في مواجهة خطر التفشي “السودان” إغلاقات كورونا تضاعف أوجاع العقوبات
بدأ سكان العاصمة السودانية الخرطوم، يوم السبت، مكوثا اجباريا في بيوتهم بعد ثلاث أيام عصيبة من اللهث وراء تأمين الاحتياجات التي تكفي لإطعام أسرهم خلال فترة الإغلاق التي تستمر ثلاثة أسابيع في إطار الجهود المبذولة لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا.
وعلى الرغم من تعدد أسباب انفلات الأسواق، وتدهور مؤسسات الرعاية الصحية، إلا أن العقوبات الناجمة عن وضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي شكلت القاسم المشترك في زيادة حدة الأزمة التي يعيشها السودانيون في ظل جائحة كورونا.
وأججت المخاوف والإجراءات المتعلقة بجائحة كورونا غضب وقلق السودانيين حيال استمرار وضع بلادهم في القائمة، ففي حين يتواصل ارتفاع أسعار السلع الأساسية بسبب ضعف العملة المحلية،كشفت الجائحة عن مدى تغلغل فيروس العقوبات في الجسد السوداني والدمار الكبير الذي ألحقه بالبنية الاقتصادية والصحية في البلاد، وخطورتها الشديدة على حياة الإنسان السوداني العادي الذي يدفع ثمن أخطاء وسلوكيات نظام المعزول عمر البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019.
وعبر سياسيون واقتصاديون ومختصون في القطاع الصحي لـ”سكاي نيوز عربية” عن أملهم في أن تسرع الجائحة الجهود الرامية لحث السلطات المختصة في الولايات المتحدة على إنهاء هذا الكابوس الذي تسبب في أضرار اقتصادية واجتماعية تقدر خسائرها بمئات المليارات من الدولارات.
يربط عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي في قوى الحرية والتغيير بين العقوبات وتأثيرها الكبير على الشعب السوداني في هذا الظرف الصحي الحرج وذهاب النظام السابق الذي أدخل السودان في هذا المأزق.
ويقول الدقير إن العقوبات الاقتصادية أضرت بالشعب السوداني الذي كان هو نفسه ضحية لإرهاب نظام البشير، مما يعني انتفاء الأسباب.
وأوضح الدقير أن الحكومة الانتقالية بدأت اتصالات جادة مع الإدارة الأميركية بهدف شطب اسم السودان من القائمة وبالتالي تخفيف الضغوطات اليومية التي يواجهها بسبب تلك العقوبات.
ووفقا للدقير، فإن المنطق العدالي والإنساني يتطلب من الولايات المتحدة أن ترفع العقوبات المفروضة على السودان حتى يتمكن من مواجهة جائحة كورونا، وحماية أرواح مواطنيهـ وتجاوز الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بهم وتجعل الغالبية منهم يواجهون صعوبة بالغة في الحصول على السلع والخدمات الأساسية.
ويشير ياسر ميرغني الأمين العام لجمعية حماية المستهلك السودانية أن معاناة المواطن تزداد يوميا بسبب تراكمات سياسات النظام السابق التي أدت إلى فرض العقوبات. ويقول ميرغني إن استمرار العقوبات بعد ذهاب نظام البشير لم يعد أمرا مبررا لأن المتضرر الأوحد هو المواطن.
يصف محمد ابراهيم قرض وهو صيدلاني متخصص في مجال استيراد الأدوية والأجهزة الطبية الأضرار التي لحقت بالقطاع جراء العقوبات بالكارثية.
ويشير إلى أن النقص الكبير في الأدوية والأجهزة والمعينات الطبية الذي تعاني منه البلاد في ظل مخاوف انتشار فيروس كورونا الحالية هو انعكاس طبيعي للقيود والصعوبات التي أوجدتها العقوبات المرتبطة بوضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وفيما يؤكد قرض على أن مسألة حرمان السودان من التكنولوجيا الطبية هو أحد عناصر الضرر المهمة التي أصابت السودان جراء العقوبات فإنه يشبه استمرار الوضع الحالي ب “الحكم على إعدام شعب بكامله”، نظرا لما تتطلبه الجائحة من استعدادات وتحوطات يصعب توفيرها في ظل استمرار العقوبات.
ويبدي قرض استغرابه من استمرار العقوبات رغم أن الشعب السوداني نفسه هو ضحية للنظام الذي تعاقبه الولايات المتحدة.
يركز الخبير المصرفي واستاذ الاقتصاد شوقي حسنين على جزئية محورية تبدو مهمة من وجهة نظره، وتتمثل في فقدان أكثر من 70 في المئة من السكان لجزء كبير من دخلهم في ظل الإغلاقات والقيود المصاحبة لجائحة كورونا.
ويرى شوقي أن الوضع الاقتصادي المختل تسبب في هشاشة بالغة في العديد من المواعين الإنتاجية والتشغيلية في البلاد، وهو ما سيوسع من الآثار الاقتصادية السالبة التي قد تنجم عن انتشار جائحة كورونا.
وفي ذات السياق، يقول الصحفي والمحلل الاقتصادي محمد عبدالعزيز إن الأثر الاقتصادي للعقوبات الاقتصادية المتصلة بوضع السودان في قائمة الإرهاب يبدو ظاهرا بقوة في القطاع الصحي كغيره من القطاعات الأخرى حيث تشهد نقصا حادا في الأجهزة والمعينات الطبية اللازمة للتصدي لفيروس كورونا، وهو ما يشي بكارثة صحية يمكن أن تشكل امتدادا لمعاناة المرضى والقطاع الصحي في البلاد والتي ظلت مستمرة منذ بدء العقوبات في تسعينيات القرن الماضي.
التعليقات مغلقة.