لبنان 2024 إلي أين ؟ الأوضاع الاقتصادية الخانقة تصطدم بالاستثمار

"حوار خاص" مع الدكتور هيثم مزاحم رئيس مركز الدراسات الأسيوية والصينية في لبنان

أجرته/ رباب سعيد

مراسلة مجلة استثمارات الإماراتية شؤون مصر وشمال إفريقيا

 

يواجه لبنان أزمة غير مسبوقة تجمع بين الانهيار المالي والاقتصادي الحاد، وانعدام الثقة السياسية، والجمود المؤسسي، ففي عام 2022 كان عامًا إضافيًا من الأزمات السياسية والاقتصادية والدستورية التي لم تجد طريقها للحل بل تتفاقم عامًا بعد آخر؛ إذ دخل لبنان عام 2023 بفراغ دستوري لم يسبق أن حدث في تاريخه الحديث، حيث لا رئيس في موقع الرئاسة و الحكومة القائمة حكومة تصريف أعمال لا يمكن لها أن تمارس صلاحيات واسعة ولا أن ينقل لها صلاحيات رئيس الجمهورية التي عادةً ما تحال للحكومة في حال غياب الرئيس وبالنظر للوضع الاقتصادي والمالي  فقد يستدعي حكومة قوية التمثيل وكاملة الصلاحيات من أجل اتخاذ قرارات اقتصادية حاسمة وجريئة، نجد أن ما يتوافر للبنان الآن هو أقل مما يحتاجه كي يعبر عام 2024 بسلام دون تدهور  على أحسن تقدير المزيد من التعطيل والفراغ الدستوري.و عن الوضع الاقتصادى والسياسي

كان حديث الدكتور هيثم مزاحم رئيس مركز الدراسات الأسيوية والصينية في لبنان إلي مجلة “استثمارات الاماراتية “قائلا……

الاتجاهات المحتملة لإدارة الأزمة

نشأت الأزمة الاقتصادية الحالية منذ عام 2019 إثر تناقص الاحتياطي الدولاري لدى مصرف لبنان وتخليه عن سياسة تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار، مما أدى إلى اهتزاز الثقة في الاقتصاد والإقبال المتزايد على التحويل للدولار أو التعامل السوقي بالدولار مباشرة    وهو ما أثّر بشدة على مستوى التضخم وانعكس على نقص المواد الأساسية. فلبنان يستورد أكثر من 80% من احتياجاته الأساسية وكان حينها معتمدًا على كونه بؤرة جذب للفوائض المالية في المنطقة بحكم المزايا التي يتمتع بها نظامه المصرفي.

ولكن النظام المصرفي فقد هذه الميزة فور اهتزاز سعر الصرف الذي كان ثابتًا لسنوات طويلة، وأصبح الإقبال على سحب الودائع مهدِدًا للاستقرار المالي، مما حدا بمصرف لبنان إلى وضع سقف للسحوبات البنكية، فحرم مئات الآلاف من المودعين من الوصول لمدخراتهم البنكية. لذلك  وصف البنك الدولي الأزمة في لبنان بـ”الأكثر حدة وقساوة في العالم”، وصنفها ضمن أصعب ثلاث أزمات سجلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر، بعد أزمتي تشيلي عام 1926، التي استغرقت 16 عاما للخروج من قعرها، وإسبانيا الناتجة عن الحرب الأهلية في 1931.

