محمية الحبارى.. ملاذ آمن للطيور والحيوانات المهددة بالانقراض
تنفذ هيئة البيئة في أبوظبي مجموعة من المشاريع والبرامج المتكاملة في محمية بينونة الكبرى أو ما يطلق عليها «محمية الحبارى»، وفق خطط وبرمج مستمرة من أجل المحافظة على الحياة البرية، والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، وتعزز من الدور الرائد الذي تلعبه أبوظبي في الحفاظ على البيئة، وبما يتماشى مع الرؤية الطموحة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة.
وشهدت محمية بينونة الكبرى خلال السنوات الماضية مجموعة من المشاريع المتنوعة التي تستهدف تعزيز التنوع البيولوجي، ومنها مشروع توسعة وزيادة مساحة المحمية من أجل المحافظة على البيئة والاهتمام بالحياة البرية، والحفاظ على المحميات الطبيعية، حيث تعد محمية «بينونة الكبرى» ملاذاً آمناً لإكثار الحيوانات والطيور المهددة بالانقراض، خاصة طائر الحبارى الذي نجحت دولة الإمارات في إعادة انتشاره وإكثاره ضمن مشروعات توطين طائر الحبارى في منطقة بينونة، والتي تنفذها الهيئة بهدف تعزيز التنوع البيولوجي في المحميات الطبيعية.
وتتكون البيئات الرئيسة في المحمية من المسطحات الرملية والسهول الحصوية والسبخة، والكثبان الرملية الصغيرة، وتتكون من الرمال الضارب لونها إلى البياض في معظم المناطق، كما توجد أيضاً الغابات المزروعة ضمن حدود المحمية، وتكمن أهميتها في أنها من أول المواقع التي تم تسجيل تعشيش لطائر الحبارى فيها. وتنتشر داخل المحمية مجموعة من النباتات الشائعة مثل نبات القصبا، والذانون والحاذ والطرثوث والثندة، وهناك العلقا والغريرة والرمث إلى جانب الرمرام والحلم والقرنوه، السعدان، الرقيقة، الغضراف، النصي، السبط، الهرم، ويعتبر الغطاء النباتي في هذه المنطقة جيداً نسبياً. وكشفت إحصائيات هيئة البيئة في العام الماضي عن استخدام الطائرات المسيَّرة «طائرات من دون طيار» في نثر بذور النباتات البرية في محمية بينونة ضمن مشروع استهدف نثر 2 مليون بذرة من بذور نباتات البيئة المحلية في 3 محميات طبيعية، تضم محمية الحبارى ومحمية المها العربي ومتنزه جبل حفيت الوطني.
وتأسست المحمية عام 2008 لهدف رئيس وهو حماية المواطن الطبيعية الملائمة لتربية الحبارى، وتحتضن العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية المهمة محلياً وعالمياً، مثل الغزال الرملي والأرنب البري والورل الصحراوي والسحلية شوكية الذيل والقنفذ الصحراوي، بالإضافة إلى العديد من أنواع الزواحف والثدييات الصغيرة.
طائر الحبارى
يتم في محمية بينونة تنفيذ نشاطات حماية ومراقبة وإكثار الطيور والحيوانات، إلى جانب رعاية وحماية الغطاء النباتي الذي يشكل بيئة مناسبة لحماية تلك الطيور، ومن بينها تجد الغذاء المناسب والظل، ويقضي طائر الحبارى معظم وقته على الأرض باحثاً عن الطعام، ولأن منظومته الغذائية متنوعة تشمل النباتات واللحوم، فإن قائمة الأطعمة التي يتغذى عليها تحتوي النبات والبذور والحشرات، وأيضاً العناكب والسحالي الصغيرة، إلى جانب القوارض وحتى الطيور الصغيرة، وهو يتأقلم مع البيئة الطبيعية الجرداء التي يعيش فيها، ويستطيع طائر الحبارى الحصول على ما يحتاجه من المياه، من خلال الأطعمة التي يعثر عليها، ونادراً ما يحتاج إلى شرب الماء بشكل مباشر، وغالباً ما تخرج الحبارى للبحث عن الطعام في أوقات الشروق أو عند الغسق، وتعيش الطيور البالغة فرادى مستوحدة، وأحياناً تتجول ضمن مجموعات صغيرة.
