فحوصا أكثر فستكشف المزيد من الإصابات”.
وهذا ما حدث في الهند في الأسابيع الأخيرة، مع تكثيف الحكومة لإجراءات فحص كشف الإصابة بالفيروس، ازدادت أعداد الحالات المؤكدة فجأة.
وأجرت الهند أكثر من 10 ملايين فحص منذ 13 مارس/آذار، لكن أكثر من نصف هذه الفحوص حدث بعد الأول من يونيو/حزيران.
لكن كيف لنا أن نعرف من يجب إجراء الاختبار لهم؟
إن مقارنة أعداد فحوص الكشف التي تجرى بين الدول أمر صعب نسبيا لأن بعض الدول يحصي عدد الأشخاص الذين خصعوا لفحوص الكشف، بينما يحصي البعض الآخر عدد فحوص الكشف التي أجراها.
وتقوم الهند بالأمر الأخير، وهذا الرقم مبالغ فيه قليلاً لأن معظم الناس يخضعون للفحص أكثر من مرة.
لذلك، يفضل العلماء بدلاً من ذلك إحصاء عدد الفحوص التي يقومون بها لكشف حالة مؤكدة واحدة. فكلما زادت فحوص الكشف، كلما زادت قدرتك على تحديد رقم أدق لصافي عدد الاصابات. وتعد الهند ضعيفة من هذه الناحية مقارنة بالدول التي تمكنت من السيطرة على انتشار الفيروس. فكلما اجريت فحوص الكشف على نطاق أوسع، ينخفض معدل حالات الإصابة، وهذا هو السبب في أن لدى كل من نيوزيلندا وتايوان معدلات أقل بكثير من واحد في المئة.
التعليقات مغلقة.