وكالة ستاندرد آند بورز تؤكد قوة ومتانة اقتصاد دبي
أكد تقرير لوكالة «ستاندرد آند بورز» قوة اقتصاد دبي ومتانته، مشددا على أن دبي ظلت محصنة ضد الضغوط الخارجية الناجمة عن تباطؤ الاقتصاد العالمي، ما يعكس القوة التي أظهرتها خلال الجائحة.
وقالت الوكالة: تستفيد دبي من اقتصادها المتنوع، وقد كان أداؤها جيداً منذ الجائحة رغم التضخم، الذي يبقى رغم ذلك أقل من المتوسط العالمي. وتتوقع الوكالة أن يحقق النمو الاقتصادي في دبي متوسطاً قوياً، بواقع 3 % خلال 2023 ــ 2024. وبدعم من الأداء الاقتصادي القوي، من المرجح أن يتعزز الوضع المالي للحكومة وستستمر الديون في التراجع كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
زخم مستمر
وتتوقع الوكالة أن يؤدي استمرار الزخم القوي في قطاعات الضيافة، والجملة والتجزئة، والخدمات المالية إلى دعم النمو في 2024 ــ 2025. وقد ارتفع عدد السكان بنسبة تزيد على 2 % ليصل إلى 3.6 ملايين نسمة، وفقاً لمركز دبي للإحصاء (البيانات كما في سبتمبر 2023). كما تشهد أعداد الزوار الدوليين مزيداً من التعافي.
وتعامل مطار دبي الدولي مع أكثر من 41 مليون مسافر في النصف الأول من عام 2023، متجاوزاً مستويات عام 2019. وتسير دبي بوتيرة ستمكنها من الوصول إلى 17 مليون زائر سنوياً، ما يعني أنها ستحقق تعافياً كاملاً في غضون ثلاث سنوات فقط.
قطاع العقارات
كما أكد تقرير الوكالة مواصلة قطاع العقارات في دبي مخالفة الاتجاهات العالمية المتراجعة، مشيراً إلى أنه منذ عام 2021 ارتفعت أسعار العقارات بمعدلات مكونة من رقمين سنوياً، مقتربةً من الذروات السابقة، في حين وصلت مبيعات العقارات على المخطط أيضاً إلى مستويات قياسية.
وأضاف التقرير أن التوليد القوي أسهم في تعزيز السيولة ومقاييس الائتمان لدى المطورين، ما أتاح لهم المجال لتحمل التحول في اتجاه الدورة الاقتصادية.
ولفت إلى أنه من أسباب انتعاش السوق في دبي ارتفاع الطلب الخارجي، فقد ساعد المستثمرون الأجانب، بما في ذلك الأفراد الأثرياء، في الحفاظ على الطلب القوي، لا سيما الطلب على العقارات المميزة. وتتناقض المبيعات القوية على المخطط في عام 2023 مع التوقعات السابقة للوكالة بأن السوق سيستقر.
أسعار العقارات
وتتوقع الوكالة أن ترتفع الأسعار بنسبة تتراوح بين 15 – 18 % في عام 2023، وبنسبة تتراوح بين 5 – 7% في عام 2024. وبحسب تقارير، تجاوزت أسعار الفلل مستويات الذروة السابقة، كما أن أسعار الشقق تقترب من ذروتها السابقة.
وسيشهد المطورون دفقاً نقدياً قوياً وأرباحاً أعلى قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين. وهذا سيدعم أكثر عملية تقليص الديون وبناء هامش للتصحيح الدوري التالي. وقد تحول ميزان القوى لصالح المطورين خلال السنوات القليلة الماضية. ولذلك، تعتقد الوكالة أن جودة الائتمان لديهم ستكون أكثر مرونة، فيما إذا حدث انخفاض في الأسعار أو تراجع عدد المعاملات.
وقد نجح المطورون في تحسين تحصيلاتهم النقدية. ويستطيع المطورون الراسخون تحصيل 100 % من النقد عند تسليم الوحدات، ونتوقع أن تظل التحصيلات النقدية أعلى من المستويات التاريخية بسبب:
– التدفق المستدام للأقساط المدفوعة سلفاً على مبيعات المشاريع الجديدة قيد الإنجاز.
– التحصيل الأسرع في المشاريع الأخيرة.
– التحصيلات المتبقية على المشاريع القديمة.
وإجمالاً، أصبح المطورون الآن قادرين على تقليل المخاطر في مشاريع البناء بوتيرة أسرع بكثير، وتغطية تكاليف البناء في غضون 18 ــ 24 شهراً من التحصيل أو بوتيرة أسرع لدى البعض.
