عندما فازت كلوديا غولدن
بجائزة نوبل إنتقلت النساء من هامش العمل بالاقتصاد إلى النقطة الركيزه فيه
وتغيرت النظرة إلى مساهمة المرأة في الاقتصاد بفضل الطوح والنظرية المستقبلية الثاقبه من قبل النساء وسيدات الأعمال
منذ زمن بعيد والرجال مازالوا يهيمنون على الإقتصاد كمهنة،
فبحسب الإحصائيات العالمية نجد أنه توجد إمرأةً واحدةً بين كل تسعة أساتذة إقتصاد متفرغين، تعلن عن وجودها في عالم الإقتصاد
فيما أن حصة النساء أقلّ من ربع الأساتذة المساعدين، وهي نفس نسبتهن بين من يتخصصون بالإقتصاد في دراستهم الجامعية.
وهذا يعني أن هذا الإختصاص غير جاذب للنساء
إلى أن إلتحقت كلوديا غولدن بجامعة كورنيل لتدرس الإقتصاد في الستينات، ثمّ جامعة شيكاغو لتحصيل الدكتوراه، كان عدد النساء أقل من ذلك.
ولم تبدأ الرابطة الأميركية للإقتصاد بنشر عدد الإناث العاملات في المهنة حتى 1972، حين بلغت نسبة النساء 7.2% فقط من إجمالي حملة الدكتوراه الجدد و2.4% من الأساتذة المتفرغين.
لا شكّ أن غولدن أبدت عزماً شديداً في ذلك الزمان لتنبش الأرشيف وتوثّق حقائق عن عمل وأجور النساء العزباوات بين 1870 و1920 والوضع الإقتصادي للنساء في حقبة الجمهورية المبكرة.
فقد تعيّن عليها الإعتماد على الرجال ليقرؤوا أبحاثها وينشروها، كما إضطرّت للتعويل على آراء رجال أجروا دراسات معمّقة حول العمل، ولكن نادراً ما إكترثوا بشأن طريقة الإطعام والإكساء أو تربية الأجيال المقبلة.
كانت غولدن توثّق التحوّل الذي طرأ على دور المرأة في المجتمع في وقت لم يهتم فيه الرجال بذلك.
وقد نتعجّب من أن الخبراء الإقتصاديين الرجال إعتبروا أن المرأة لا يجب أن تشمل في أمور مهمة، مثل الإقتصاد الكلّي.
ولكن مجرد إستغراب طريقة التفكير هذه جاء بفضل غولدن وإقتصاديين كثر دربتهم كي ينظروا إلى العالم بطريقة مختلفة.
مع ذلك، على الرغم من الطابع الثوري لأعمالها، إلا أنها أسست أعمالها بناء على أعمال إقتصاديين سبقوها، ما يسلّط الضوء على الطريقة التي يمهّد بها الباحثون الطريق للأجيال التي تليهم.
إستقت غولدن هذه العبر وبنت عليها، ما منح الإقتصاد منظوراً أوسع لتحليل ثراء حياة المرأة.
مع ذلك، ظلّت غولدن تعمل وحيدة لسنوات. فعلى صعيد الاقتصاد الكلّي، كان يُنظر إلى النساء على أن دورهنّ هامشي وكاسبات أجر ثانويات وأمر مستجدّ لا يستحق عناء الدراسة. استوعبت غولدن مفهوم الهوية حتى قبل أن يصبح مصطلح سياسة الهويا” براقاً، ورصدت الحواجز البنيوية، قبل وقت طويل من بدء الحديث الموسّع عن العنصرية البنيوية.
فمن منطلق عملها كخبيرة إقتصادية، نظرت إلى قوى العرض والطلب على أنها متداخلة مع الهوية والبنية الاجتماعية، ووثقت الطريقة التي ترسم فيها هذه التداخلات اختيارات النساء.
مع التحوّل في الهوية والبنية، تغيرت الخيارات أيضاً.
فوثقت على مدى عقود هذه التغيرات بشكل ممنهج، فيما بقي معظم زملائها في المجال الإقتصادي غافلين بشكل كبير عن النساء اللواتي يشكلن نصف المجتمع.
قالت غولدن في كتابها (Career and Family) إن المسار نحو تأسيس مهنة وعائلة والموازنة بينهما إنطلق منذ أكثر من قرن.
لقد أمضت غولدن أزيد من خمسين عاماً تتحرى بحثاً عن أجوبة لشرح هذه التغيرات، ووسّعت نطاق بحثها ليمتد على 200 عام من التاريخ. لقد قادنا عملها هذا للتفكير بشكل منهجي بالأمور التي أوصلتنا إلى هذا التغيير والعوائق التي ما تزال تعترض طريقنا.
وكان فوز غولدن بجائزة نوبل إعتراف بأن مهنة الاقتصاد مدركة للثورة التي قادتها، فالحكومات حول العالم تقرّ اليوم بأن السياسات التي تعطي الأسر شكلها، لها نفس الأثر على الإقتصاد أيضاً، فيما يدرس الطلاب حول العالم القوى العاملة النسوية كمكوّن أساسي لفهم الاقتصاد.
هذا الإحتفاء العلني بمسيرة غولدن المهنية ليس لحظة تقدير لها وحدها، بل لحظة للإحتفاء بجميع النساء.
آمل أن يكون يحتوى هذا المقال على سياق ملهم لجيلاً جديداً من الشابات على دخول مجال الإقتصاد وإلهام المهنة لإيجاد مزيد من الوسائل لجذب النساء.
التعليقات مغلقة.