وفقاً لاستطلاع مجلة استثمارات الإماراتية :- هل الاقتصاد المصري على المحك ؟؟
• تأكيدات على قوة ومتانة المجريات الحاكمة للاقتصاد وتنوع الموارد • تصدر قطاعي الصناعة والزراعة ضمن القطاعات الداعمة للاستدامة الاقتصادية • محاولات النيل من مسيرة الاقتصاد المصري فشلت فشلاً ذريعاً • الحكومة لم تتهاون في التعامل مع تداعيات أزمة اقتصادية عالميةً • تعزيز التعاون والشراكة بين مؤسسات الدولة يدعم خطى النمو الاقتصادي • تأثيرات إيجابية متوقعة للحوار الوطني على خروج الاقتصاد المصري لآفاق رحبة
كتبت : رباب سعيد
خاص مكتب استثمارات – القاهرة
تعرض الاقتصاد المصري جراء جملة من العوامل الخارجية إلى عاصفة كثيفة بدءا من أزمة جائحة كورونا وانعكاساتها الاقتصادية المختلفة، ووصولاً إلى تبعات الحرب في أوكرانيا بمردودها العنيف على مختلف القطاعات الاقتصادية.
ولا شك أن الاقتصاد المصري يجابه مجموعة من الفرص والتحديات في آن واحد من أجل “الخروج من هذا النفق، الذي يشع فى نهايته نور وسط مؤشرات خارجية تدفع إلى بعض التفاؤل، لا سيما فيما يتصل بتباطؤ وتيرة التضخم وتراجع الأسعار عالمياً، وبما ينعكس على الأوضاع الداخلية.
وفي وقت خفضت فيه وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، الجمعة، تصنيف مصر درجة واحدة من “بي +” إلى “بي”، مع تعديل النظرة المستقبلية إلى سلبية، وتحدثت الوكالة في بيان عن صعوبات التمويل الخارجي في ضوء الاحتياجات التمويلية للبلاد، وتشديد شروط التمويل الخارجي فى ضوء الاحتياجات التمويلية للبلاد، وتشديد شروط التمويل الخارجي، أكد وزير المالية المصري، الدكتور محمد معيط، قدرة بالبلاد على “الخروج من الأزمة الراهنة وذلك بدعم من المؤشرات الراهنة على الصعيد الدولي، والمرتبطة بانخفاض معدلات التضخم وكذلك تراجع أسعار مواد السلع الغذائية.
وتطرق الوزير في تصريحات له أخيره إلى التقييم السلبي الصادر عن الوكالة، ومما قاله في هذا السياق:
الاقتصاد المصري تعرض لصدمات متتالية وأوضاع مضطربة (بدءاً من جائحة كورونا ووصولاً إلى الحرب في أوكرانيا) ومن المنطقي اتجاه مؤسسات مالية لخفض التصنيف. حيث أثرت تلك الضغوطات على مكتسبات خطة الإصلاح الاقتصادي على مدار عامين، مشيراً لتحامل من مؤسسات مالية في نظرتها للاقتصاد المصري.
وبلغة الأرقام فقد ناهزت قيمة الأموال الساخنة التي خرجت من مصر خلال أزمتي كورونا والحرب في أوكرانيا. نحو 20 مليون دولار مع توقعات بصعوبة العودة السريعة لتلك الأموال الخارجية وفي مارس الماضي، ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري بشكل طفيف إلى 34.447 مليار دولار، بزيادة حوالي 95 مليون دولار عن الشهر السابق، بحسب ما أعلنه البنك المركزي على موقعه الإلكتروني مطلع شهر أبريل.
وما زالت مصر تعاني من نقص في العملة الأجنبية على الرغم من انخفاض الجنيه المصري بنحو 50 بالمئة منذ مارس توقيعها على حزمة إنقاذ جديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر
ولكن باستطلاع اجرته مجلة استثمارات الإماراتية وبلغة الواقع ومؤشرات التحليل الاقتصادي الرصين يتضح أن الصورة ليست قاتمة كما يتم الترويج لها، حول مستقبل الاقتصاد المصري إن كان على المدى القصير أو المتوسط أو البعيد،
قدرات ومقومات متعددة
وفى هذا السياق قالت دكتورة هدى الملاح مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى في تصريحات خاصة لمجلة استثمارات اماراتيه “الاقتصاد المصري في موقف متأزم لكن لديه الإمكانات والقدرات التي يستطيع من خلالها المرور من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة مشيرة إلى “السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الدولة في المرحلة الحالية، والتي تسعى من خلالها إلى إحداث التوازن النسبي بين الضغوطات الاقتصادية وفي ضوء معدلات التضخم المرتفعة وتأثيراتها وفي ظل ندرة العملة الاجنبية وسعي الحكومة المصرية لتوفير السيولة اللازمة للمستثمرين ورجال الأعمال لتوفير مستلزمات الإنتاج
واضافت أن الدولة تحاول تخفيف الأعباء التضخمية من خلال البرامج المجتمعية المختلفة، وزيادة الحد الأدنى للأجور، والمعاشات تكافل وكرامة، وكذلك المخصصات المرتبطة بالعلاج على نفقة الدولة، وغير ذلك”، موضحة أن تلك الإجراءات تمثل حلولاً قصيرة وهناك حاجة لتحرك أوسع في المرحلة المقبلة
الحوار الوطني تأثير فاعل
.و تعول مديرة مركز الدراسات الاقتصادية، على “الحوار الوطني” الذي تشهده مصر حالياً، والذي يأتي المحور الاقتصادي على رأس المحاور به، لا سيما فيما يتعلق أولويات الاستثمار وكيفية جذب استثمارات جديدة (محلية وأجنبية) وماهية السياسات التي تطبقها الدولة ولتحقيق الهدف من وثيقة ملكية الدولة فيما يخص زيادة معدلات الاستثمار المباشر، ومشكلة التضخم وكيفية التعامل معها، وغيرها من الملفات المطروحة
وتركز الدكتورة هدى الملاح على واحدة من أبرز الإشكاليات التي يواجهها الاقتصاد المصري، والمرتبطة بنسبة الدين العام من الناتج المحلي، مشيرة إلى مجموعة من التوصيات المرتبطة بمواجهة تلك الأزمة وتداعياتها، من بينها
فض التشابكات المالية بين الوزارات، والتي تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى تريليون جنيه (وهو ضعف العجز الكلي).
