نيسا ألبتكين.. الأصغر في تاريخ الانتخابات الرئاسية التركية
سوف يكون يوم 14 مايو الجاري، يوماً غير مسبوق في حياتها التي لم تتجاوز 18 عاماً، فقد سمح قانون صدر عام 2017 بالمنافسة على 600 مقعد هي إجمالي مقاعد البرلمان التركي لكل من يكمل 18 عاماً، بدلاً من القانون السابق الذي كان يشترط بلوغ المرشح للانتخابات البرلمانية 25 عاماً، وذلك بعد عمل مسح ميداني أكد أن هناك أكثر من 51 دولة حول العالم تسمح بالترشح والتصويت لكل من وصل إلى 18 عاماً.
في مايو من كل عام تجرى امتحانات نهاية العام الدراسي، وفي الوقت الذي سوف ينشغل فيه زملاؤها بمذاكرة الدروس ومراجعة الامتحانات السابقة، سوف تكون هي في مهمة جديدة وتحد من نوع خاص، يتفق كل من يعرفونها على أنها جديرة بهذا التحدي الجديد على طالبة ما زالت في السنة الأولى بالجامعة.
إنها نيسا ألبتكين الطالبة في جامعة أرضو في أزمير والتي تدرس الخدمة الاجتماعية، واختارها حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتكون مرشحة له في قائمة الحزب الأولى في منطقة أزمير، حيث تأتي نيسا في المركز العاشر من القائمة التي يتقدمها وزير الشباب والرياضة التركي قصاب أوغلو.
تنتمي نيسا ألبتكين إلى عائلة سياسية بامتياز، فقد كان والدها سيف الدين ألبتكين من مؤسسي حزب العدالة والتنمية، وقال يوم قبول ترشيح ابنته نيسا إنه من مؤسسي حزب العدالة والتنمية مع الرئيس رجب طيب أردوغان عام 2001 قبل أن تولد نيسا بثلاث سنوات كاملة، حيث إنها من مواليد عام 2004، وبذلك تعبر نيسا عن نحو 5 ملايين شابة وشاب جرى إدراج أسمائهم لأول مرة في كشوف الانتخابات التركية، أما نيسا فقد قالت إنها فخورة بعائلتها السياسية، وما أنجزوه طوال السنوات الماضية، وأنها تتمنى أن تسير على درب العائلة التي تراهن على الانتخابات القادمة والتي سوف تتم على مستويين:
الأول: «الانتخابات الرئاسية» والتي يتنافس فيها 4 مرشحين رئيسيين هم الرئيس رجب طيب أردوغان ممثلاً «لتحالف الشعب» الذي يضم بشكل رئيسي حزب العدالة والتنمية، والحزب القومي التركي بقيادة دوالت بهجلي، بينما المنافس الثاني هو كمال كليتشدار أوغلو، مرشح «الطاولة السداسية» التي تضم 6 أحزاب معارضة، وتضم شخصيات كبيرة ولها شعبية معروفة في الشارع التركي مثل علي باباجان وزير الاقتصاد التركي الأسبق، ومن مؤسسي حزب أردوغان، والآن هو رئيس حزب الديمقراطية والتقدم «ديفا»، وكذلك أحمد داورد أوغلو وزير الخارجية التركي الشهير، واليوم هو رئيس حزب «المستقبل»، وأيضاً أكرم إمام أوغلو صاحب الشعبية الجارفة وعمدة إسطنبول الحالي.
أما المرشح الثالث للانتخابات الرئاسية فهو محرم أنجة عن «حزب الوطن الوسط»، والذي كان ينتمي للحزب الجمهوري، لكنه انفصل عنه، وهو يترشح للمرة الثانية بعد ترشحه عام 2018 عندما نافس وقتها الرئيس رجب طيب أردوغان، والمرشح الرابع للانتخابات الرئاسية هو سنان أوغان مرشح «تحالف الأجداد».
المستوى الثاني: هو الانتخابات البرلمانية والتي يحتاج أي حزب فيها إلى 7 % من إجمالي الأصوات حتى يكون له وجود في البرلمان الجديد. وتشير كل استطلاعات الرأي إلى أن الإقبال على الانتخابات سوف يكون غير مسبوق رغم أن نحو مليون ناخب ربما لن يستطيعوا التصويت بسبب ما أحدثته كارثة زلزال 5 فبراير الماضي، والتي خلفت وراءها أكثر من 50 ألف قتيل، ويعاني أكثر من 5 ملايين شخص كانوا يعيشون في المناطق التي ضربها الزلزال، تداعيات فقد أحبائهم ودمار الكثير من المنشآت والبيوت.وتركز نيسا في دعايتها لنفسها ولحزب العدالة والتنمية على وسائل التواصل الاجتماعي، وتستهدف أقرانها من الشباب الذين لن يشاركوا فقط كناخبين بل كمرشحين أيضاً، وتقول نيسا إنها تفهم الشباب، وتعرف الأدوات التي يمكن أن يقبلوا عليها، والأهداف التي يسعون إليها، وهناك شباب قريبون من عمر نيسا وتحت سن العشرين ترشحوا للانتخابات البرلمانية التركية مثل أموت أرمان سوناي، وهو الطالب في كلية الهندسة بجامعة كوتش، والذي لن يتجاوز يوم إجراء الانتخابات في 14 مايو الجاري 19 عاماً، وسوف يترشح في ولاية كبيرة هي ولاية إسطنبول التي ينشط فيها بقوة حزب الشعب الجمهوري المعارض، وهو ما يؤكد أن هناك تعويلاً على الشباب من جميع الأحزاب التركية في المرحلة القادمة سواء في الترشيح أو المشاركة في التصويت، ولهذا شملت جميع القوائم الحزبية نحو 23 مرشحاً تقع أعمارهم ما بين 20 و30 عاماً، بينما بلغ عدد المرشحين ما بين 20 و40 عاماً نحو 116 مرشحاً، وهو توجه غير مسبوق في الانتخابات التركية.
ولن تكون نيسا وزملاؤها الشباب فقط الوجه الجديد لهذه الانتخابات التركية التي تترشح فيها شخصيات فنية ورياضية مشهورة ومرموقة على الساحتين التركية والدولية، منهم لاعب كرة القدم التركي – الألماني مسعود أوزيل الذي أحرز 92 هدفاً دولياً لألمانيا، وكان أفضل صانع ألعاب لفترة طويلة لفريقي ريال مدريد الإسباني ثم تشيلسي الإنجليزي، وفاز بكأس العالم مع ألمانيا عام 2014، بالإضافة إلى ترشح عارضة الأزياء وملكة الجمال التركية السابقة، سيدا ساريباش، لمقعد عن ولاية آيدن، وهي التي فازت عام 2006 بلقب ملكة جمال تركيا، لكنها طورت مهاراتها بعد ذلك من خلال دراسة إدارة الأعمال في جامعة غازي بأنقرة، ثم درست الاقتصاد في جامعة الأناضول، وحصلت على ماجستير في علم الاجتماع من جامعة عدنان مندريس.
المؤكد أن ترشح نيسا للمعقد البرلماني التركي سوف يكون في صالح ظهور جيل جديد ونخبة جديدة من السياسيين الأتراك، فحتى لو لم يحالف الحظ نيسا في الفوز بالمعقد البرلماني فإنها سوف تزيد خبراتها السياسية التي تعلمت أصولها منذ نعومة أظفارها، فهي المولودة في عائلة سياسية وتستيقظ وتنام على الساسة.
التعليقات مغلقة.