نحو غد أكثر خضرة: انتشار التنقل المستدام

بقلم إسلام عبدالكريم، المدير العام لشركة يانغو Yango في دول مجلس التعاون الخليجي

مع الازدياد المطرد لعدد سكان المناطق الحضرية، أصبحت المخاوف البيئية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى مما دفع صناعة المواصلات وقطاع النقل، المسؤولين عن 24% من انبعاثات الكربون العالمية، للتوجه نحو التنقل المستدام. بدأت الحلول المبتكرة، مثل خدمات نقل الركاب ومشاركة السيارات والمركبات الكهربائية، باكتساب المزيد من الاهتمام بفضل الجهود العالمية الهادفة للحد من الانبعاثات والازدحام المروري.

 

تمثل نقطة التحول هذه، التي تجسدها مبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة لخفض الانبعاثات بنسبة 40% بحلول عام 2030، تطوراً حاسماً نحو مستقبل أكثر كفاءة ومراعاة للبيئة في منظومة المواصلات والتنقل.

 

التنقل المستدام

وفقاً لتوقعات الأمم المتحدة، سيقيم 68% من سكان العالم في المناطق الحضرية بحلول عام 2050. وعند الأخذ بعين الاعتبار أن متوسط انبعاثات سيارات الركاب يقدر بحوالي 4.6 طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، تصبح الحاجة إلى حلول تنقل مستدامة أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. كما يؤثر الازدحام المروري العالمي بشكل كبير على الإنتاجية، حيث يقضي السائقون في جميع أنحاء العالم ساعات في الاختناقات المرورية سنوياً. في دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، يقضي الشخص معدّل يوم أو يومين بالانتظار في الاختناقات المرورية.

 

للتصدّي لذلك، تبادر العديد من الدول بشكل متزايد بتبني أشكال بديلة للنقل مثل مشاركة السيارات والدراجات الهوائية والتي يعزز من جاذبيتها توفر خدمات التنقل المريحة ذات التكلفة الفعالة، إلى جانب الالتزام المتزايد من قبل الأفراد بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. تتوقع أبحاث شركة فروست آند سوليفان (Frost & Sullivan) حدوث تحوّل كبير في خدمات التنقل المشتركة، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 36 مليون سائق سيعتمدون مشاركة السيارات في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2025. وعلى وجه الخصوص، من المتوقع أن يشهد سوق نقل الركاب نمواً كبيراً لتصل قيمته إلى 194.98 مليار دولار أمريكي هذا العام و 296.57 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029.

 

توفر منصات مشاركة السيارات ومنصات نقل الركاب مرونة مثالية وتكاليف فعالة مقارنة بالخدمات التقليدية لتأجير السيارات، مما يسمح للمستخدمين بالدفع بالدقيقة وتجنب تكاليف تأجير أو ملكية السيارات. يعزز هذا النهج من الاستخدام المستدام للسيارات بتقليل التأثير البيئي من خلال تخفيف الازدحام وتسهيل الوصول إلى السيارات بتكلفة ميسورة وأكثر استدامة ويساعد بمواجهة ارتفاع تكاليف الوقود.

 

السيارات الكهربائية

يتسارع انتشار السيارات الكهربائية، خاصة بين الفئات السكانية الأصغر سناً ممن يقدّرون كفاءة الطاقة ووفرة حلول التنقل الفوري. تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة، الرائدة في مجال وسائل المواصلات الكهربائية، اهتماماً متزايداً بالمركبات الكهربائية، حيث يبدي 30% من السكان رغبة بالانتقال من السيارات التي تعمل على الوقود إلى السيارات الكهربائية. تحتل الإمارات المرتبة الثامنة عالمياً بفضل جاهزيتها للتنقل الكهربائي وتفتخر بواحدة من أعلى نسب المحطات إلى المركبات على مستوى العالم وذلك بفضل البنية التحتية الواسعة لمحطات شحن السيارات الكهربائية في مراكز التسوق ومحطات الوقود ومواقف السيارات.

