لبنان يغوص في الظلام.. أزمة الكهرباء تلخص الفشل السياسي
يعاني لبنان من نقص حاد في الكهرباء والمياه بعد نفاد الوقود في محطتين من محطات توليد الكهرباء الرئيسية في البلاد، في أحدث مظهر من مظاهر الأزمة المالية التي لا تظهر بوادر على الانتهاء.
وقالت شركة كهرباء لبنان (مؤسسة كهرباء لبنان) إن محطتيها في دير عمار والزهراني – اللتين توفران معاً حوالي 40% من الكهرباء في البلاد – أُغلقتا يوم الجمعة.
أضافت في بيان أن البنوك الأجنبية لم توافق بعد على المعاملات التي ستسمح لمؤسسة كهرباء لبنان بتفريغ شحنتي وقود تنتظران في الميناء منذ الأسبوع الماضي.
وفي تعليقات منفصلة، طلبت مؤسسة كهرباء لبنان في مدينة زحلة من السكان تقليص الاستهلاك، قائلة “انقطع التيار الكهربائي في جميع أنحاء الأراضي اللبنانية إلى أجل غير مسمى”.
يعاني لبنان منذ أواخر عام 2019 من أسوأ انهيار مالي له منذ عقود. انهارت العملة، مما دفع التضخم إلى ثلاثة أرقام ومحا المدخرات. كما أن الحكومة مفلسة وتعثرت في سداد ديونها الدولية وفشلت في اتخاذ الإجراءات اللازمة لكسب الدعم الدولي.
وتعتمد الأسر اللبنانية بالفعل على الاشتراكات في المولدات الاحتياطية الخاصة لأن سوء الإدارة والفساد يعني أن مؤسسة كهرباء لبنان فشلت لسنوات في توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة.
ومع تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي، تضاءلت كذلك إمدادات الطاقة، حيث توفر مؤسسة كهرباء لبنان الآن بضع ساعات فقط في اليوم.
وفي الوقت نفسه، يتم الآن إغلاق المولدات الخاصة لفترات طويلة كل يوم للحفاظ على الوقود الشحيح ومحركات الراحة غير المصممة لتكون المصدر الرئيسي للطاقة.
انتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة لحرائق يُزعم أنها ناجمة عن سخونة زائدة أو خلل في المولدات الخاصة.
كما طالبت شركات المياه المواطنين بتقليل استهلاكهم إلى الحد الأدنى بعد إجبارهم على إغلاق محطات ضخ وتوزيع المياه بسبب نقص الكهرباء. فيما أعلنت شركة مياه شمال لبنان “حالة الطوارئ القصوى”، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية.نت”.
كان البنك المركزي اللبناني يدعم بشكل فعال الوقود والأدوية والمواد الغذائية من خلال أسعار صرف تفضيلية، لكن نفاذ الأموال بسرعة مع غياب حكومة عاملة وخطة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد. كانت النتيجة هي نقص حاد ليس فقط في الوقود للكهرباء ولكن في الأدوية المستخدمة على نطاق واسع من المضادات الحيوية إلى علاجات القلب والسرطان، وكذلك البنزين، بسبب انتظار سائقي السيارات لساعات لملء خزاناتهم.
في الشهر الماضي، بدأ البنك المركزي ضخ الدولارات لمستوردي الوقود بسعر 3900 ليرة لبنانية، بدلاً من السعر الرسمي الذي أصبح الآن متوقفاً إلى حد كبير وهو 1507 ليرة.
كان القرار يهدف إلى المساعدة في تخفيف نقص الوقود، لكنه فشل حتى الآن في إحداث تأثير حيث يقال إن كمية كبيرة من الوقود يتم تهريبها إلى سوريا، بسبب عرض أسعار أعلى بكثير لشرائها، كما أنه يتم تخزينها من قبل اللبنانيين القلقين من ارتفاع أكبر في الأسعار.
كما أغلقت الصيدليات أبوابها يوم الجمعة احتجاجاً على النقص الواسع النطاق الذي يقول البعض إنه تفاقم أيضاً بسبب قيام الوسطاء بتخزين إمدادات الدواء في ظل توقعات بأن الدعم سينتهي في النهاية.
تقلب التشوهات الاقتصاد حيث تقترب الليرة من مستوى 20000 ليرة للدولار في السوق السوداء.
وحذر المسؤولون من أن الأموال تنفد لتمويل مثل هذه الإعانات الضخمة، لكنهم قلقون أيضاً من التأثير الاجتماعي لإنهائها. لقد دفعت الأزمة بالفعل أكثر من نصف السكان إلى ما دون خط الفقر مع تحذير الأمم المتحدة من تزايد انعدام الأمن الغذائي في بلد كان يعتبر حتى وقت قريب من البلدان ذات الدخل المتوسط.
ولم يتفق السياسيون بعد على حكومة جديدة لتحل محل حكومة تصريف الأعمال التي استقالت بعد انفجار هز ميناء بيروت وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 200 شخص.
بدوره، حث المجتمع الدولي، بما في ذلك دول الخليج التي دعمت لبنان في الماضي، السياسيين مراراً وتكراراً على تشكيل حكومة جديدة تتمتع بصلاحية إجراء إصلاحات وإطلاق أموال المانحين.
التعليقات مغلقة.