واستطرد الدكتور هيثم مزاحم أن  ضعف الثقة في الاقتصاد أدي إلى حدوث ركود تضخمي واضطرار عدد كبير من الشركات للخروج من السوق وتسريح العمالة أو على أقل تقدير تخفيض أجورهم. زادت جائحة كورونا من تعقيد الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، وذلك مع التزام الحكومة اللبنانية بسياسة الإغلاق شبه الكامل لفترات طويلة، مما أضر بالقطاع الخدمي وخاصة السياحي، وأدى إلى مزيد من الانكماش في الاقتصاد المتضرر أصلاً. وقد امتدت آثار هذه الأزمة الاقتصادية طوال عام 2022 وانعكست أساسًا بتردي سعر الليرة مقابل الدولار وأصبح لليرة عدة أسعار  منها السعر الجمركي وسعر سحب «الفريش دولار» وسعر منصة «صيرفة» بالإضافة إلى السعر في السوق السوداء، مما أشعل نشاط المضاربات بشكل ملحوظ. فضلاً عن ذلك، انعكس ذلك على ارتفاع الأسعار واختفاء بعض السلع الأساسية أو التزاحم عليها لساعات طويلة، وفي مقدمتها الوقود والطحين والأدوية، بالإضافة لنقص الأدوات والمستلزمات الطبية. ورغم أن انعقاد الانتخابات البرلمانية في موعدها في مايو قد أضفى بعض الثقة على استقرار الوضع العام، وأدى إلى موسم سياحي مثمر مع عودة المغتربين وانتعاش تحويلاتهم المالية إلى داخل البلاد، فإن الجمود السياسي الحاصل فيما بعد بسبب تعثُّر انتخاب الرئيس قد أتى على هذه الثقة وجعل سعر الليرة يتردى بشكل غير مسبوق إلى أعتاب الخمسين ألفاً مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء…

الاستثمارات  الإماراتية في لبنان

 

أوضح الدكتور هيثم  مزاحم رئيس مركز الدراسات الأسيوية والصينية أن العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات ولبنان متميزة وتاريخية، حيث تعد دولة الإمارات المصدر الرئيسي للاستثمارات العربية المباشرة إلى لبنان، حيث بلغت قيمة الاستثمارت بين البلدين 7.8 مليار دولار أي ما نسبته 64.8% من العدد الاجمالي للمشروعات خلال الأعوام من 2003-2016.

مشيرا أن الامارات العربية المتحدة تمتلك كل المقومات السياسية والفنية والمالية لحضور أي استثمار نفطي ليس فقط في لبنان أو شرق المتوسط بل ربما في العالم اجمع، خاصة وأن السياسة الإماراتية تنتهج سياسة تصفير المشاكل السياسية من جهة ومن جهة أخرى تستثمر في سياسة بناء الجسور بالمعنى السياسي والاقتصادي والثقافي والفني، فضلا عن أن حضور الإمارات راعية قمة كوب 28 للمناخ بكل أبعادها لحماية كوكب الأرض وثقلها الطاقوي يعد ميزة لأي دولة تدخل الامارات للاستثمار فيها.

مضيفا إمتلاك الإمارات الكثير من الاستثمارات المتوسطية في حقول الغاز

منوها أن حالياً لا تشهد الاستثمارات بين البلدين أي جديد في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المتوترة على الساحة اللبنانية، وذلك على الرغم من محاولات الهيئات الاقتصادية اللبنانية معالجة الموضوع وإرسال أكثر من رسالة إيجابية ولكنها ظلت دون سقف التوقعات، كما تم افتتاح مكتب تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية – الخليجية دون أن يتم تفعيله.
وعليه، لا أستبعد  أن تقدم الإمارات على الاستثمار في لبنان إذا ما توافق ذلك مع الرغبة السياسية الحقيقية من الدولتين في المضي قدما” في العلاقات الاحفورية(النفطية) التي تبدأ بالقرار السياسي أولا.  خاصة أن المباحثات الدائرة حول الترسيم البري والبحري والمغريات الاقتصادية الطاقوية الأميركية المرفقة قد تشكل أرضية جيدة لدخول الإمارات التي تعتبر من الدول العارفة في خفايا الإقليم وذات الحضور الوازن في كل شرق المتوسط.
وأختتم    أن العلاقة المتينة التي تربط القيادتين في أبوظبي ودمشق تؤهل الإمارات للقيام بدور مهم على صعيد الحدود الشمالية للبنان حيث المياه السورية اللبنانية والتي ربما تحمل شيئا في بحرها،  ليس هناك تبدلا في سياسة دول مجلس التعاون الخليجي ومن بينها الإمارات من لبنان

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد