فرار آلاف المدنيين من شمال قطاع غزة مع تفاقم الأزمة الإنسانية
فرّ آلاف المدنيين الفلسطينيين في موكب بائس من شمال قطاع غزة، أمس، بحثاً عن ملاذ من الضربات الجوية الإسرائيلية والقتال البري الشرس، فيما تتركز المعارك بين الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر، بعد دخول الحرب شهرها الثاني مع تفاقم المعاناة الإنسانية لمئات آلاف الفلسطينيين.
وحدث الخروج الجماعي في مهلة مدتها أربع ساعات أعلنتها إسرائيل، وطلبت فيها من السكان إخلاء المنطقة وإلا غامروا بالوقوع وسط أعمال العنف.
لكن الأجزاء الوسطى والجنوبية من القطاع المحاصر تعرضت أيضاً لإطلاق نار. وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن غارة جوية أصابت منازل في مخيم النصيرات للاجئين، أسفرت عن مقتل 18 شخصاً صباح أمس. وفي خان يونس، قُتل ستة أشخاص، بينهم فتاة صغيرة، في غارة جوية.
وقال شاهد عيان يدعى محمد أبو دقة إن ضربة جوية بطائرة إف-16 أصابت فجأة منزلاً ونسفته بأكمله، وثلاثة منازل متجاورة حين كانوا يجلسون في سلام. وأضاف أن السكان كلهم مدنيون ومن بينهم امرأة ورجل طاعنان في السن، وأن هناك آخرين ما زالوا تحت الأنقاض.
وطوقت قوات الجيش الإسرائيلي مدينة غزة بالكامل. وقال الجيش إن قواته تتقدم صوب قلب المدينة المكتظة بالسكان.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن 10569 شخصاً قتلوا حتى الآن، 40 بالمئة منهم أطفال. وقال كريستيان ليندميير، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، في جنيف، إن مستوى الوفيات والمعاناة «يصعب استيعابه».
وقال شهود إن آلاف الفلسطينيين الفارين من الشمال شقوا طريقهم على قلق في موكب طويل عابرين بالمباني التي دمرتها القنابل. وكان الجيش الإسرائيلي أخبرهم بأن عليهم التحرك جنوبي مستنقعات وادي غزة على طول طريق صلاح الدين الرئيسي. ولم يتضح أين سينتهي بهم المطاف تحديداً، نظراً لأن الأعداد الهائلة من النازحين من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تكتظ بهم بالفعل المدارس والمستشفيات ومواقع أخرى في الجنوب.
ولا يزال آلاف آخرون داخل المنطقة الشمالية المحاصرة، ومنها مستشفى الشفاء الرئيسي في مدينة غزة.
وهاجمت إسرائيل غزة جواً وبراً وبحراً، واستخدمت قوات برية لتقسيم القطاع الساحلي الضيق لجزأين في قتال ضار وسط أنقاض المباني في مناطق حضرية.
وإضافة إلى الموت والدمار الذي يحيط بهم من كل صوب، يعاني الفلسطينيون من نقص كبير في الماء خصوصاً والمواد الغذائية والأدوية، فيما تستمر معاناة المستشفيات التي تحتاج إلى الوقود.
وأظهرت لقطات التقطها مراسل لوكالة فرانس برس، عدداً من السكان الذين ما زالوا في مدينة غزة، يصطفون أمام صهاريج من أجل التمكن من الحصول على المياه.
وجدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه وقف إطلاق النار ما لم يتم الإفراج عن الرهائن.
وقال في كلمة متلفزة: «لن يسمح بدخول الوقود، ولا وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن رهائننا».
وأفادت مصادر مطلعة بجهود وساطة لإطلاق سراح 10 إلى 15 رهينة محتجزين في غزة، مقابل وقف إطلاق نار ليوم أو يومين في قطاع غزة.
وأدت عمليات القصف العنيف إلى نزوح 1.5 مليون شخص داخلياً، خصوصا بعدما أنذر الجيش الإسرائيلي سكان شمال القطاع بالتوجه إلى جنوبه.
في غضون ذلك، وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، معبر رفح البري بين الأراضي المصرية والفلسطينية بأنه بوابة الحياة لقطاع غزة، واطلع، خلال زيارة للمعبر أمس، على توفر كل الإمكانيات التي تشمل سيارات الإسعاف وعمليات الإجلاء من قطاع غزة والتي تشمل حاملي جنسية مزدوجة ورعايا دول أجنبية. وبحث فولكر خلال زيارة تفقدية لمعبر رفح من الجانب المصري، أمس، مع المسؤولين المصريين عن المعبر الترتيبات التي تجري لإدخال شاحنات المساعدات، واستعدادات الدولة المصرية لتسهيل وصولها للجانب الفلسطيني وتجهيز سيارات الإسعاف لنقل جرحى غزة فور وصولهم إلى شمال سيناء، وكذلك إجلاء وعبور الأجانب القادمين من القطاع.
بدوره، كشف مسؤول الإعلام في معبر رفح الدكتور أحمد حسني في تصريحات عن تواصل الجهود الرامية إلى الإبقاء على معبر رفح مفتوحاً، باعتباره المنفذ الوحيد لإدخال المساعدات الإغاثية والطبية التي أرسلتها دول عدة.
وأوضح الدكتور أحمد حسني أنه علاوة على أن استمرار فتح المعبر مهم حتى يتمكن مئات المصابين من العبور من أجل تلقي العلاج، وكذلك لسفر العالقين من الأجانب وحملة الجوازات العربية والأجنبية.
إلى ذلك، أعلنت هيئة المعابر الفلسطينية السماح بعبور عدد من حملة الجنسيات الأجنبية من القطاع إضافة إلى 107 مصريين، وطالبتهم بالتوجه لمعبر رفح لدخول الأراضي المصرية، فيما تتأهب أكثر من 40 شاحنة، تمهيداً للسماح لها بالعبور بعد التنسيق بين مسؤولي المعبر من الجانبين.
التعليقات مغلقة.