 

تعزز خطة دبي الحضرية 2040، التي تتميز بمسارات خضراء للتنقل المستدام، من التوقعات العالمية بمبيعات تزيد عن 17 مليون سيارة كهربائية. تهدف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى نشر 10% من السيارات الكهربائية على طرقاتها بحلول عام 2030، كما يعكس هدف هيئة الطرق والمواصلات المتمثل في الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية في وسائل النقل العام بحلول عام 2050 التزاماً

قوياً بالاستدامة. علاوة على ذلك، وقعت هيئة الطرق والمواصلات شراكة لنشر 360 مركبة، بما في ذلك المركبات الكهربائية والهجينة، لاستخدامها في الفعاليات الرئيسية في دبي على مدى السنوات الثلاث المقبلة. تعزّز الحوافز المختلفة من هذه الجهود بما في ذلك ميزة التسجيل المجاني ومواقف السيارات المخصصة والرسوم المنخفضة للشحن وورسوم المرور.

 

تشير طوابير الانتظار المتزايدة في محطات شحن المركبات الكهربائية في دبي إلى تزايد الطلب على المركبات الكهربائية، مما يمكّن منصات التنقل كخدمة (MaaS) مثل يانغو Yango، والتي يتكون 15% من أسطول شركائها من المركبات الكهربائية وتخطط لزيادة هذا العدد، من إحداث نقلة نوعية في المجال وذلك بتقديم خيارات نقل مستدامة بأعلى معايير الجودة. يؤكد النمو المتوقع لسوق السيارات الكهربائية في دولة الإمارات العربية المتحدة على تحوّل محوري نحو تبنّي حلول النقل المستدام في دبي، وهو ما يتواءم مع طموحات دبي بأن تصبح خالية من الكربون بحلول عام 2050 ويشير إلى اتجاه عالمي أوسع نحو تبني حلول تنقل أكثر مراعاة للبيئة لاستشراف مستقبل أنظف وأكثر صحة للبيئات الحضرية.

 

الابتكارات الرقمية

تعد الابتكارات، مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحسين المسار وتعزيز السلامة على الطرق، ضمن الطرق المختلفة التي استجابت بها صناعة النقل لمواجهة التحديات البيئية. يعمل ظهور المركبات ذاتية القيادة وحلول التنقل الصغيرة مثل الدراجات البخارية الإلكترونية، إلى جانب التطورات الرائدة في تكنولوجيا البطاريات، على تعزيز مستقبل نقل أكثر استدامة وأماناً.

يطالب المستهلكون الآن بعمليات مبسطة، مما يدفع صناعة التنقل نحو التطور والنمو. وهنا ينصبّ التركيز على المنصات الرقمية سهلة الاستخدام مثل منصة يانغو Yango ، التي تقدم خدمات تنقل عالية الجودة وتجارب مستخدم فعالة. علاوة على ذلك، أصبحت الميزات المضمنة، مثل المدفوعات غير التلامسية، أمراً طبيعياً يتوقعه المستهلكون، وتواصل هذه الميزات في التطور لتلبية احتياجات المستهلكين لاتخاذ القرارات السريعة وتعزيز الولاء من خلال ضمان البساطة والراحة.

ستتحول صناعة النقل من خلال الاستثمار في الحلول التكنولوجية المتقدمة، وتجارب المستخدم السلسة، وخيارات الدفع المريحة، في حين تركز الدول على زيادة إمكانية الوصول إلى خدمات نقل الركاب ومشاركة السيارات للحد من الازدحام والأضرار البيئية.

بينما يقف العالم على مفترق طرق تقود جميعها إلى تحوّل كبير في صناعة النقل، فإن الطريق إلى الأمام ممهد بالاستدامة والابتكار المدفوع بالتنقل المشترك. ومع المبادرات الاستباقية الهادفة والأهداف الطموحة لدولة الإمارات لخفض الانبعاثات وتعزيز اعتماد السيارات الكهربائية، يتوجه مستقبل التنقل نحو تقليل التأثير البيئي وتعزيز تجارب المستخدم من خلال التكنولوجيا، مما يمثل تحولاً محورياً في المشهد العالمي للتنقل.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد