عبدالله المزروعي المستثمر العصامي
يعد رجل الأعمال عبدالله محمد غانم المزروعي، أحد الرواد الأوائل بقطاع المال والأعمال، الذين كان لهم دور بارز في النهضة الاقتصادية التي شهدتها الإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية، حيث بدأ رحلته بمجال الاستثمار من الصفر، معتمداً على نفسه، ليؤسس مجموعة المزروعي العالمية التي تعد اليوم واحدة من أهم الشركات العائلية بالإمارات والمنطقة.
وتمتد المسيرة المهنية للمزروعي لنحو 5 عقود، حيث بدأ طريقه المهني منتصف السبعينيات من القرن الماضي، من خلال عمله بعدد من الدوائر والمؤسسات الاقتصادية الهامة بأبوظبي، قبل أن يبدأ خلال حقبة الثمانينيات رحلته بمجال العمل الخاص.
ورغم أن البدايات كانت بسيطة مع تأسيس شركة صغيرة متخصصة في خدمات النفط والغاز، فإنه استطاع توسعة أعماله، لتضم اليوم مجموعة المزروعي أكثر من 30 شركة بقطاعات اقتصادية متنوعة، ويعمل بها 4 آلاف موظف، وتنتشر أعمالها في أكثر من 20 دولة.
ولد عبدالله المزروعي بأبوظبي عام 1952، وتنقل في صباه ما بين دبي والعين، وبدأ اهتمامه بالعمل مبكراً، حيث عمل خلال فترة إجازة الدراسة الصيفية عام 1968، في وظيفة ببلدية العين براتب 700 درهم، وهو ما كان يعد مبلغاً كبيراً في ذلك الوقت، حيث استمر في عمله لنحو 3 أشهر.
وخلال إحدى جولات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في مدينة العين عام 1968، التقى بعدد من الطلاب الذين كانوا يعملون ببلدية العين، حيث كان قراره بتوجه المزروعي مع عدد من الطلاب لاستكمال دراستهم الثانوية في بيروت بلبنان.
وبحلول عام 1972 عاد المزروعي لأبوظبي بعد إنهاء دراسته الثانوية بمدرسة الشويفات في لبنان، حيث غادر ضمن بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة، وحصل على شهادة جامعية في إدارة الأعمال والعلوم السياسية من جامعة تشابمان.
ومع عودته للإمارات عام 1976، بدأ المزروعي عمله بدائرة المالية في أبوظبي، وبعد 6 أشهر، تم ابتعاثه إلى نيويورك للتدريب لمدة شهرين بأحد البنوك الأميركية، كما تم ابتعاثه إلى طوكيو للتدريب في بالبنك الصناعي الياباني لنحو 3 أشهر.
وبحلول عام 1978 تم انتداب المزروعي للعمل ببنك أبوظبي الوطني، حيث واصل الترقي وصولاً لمنصب العضو المنتدب بالبنك، كما تم اختياره لتمثيل جهاز أبوظبي للاستثمار في بعض المؤسسات العربية، حيث قام بتمثيل الجهاز في مجلس إدارة الشركة العربية للاستثمار في الرياض، وبنك الخليج الدولي بالبحرين، فضلاً عن رئاسته لمجلس إدارة بنك تونس والإمارات في تونس، وفي بداية التسعينيات عمل كعضو منتدب في بنك الاستثمار حتى عام 1995.
وبحلول عام 1984 قرر المزروعي إنهاء رحلته بالعمل الحكومي، والتفرغ لبدء عمله الخاص، حيث كانت البداية محدودة بالتعاون مع بعض الشركاء من الأقارب، وذلك في مجال الخدمات البترولية والاستثمارات العقارية وبعض محال التجزئة، ولكن سرعان ما قرر المزروعي، بدء عمله الخاص بشكل فردي، بتأسيس شركة سيجما المتخصصة في خدمات النفط والغاز.
واستفاد المزروعي من علاقاته الواسعة، لاسيما خلال فترة دراسته بالخارج، سواء خلال مرحلة الدراسة الثانوية في لبنان أو الجامعية في الولايات المتحدة، حيث تم اختياره لتأسيس فرع مدارس الشويفات في الإمارات، كما بادر بالتعاون مع عدد من الشركاء وأصدقاء الدراسة، بتأسيس 3 مصانع في المملكة العربية السعودية.
واليوم تضم مجموعة المزروعي، نحو 30 شركة، منها شركات مملوكة لها بنسبة 100%، وأخرى بنسب ملكية متباينة تتراوح بين 10% و90%.
وتعد مجموعة المزروعي العالمية بمثابة المجموعة الأم، التي تضم كافة الشركات، وتنتشر أعمالها في أكثر من 20 دولة، منها اليمن والكويت والعراق وقطر والسعودية وعمان ومصر، وذلك كنشاط مباشر، فضلاً عن الاستثمار بالعديد من الدول من خلال شركة «المزروعي للاستثمار» والتي يتم من خلالها استثمار عوائد وإيرادات المجموعة في العديد من المناطق، لاسيما أوروبا والصين واليابان والهند والولايات والمتحدة.