دراسة الأثر التطبيقي لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الهادف لدمج الاقتصاد غير الرسمي، وبما يسهم في زيادة الإيرادات الضريبية. فضلاً عن أهمية مراجعة موقف الهيئات الاقتصادية (59 هيئة)، حيث تحصل تلك الهيئات على دعم من الخزانة العامة للدولة بقيمة 355 مليار جنيه، تؤول منها إلى خزانة الدولة 185 مليار جنيه تقريباً (وفق الموازنة الأخيرة)،
وتستطرد بالقول : وبالتالي من الضروري معرفة أسباب خسائر تلك الهيئات (أسباب تمويلية أو فنية أو أسباب مرتبطة بنظم الإدارة والهياكل التنظيمية، مضيفة أنه ينبغي تطوير منظومة الضرائب، من خلال تعيين كفاءات جديدة لإجراء حصر دقيق بالأنشطة الاقتصادية غير الرسمية، وبما يساعد على اتخاذ سياسات تدعم ضم الاقتصاد غير الرسمي بالاقتصاد الرسمي.
مؤشرات إيجابية
من جهة أخرى تظهر البيانات الرسمية التي أعلنت عنها وزارة المالية المصرية في وقت سابق، عن الربع الأول من العام الجاري 2023، مجموعة من المؤشرات الإيجابية، على النحو التالي:
98 بالمئة ارتفاعاً تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
35 بالمئة نمواً بإيرادات قناة السويس (باعتبارها من أهم مصادر العملة الأجنبية) في الربع الأول (2.3 مليار دولار).
بينما تظهر مؤشرات السنة المالية المنتهية في يونيو 2022 نتائج إيجابية نسبياً، رغم التحديات الخارجية واسعة النطاق. من بين تلك المؤشرات تحويل العجز الأولي بالموازنة (استمر لأكثر من 21 عاماً) إلى فائض أولي نسبته 1.3 بالمئة.
وكان وزير المالية المصري قد ذكر في بيان له في أبريل الماضي، أن مؤشرات السبعة أشهر الأولى للعام المالي الحالي بالموازنة العامة، جاءت إيجابية، وحققت الموازنة فائضاً أولياً بنحو 33.7 مليار جنيه مقارنة بـ 15.2 مليار جنيه عن نفس الفترة من العام المالي السابق، إضافة إلى زيادة الإيرادات الضريبية إلى نحو 18.9 بالمئة نتيجة أعمال التطوير والرقمنة التي مكنت من توسيع القاعدة الضريبية، وحصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة، وتحقيق العدالة بين المتنافسين.
جسور الشراكة والتعاون
بدورها، تشير الخبيرة الاقتصادية المصرفية، الدكتورة سهر الدماطى في تصريحات خاصة لمجلة استثمارات إماراتية إلى أن مصر لديها القدرة على الخروج من الأزمة الراهنة، بما تمتلكه من مقومات، لكنّ الأمر يحتاج إلى عددا من الأمور الأساسية؛ بداية من عرض التحديات التي تواجهها الدولة بشفافية، إضافة إلى التعاون الحقيقي بين المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء، في سياق خطة التعامل مع التداعيات الحالية،فضلاً عن إشراك الخبراء والمختصين في وضع تصورات للحلول، موضحة أن الحوار الوطني الحالي ربما يغلب فيه الجانب السياسي على الاقتصادي، في تقديره.
قوة الاقتصاد المصري
وتعتقد بأن عودة الأموال الساخنة والاستثمارات الخارجية التي خرجت من الاقتصاد المصري لن تتم في يوم وليلة، موضحة أنه “لا يجب إلقاء اللوم على العوامل الخارجية وحدها لدى تحليل جملة التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، على أساس أن ثمة مجموعة من العوامل الداخلية الأساسية محدداً في السياق نفسه عدداً من الملفات التي من المهم العمل عليها بشكل حاسم، من بينها ما يرتبط باستغلال أصول الدولة، وكذلك شركات قطاع الأعمال والتي تواجه تحديات مفصلية.