وتوفر الإيرادات الكبيرة المتراكمة للمطورين رؤية جيدة للعامين المقبلين، حيث تغطي عادةً نحو 80 % من الإيرادات في السنة الأولى و50 % في السنة الثانية.
صمود التصنيفات
ومن غير المرجح أن تتغير التصنيفات الائتمانية للمطورين في دبي لأنها بالأساس تأخذ بعين الاعتبار درجة معينة من التقلبات في الطلب. وتقترب الظروف حالياً من ظروف دورة الذروة، لكنها قد لا تظل على هذا النحو على المدى الطويل في هذا القطاع الدوري.
ولهذا السبب نأخذ في الاعتبار تقلبات القطاع في التصنيفات الائتمانية على الرغم من أن مستويات المديونية معتدلة نسبياً. ومع تباطؤ اتجاهات القطاع، فإن التراجع في مقاييس الائتمان لن يؤدي على الفور إلى خفض التصنيفات الائتمانية، لأن نسب المديونية الحالية بعيدة عن السقف المحدد للتصنيفات.
نتوقع أن يتحسن الحيز المالي بصورة أكبر في الأشهر المقبلة، حيث سيظل توليد التدفق النقدي قوياً بفضل المبيعات الجيدة على المخطط. وسيستفيد المطورون الكبار، مثل إعمار، الذين لديهم مزيج أعمال أكثر ملاءمة، من انكشافهم على الأسواق النهائية الأقل تقلباً، بما في ذلك أنشطة التأجير في مراكز التسوق المربحة للغاية والمولدة للنقد.
وبينما يتكيف المطورون مع دورات القطاع، سيحتاجون أيضاً للتكيف مع توقعات المستهلكين المتغيرة. على مدى السنوات القليلة الماضية، قدمت دبي رواية مضادة لأسواق العقارات: تنمو بسرعة بينما تراجع آخرون.
في ظل التوقعات بتراجع الظروف، سيكون العامل الرئيسي الذي يميز المطورين في الإمارة هو مدى نجاحهم في تكييف استراتيجياتهم وبناء دفاعاتهم. وقد يشمل ذلك التكيف بسرعة مع تفضيلات المستهلكين المتغيرة، وهياكل تكلفة أكثر صرامة، وشراء الأراضي بحكمة. والمفتاح هنا هو القيام بكل هذا دون إثقال كاهل ميزانياتهم العمومية.
ويواجه المطورون في دبي الحاجة إلى التكيف مع متطلبات الإسكان وطرق البناء الأكثر استدامة. ويعد تحسين استهلاك الطاقة والمياه للحد من الانبعاثات عالية الكربون، فضلاً عن تطبيق إدارة أفضل للنفايات، جزءاً من الصورة المتغيرة.
ستعمل خطة دبي الرئيسية الحضرية 2040 وهدف دولة الإمارات العربية المتحدة للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 على التشجيع على بناء منازل صديقة أكثر للبيئة وبتصاميم مستدامة، وباتباع طرق بناء واستخدام مواد أكثر صداقة للبيئة، وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة. وفي عام 2022، حددت المرحلة الثانية من خطة دبي الرئيسية الحضرية 2040 الأولويات الرئيسية للتنمية الحضرية المستدامة وغيرها.
الإسكان المستدام
وأصبح الإسكان المستدام في دبي متنوعاً بصورة متزايدة، ولكنه لا يزال يمثل حصة صغيرة فقط من العرض الحالي. يحصل المزيد من المطورين على شهادات لمشاريعهم السكنية الجديدة «مثل شهادة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة (LEED) ومنهجية التقييم البيئي لمؤسسة أبحاث البناء (BREEAM)» كجزء من التزامهم بمستويات أعلى من معايير الاستدامة، كما أعلن البعض عن أهداف للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.
في حين أن معايير الإفصاح على مستوى القطاع المتعلقة بالمبادرات المستدامة لا تزال قيد التطوير، فإننا نتوقع أن يبدأ المطورون في تقديم المزيد من المعلومات حول أهدافهم الكمية ووسائل تحقيقها.
ونتوقع أيضاً أن تدعم اللوائح الجديدة التنمية المستدامة والنمو في دبي، بما يتوافق مع أهداف خطة دبي الرئيسية الحضرية. إن تكييف نماذج الأعمال مع التنمية المستدامة في القطاع العقاري الدوري والتنافسي في دبي، مع الحفاظ على الربحية، قد يشكل تحديات للمطورين في السنوات المقبلة.
التعليقات مغلقة.