والحبارى طائر يفضل البقاء معظم الوقت على الأرض للبحث عن الغذاء والاختفاء من المفترسات، ويتميز هذا الطائر بسيقان طويلة وعنق نحيل. الجزء العلوي من جسمه بني رمليّ مبقّع مع لون أبيض في الجهة السفلية. يوفّر مظهر الطائر المرقّط تمويهاً مثالياً له في بيئته الطبيعية مما يجعله غير مرئيّ تقريباً حين يتوقف عن الحركة. لدى كلّ من الذكور والإناث ريش أسود طويل على جانب الرقبة، مع ريش أبيض على جانب الرقبة السفلي.
يوجد 28 نوعاً من الحبارى، ولكل منها فروقات دقيقة في ريشها تساعد على التمييز بينها. وكجزء من التزام حكومة أبوظبي بالتنمية البيئية، يركّز الصندوق على حبارى شمال أفريقيا وآسيا، إضافة إلى الحبارى العربية التي يقع موطنها الأصلي في شبه الجزيرة العربية.
الصقارة والحبارى
على مدى العصور الماضية كان الصيد بالصقور عنصراً أساسياً في الثقافة العربية لقرون عدة، وكانت هذه الوسيلة هي أحد أهم الوسائل للحصول على الطعام، خاصة في المناطق الصحراوية، وانتشرت بين السكان بشكل كبير، ورغم التقدم والحضارة فإن الكثير من المرتبطين بالثقافة القديمة والعادات والتقاليد ما زال يحرص عليها.
وظل الصيد بالصقور مرتبطاً ارتباطاً وثيق بالحبارى ومع استمرار الصيد أصبحت الحبارى معرضة لخطر الانقراض، ومعه سيكون الصيد بالصقور مهدداً أيضاً بالخطر.
ويعتمد بقاء هذا التراث الإنساني الحيوي الذي أدرجته اليونيسكو في قائمة «التراث الثقافي غير المادي للبشرية»، على تنظيم الصقارة ومواصلة الجهود التي يقوم بها الصقارون لاستدامة الطبيعة، ويعمل الصندوق مع جماعات ومنظمات تُعنى بالمحافظة على تراث الصقارة لحماية الحبارى البرية من مختلف المخاطر التي تواجهها، ولا سيما الصيد غير المنظم.
المها العربي
تم إطلاق مجموعة جديدة من المها العربي في محمية الحبارى التي تديرها الهيئة، وتقع في الجزء الغربي من إمارة أبوظبي في منطقة الظفرة، وتمتد على مساحة إجمالية تقدر بـ 774 كيلومتراً مربعاً، وتعتبر هذه المجموعة الأولى ضمن 100 رأس سيتم إطلاقها على مراحل داخل المحمية بتوجيهات من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة- أبوظبي.
ويمثل هذا الإطلاق خطوة مهمة لإعادة توطين المها العربي، وتعزيز أعدادها في البرية، ويأتي ضمن برنامج الشيخ محمد بن زايد لإعادة توطين المها العربي الذي تشرف عليه هيئة البيئة- أبوظبي، ويهدف إلى إطلاق المها العربي في بيئاته الطبيعية داخل محميات واسعة ضمن المناطق التي كانت تعيش فيها في السابق، وتكوين قطعان متنامية قادرة على الاعتماد على ذاتها والتجول بحرية في مواطنها الطبيعية في ظل إدارة فعالة وخطة حماية طويلة الأمد.
الطيور المهاجرة
تعتبر الحبارى من الطيور المهاجرة التي لا تستقر في الدولة غير أنها باتت الآن تستوطنها، وتفضل البقاء فيها، حيث تتغذى هذه الطيور على ما تجده في البيئة حولها، وتتناول أنواعاً مختلفة من النباتات «كالبذور، والثمار الجافة، والأوراق النباتية»، وتتغذى أيضاً على اللافقاريات «كالخنافس، والجراد، والعقارب»، والفقاريات الصغيرة مثل «السحالي» والقوارض الصغيرة، وأفراخ الطيور المعششة على الأرض، وتركز على البروتينات كطعام أساسي قبل الهجرة، لمساعدتها على قطع مسافات كبيرة بالاعتماد على الشحم المخزن بالجسم.
التعليقات مغلقة.