مزاعم أردوغان المتكررة حول إكتشافات “الغاز التركي” تثير سخرية المتابعين
شكك عدد من المختصين بمتابعة ملف الطاقة في تركيا وشرق المتوسط بما أعلنه رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان حول اكتشافات الغاز بالبحر الأسود موضحين أنها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها “البشارة” الزائفة.
الصحفي التركي يلماز أوزديل أن رئيس النظام التركي سبق أن أعلن 9 مرات عن اكتشافات “غير حقيقية” للغاز في البحر الأسود، وحدد الصحفي التركي المعارض في تغريدة على موقع تويتر الاخبار المتداولة كل عام حول هذه المزاعم، موضحا عدد المرات التي أعلن فيها أردوغان والإعلام الموالي له أنه تم اكتشاف احتياطات غاز في البحر الأسود، وثبت عدم واقعيتها بعد ذلك.
وتتعرض السياسة التركية الهادفة إلى الهيمنة على سوق الغاز في المنطقة كوسيلة لإبتزاز القارة الأوروبية، إلى انتكاسة واضحة، مع فشل أردوغان في تطبيق اتفاقه مع حكومة السراج الليبية، ونجاح اليونان ومصر مؤخرا في توقيع اتفاق حول الحدود البحرية من شأنه احباط التحركات التركية في شرق المتوسط.
وبدوره، قال الدكتور جمال القليوبي، أستاذ الطاقة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن تركيا لم تنجح في الوصول إلى اكتشافات غاز مؤكدة في شرق المتوسط، ما دفعها إلى التنقيب بصورة غير شرعية في المياه الاقتصادية لقبرص واليونان واثارة نزاع حول مكامن الموارد الهيدروكربونية مع أثينا ونيقوسيا، مؤكدا أن إن تحركات تركيا في شرق المتوسط حالياً عبر شركة النفط الوطنية المملوكة للدولة التي تتوّسع في أنشطة التنقيب، تنبع من دوافع سياسية واضحة، وليس من حسابات الجدوى الاقتصادية البحتة لأنشطة الحفر “غير القانونية” التي تقوم بها في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، في ظل انكماش أنشطة الشركات العالمية في تلك المنطقة ارتباطا بتداعيات كورونا على اسواق النفط والغاز.
وزعم رئيس النظام التركي إن حقل الغاز الجديد يحتوي على 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، مما يجعل هذا الكشف الأكبر من نوعه في تاريخ البلاد. وقال أردوغان إن “تركيا تنوي البدء في إيصال الغاز إلى المستهلكين في عام 2023، وإنها ستصبح في نهاية المطاف دولة مصدرة للطاقة”.
وترى وسائل إعلام تركية محلية معارضة أن عبارة “اكتشفنا حقل غاز” يلجأ إليها أردوغان مع اقتراب أي انتخابات في بلاده، الأمر الذي تكرر 5 مرات من قبل خلال 10 سنوات.
وشكك تقرير صحفي منشور بالموقع الإلكتروني لمحطة “خلق تي في” التلفزيونية المعارضة، بالانجاز “المزعوم” الذي روج له رئيس النظام التركي بالتزامن مع الضغوط التي يتعرض لها في شرق المتوسط، بالقول: “بالرجوع إلى الوراء، نجد لجوء أردوغان إلى الحيلة ذاتها في كل انتخابات شهدتها تركيا، في السنوات 2010 و2014 و2015 و 2018 و2019، ويرى سياسيون أتراك معارضون أنه إذا ظهر مصدر محتمل للطاقة، فقد يشير ذلك إلى انتخابات مبكرة”.
ويتعرض الرئيس التركي إلى ضغوط أمريكية وأوروبية للحد من تحركاته غير القانونية للاستيلاء على مكامن الطاقة في شرق المتوسط، ونشر موقع “صوت اميركا”، يوم الجمعة، تقريرًا موجزًا حول وصول السفينة الحربية الأمريكية الضخمة، USS Hershel “Woody” Williams، إلى جزيرة كريت اليونانية، في مهمة لمراقبة التوترات المتصاعدة بين حليفي الناتو، اليونان وتركيا، بشأن حقوق الطاقة في شرق البحر المتوسط. ويأتي ذلك بعد أيام من اعلان فرنسا خطوات لدعم اليونان في ظل التوترات الأخيرة بين أثينا وأنقرة.
أما حليف أردوغان السابق علي باباجان، وزير الاقتصاد التركي السابق والمنافس السياسي لحزب العدالة والتنمية حاليا، فقد شكك فيما أعلنه أردوغان من حجم اكتشافات الغاز في البحر الأسود، معتبرا أن حجم الاحتياطات المعلن عنها لا يمكن قياس حجم مساهمتها في الاقتصاد، وبالتالي وفقًا لمبدأ الإدارة الشفافة، نأمل أن يتم الإعلان عن التفاصيل في أسرع وقت ممكن.
وقال وزير الطاقة التركي فاتح دونميز يوم الجمعة إن إدارة حقل الغاز الطبيعي المكتشف حديثا ستتولاها مؤسسة البترول التركية، وهي شركة طاقة مملوكة للدولة.
ونقلت وكالة رويترز عن محللون إنه “من غير الواضح ما إذا كان الحجم البالغ 320 مليار متر مكعب الذي أعلن عنه يشير إلى إجمالي تقديرات الغاز أم الكميات التي يمكن استخراجها، لكن ذلك في كلتا الحالتين يمثل كشفا كبيرا.”
وحذر مسؤولون ومحللون من أن بدء الإنتاج من أي كشف للغاز في البحر الأسود قد يستغرق ما يصل إلى عشر سنوات، وسيحتاج إلى استثمار مليارات الدولارات لتشييد بنية تحتية للإنتاج والإمدادات. وقال صحبة كربوز، مدير شؤون النفط والغاز لدى مرصد المتوسط للطاقة، مقره باريس، إن تركيا قد تمضي قدما في قرارات استثمارية بشكل سريع.
التعليقات مغلقة.