وتابعت لا ينفي ذلك بالطبع مدى تأثير الأوضاع الخارجية على الاقتصاد المصري كما تأثيرها على مختلف الاقتصادات..
لكن السؤال هو ما إذا كان الاقتصاد لديه قدر من القوة والمتانة بما تجعله قادراً على مواجهة الصدمات؟
هذه القوة تأتي القطاعات الأساسية المتعلقة بالصناعة والزراعةk وتشير الدماطى إلى أن “ثقة المستثمر الأجنبي تأتي من ثقة المستثمر المحلي وبالتالي من الضرورة بمكان أن تواصل الحكومة النظر في المشكلات التي تواجه المستثمرين، والعمل على تذليل العقبات أمامهم
من بين الرسائل المهمة التي وضعتها الحكومة المصرية بين يدي مؤسسات التصنيف الدولية، خلال اجتماع انعقد على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في منتصف أبريل الماضي:
الحكومة وضعت استراتيجية مرنة لاحتواء الصدمات الداخلية والخارجية.
تتبنى الحكومة المصرية استراتيجية تمويل متنوعة (تستهدف تعدد الأسواق وأدوات التمويل وجذب شرائح مختلفة من المستثمرين فضلاً على كون سوق الإصدارات الحكومية قد شهدت تنوع أدوات الدين. كما تعمل الحكومة على تعميق الإصلاحات الهيكلية لإطلاق مسار نمو مرتفع مستدام للقطاع الخاص.
تستهدف الدولة تعظيم مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي من خلال تبني مجموعة من المبادرات التيسير و المحفزات
أطلقت الدولة وثيقة سياسة ملكية الدولة والتي من شأنها فتح آفاق رحبة للاستثمارات الخاصة فى مصر، فضلاً عن برنامج الطروحات الحكومية.
وجددت مصر خلال الاجتماعات التزاماتها بالإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية لسد الفجوة التمويلية تدريجياً، ومضاعفة الاحتياطيات خلال الأربع سنوات المقبلة. وقد أدى الحراك التنموي غير المسبوق فى مصر إلى زيادة الناتج المحلى الإجمالي بنحو سبعة أضعاف خلال السنوات الماضية.
واضافت أن الحكومة المصرية جددت تأكيد استمراريتها في سياسات ضبط واستدامة أوضاع المالية العامة، على نحو يُسهم فى الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلى، وتحقيق المستهدف، ويمكننا من إطلاق حزم للحماية الاجتماعية لتخفيف تداعيات التباطؤ الاقتصادي على الفئات والقطاعات الأكثر احتياجاً
فترة حرجة.. وفرص إيجابية
من جانبه يرصد المستثمر عمار النجار ، في تصريحات خاصة لموقع مجلة استثمارات إماراتية أن أبرز المؤشرات الإيجابية التي يمكن التعويل عليها فيما يخص خروج الاقتصاد المصري من الأزمة، مستهلاً حديثه بالإشارة إلى أن “الفترة الحالية هي فترة حرجة للغاية الاقتصادات العالمية عموماً، والاقتصاد المصري بصفة خاصة مشيراً إلى بشكل أساسي إلى أثر هروب الأموال الساخنة خلال الفترات الأخيرة في ظل رفع الفيدرالي الأميركي الفائدة
اضافة في تقديره، يظل الاقتصاد المصري قادراً على تخطي الأزمة الراهنة بآفاق واعدة، مشيرا إلى ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، وهو ما عبّر عنه إطلاق الاستراتيجية القطرية بين مصر والبنك الدولي أخيراً، وبما يعد شهادة جديدة من أكبر وأهم المؤسسات الاقتصادية بأن الاقتصاد المصري يسير بخطى ثابتة ولديه عديد من المميزات والفرص، وبما يشكل أيضاً رسالة طمأنينة وداعمة كبيرة
وتحدث عمار عن أثر الضغوطات الخارجية على الاقتصاد المصري، بما في ذلك أزمة “التضخم المستورد، وأزمة الأسعار (السلع الغذائية وأزمة سلاسل الإمداد ويعتقد المستثمر الاقتصادي بأن “الاقتصاد المصري رغم الأزمات الأخيرة ظل صامداً في مواجهة تلك الأزمات، وقد تم تنفيذ عديد من المشروعات وكذلك إطلاق مبادرات ومنح وحوافز مختلفة على أرض الواقع لتشجيع الاستثمار ودعم القطاعات الصناعية والزراعية”، مشددة في الوقت نفسه على أهمية “التسويق الجيد للاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، ويتحدث النجار في السياق نفسه عن مبادرات تعزيز دور القطاع الخاص ورفع نسبة مساهمته في الاقتصاد المصري إلى 65 بالمئة، وهو ما سيكون له مردود إيجابي واسع على الاقتصاد المصري
التعليقات مغلقة.