كما تتولي «المزروعي للاستثمارات» استثمارات المجموعة في الشركات المساهمة العامة الإماراتية.
وتنتشر أعمال مجموعة المزروعي في العديد من القطاعات، منها النفط والغاز، والتجزئة، والتعليم، والرعاية الصحية، والمواد الغذائية «شوكولاته باتشي»، والصناعة، كما تمتلك مساهمات في شركات كبرى بقطاع التجزئة، مثل «جاشنمال» و«شلهوب»، وفي مجال الرعاية الصحية تمتلك شركة «متروميد» لتوزيع المعدات الطبية والأدوية.
وفي مجال التعليم، تعد المجموعة مساهماً رئيسياً في مدارس الشويفات، والتي تضم نحو 5 أفرع في أبوظبي، فضلاً عن أفرع بكافة إمارات الدولة، وتضم نحو 27 إلى 30 ألف طالب، كما تمتلك المجموعة معهداً لمعالجة التوحد في دبي، كما تعد المجموعة إحدى المساهمين الرئيسين في شركة «تعليم» بدبي.
عمل خيري
وفيما يتعلق بالعمل الخيري، فإن للمزروعي مساهمات خيرية عديدة داخل الإمارات وخارجها، حيث تساهم المجموعة في الكثير من الأعمال الخيرية في دول عدة مثل مصر والهند وفلسطين.
ويوضح المزروعي أنه يدرس حالياً إعداد دستور للعائلة في إطار خطة للهيكلة وحوكمة عمل المجموعة في المستقبل، على أن تتضمن خطة إعادة الهيكلة وجود صندوق لإدارة العمل الخيري وفق الاشتراطات والإجراءات المتبعة بالإمارات.
ويشير المزروعي إلى ضرورة اهتمام الشركات العائلية بإجراءات الحوكمة وإعادة الهيكلة بما يضمن استمراريتها وتطور أعمالها، لافتاً إلى قيامه مؤخراً بالاستفادة من تجربة أحد شركائه من مؤسسي إحدى شركات العائلات الاستثمارية الكبرى في أوروبا، والتي تمتلك صندوقاً استثمارياً كبيراً، حيث بادر بإجراء دراسة لإعداد خريطة طريق لحماية الأجيال القادمة وفق خطوات محددة تتضمن هيكلة إدارية ومالية قانونية، وبما يضمن وضع حلول لكافة الاحتمالات ومواجهة المشاكل المستقبلية، سواء في الجيل الثاني أو الثالث.
يشغل عبدالله المزروعي منصب رئيس مجلس إدارة شركة الإمارات للتأمين، والتي قام بتأسيسها خلال الثمانينيات من القرن الماضي، وتعد اليوم واحدة من أكبر شركات التأمين بالإمارات والمنطقة، وهو عضو مجلس إدارة مجموعة انفستكورب العالمية ومقرها البحرين، ورئيس مجلس إدارة شركة جاشنمال الوطنية، ورئيس مجلس إدارة مدرسة الشويفات الدولية في أبوظبي، ورئيس مجلس إدارة مجموعة ديبا المحدودة. والمزروعي سبق أن شغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة المستثمر الوطني، وشركة أرامكس، وشركة الكيماويات السعودية لإنتاج الفورمالديهايد، والشركة العصرية المتحدة للديكور وتصنيع منتجات الأخشاب، وشركة الإمارات للأوراق المالية. كما كان عضواً في مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي، ومجلس أبوظبي للتعليم، وعضو مجلس الإدارة في المؤسسة الوطنية للاستثمار، كما شغل في وقت سابق منصب العضو المنتدب والمدير العام لبنك أبوظبي الوطني، وعضو لجنة مجلس النقد (البنك المركزي) للإمارات، ونائب رئيس اللجنة التنفيذية لشركة الإمارات للاتصالات «اتصالات» وعضو مجلس إدارة جمعية المصرفيين العرب في لندن.
شركات كبرى
تضم مجموعة المزروعي العالمية عدداً من الشركات الكبرى، منها «المزروعي لخدمات الطاقة»، المتخصصة في خدمات النفط والغاز، وتضم نحو 8 شركات، فضلاً عن تمثيلها لنحو 60 شركة عالمية.
وفي قطاع التجزئة، تضم المجموعة، شركة «المزروعي ريتيل»، والتي تضم نحو 8 شركات منها «جاشنمال» ومجموعة «شلهوب» و«شوكولاتة باتشي»، و«الديار» لتصميم الأثاث.
كما تضم المجموعة، شركات «المزروعي للمقاولات اللوجيستية»، و«المزروعي للتعليم»، و«المزروعي العقارية»، و«المزروعي للاستثمار»، و«المزروعي التجارية»، حيث تضم كل شركة، عدداً من الشركات التابعة.
التعليقات مغلقة.