شيخ الأزهر: هدفي مع بابا الفاتيكان إنقاذ الإنسانية من الصراعات
أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أنه يسعى مع البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، لإحلال وإرساء قيم السلام والعيش المشترك وقبول الآخر وأن هدفه المشترك مع البابا إنقاذ الإنسانية من الصراعات، كما حث علماء المسلمين على ألاّ يملوا من بيان سماحة الإسلام وقبوله للتعددية الدينية بين البشر.
وعقد الإمام الأكبر وبابا الكنيسة الكاثوليكية لقاء أمس السبت، في البحرين، في إطار زيارتهما إلى المملكة، معرباً عن تقديره لأخيه البابا فرنسيس، واللقاء مجدداً في إطار العلاقات الأخوية بينهما، وسعيهما معاً لإحلال وإرساء قيم السلام والعيش المشترك وقبول الآخر، مؤكداً أن وثيقة الأخوة الإنسانية، أضحت أنموذجاً ونهجاً يمثل أساساً للبناء من أجل السلام والوئام والاحترام المتبادل والتسامح بين الناس.
خدمة الإنسانية
من جانبه، رحّب البابا فرنسيس، بالإمام الأكبر، معرباً عن تقديره لجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في دعم وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان ونشر ثقافة الأخوة الإنسانية وتعزيز السلام العالمي، مؤكداً أهمية تضامن قادة وزعماء الأديان من أجل خير البشرية وإعلاء صوت الدين لخدمة الإنسانية، وشدد أيضاً على أهمية الحوار في إنهاء الحروب والصراعات والحد من انتشار العنصرية والكراهية.
وكان الإمام الطيب قد دعا قبل ذلك إلى استثمار وثيقة الأخوة الإنسانية لتحويل حوار الأديان إلى واقع عملي، مؤكداً أن الإسلام أوجب الحفاظ على البيئة، ودعا إلى الاستثمار في استدامة مواردها، وحرم قطع الأشجار والنباتات أو إغراقها بالماء بهدف تخريبها، محذراً من أن ما نشهده اليوم من فساد وإفساد في الأرض، وطغيان على موارد البيئة المستخلف فيها الإنسان لتعميرها، هو سير في اتجاه معاكس لإرادة الله في كونه الفسيح.
مسؤولية مضاعفة
وفي سياق متصل، أكد الإمام الأكبر أن العلماء هم حماة الأمة، وأن المسؤولية على العلماء مضاعفة أمام الله، وعلى علماء المسلمين ألاّ يملوا من بيان سماحة الإسلام وقبوله للتعددية الدينية بين البشر. وقال: «لن نستطيع مواجهة التحديات بالتشرذم أو الاختفاء أو التخلف عن هذه المهمة السامية، وقد كانت هناك محاولة لتجار سوق الفتنة أن يحدثوا ذلك في مصر قبل سنوات بين المسلمين والمسيحيين، لكن الأزهر تنبّه لهم فأنشأنا بيت العائلة المصرية مع الكنائس المصرية، وبذلنا كل الجهود لوحدة الصف، وهذا ما ينبغي أن يحدث على مستوى العالم الإسلامي أجمع». جاء ذلك خلال اجتماع شيخ الأزهر مع أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، في قصر الصخير بمملكة البحرين، بحضور رئيس المجلس الشيخ عبدالرحمن بن محمد آل خليفة، وأعضاء المجلس، ووفد علماء الأزهر المرافقين للإمام الأكبر؛ حيث أدار الجلسة بين علماء الأزهر وعلماء البحرين، المستشار محمد عبدالسلام الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين.
وركّز المستشار محمد عبدالسلام في تقديمه للجلسة على ما طرحه شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وما حَظِيَت به دعوة شيخ الأزهر، في ختام ملتقى البحرين للحوار، من اهتمام إقليمي وعالمي.
وأكد أنها دعوة وفرصة كبيرة للحوار؛ حيث وجه دعوة ونداء إلى علماء المسلمين في العالم كله على اختلاف مذاهبهم ومدارسهم الفكرية، خاصة إخوتنا من المسلمين الشيعة، إلى المسارعة بعقد حوار (إسلامي إسلامي) جاد، من أجل إقرار الوحدة والتقارب والتعارف، ونبذ الفرقة والفتنة والنزاع الطائفي؛ لتجاوز صفحة الماضي وتعزيز الوحدة الإسلامية.
اتحاد السنة والشيعة
وقال الإمام الأكبر، خلال الاجتماع مع أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية البحريني: «إن البحرين تمثل تعبيراً صادقاً للأخوة العميقة، وقد رأيت ذلك حقيقة في لقاء ملك البحرين قبل سنوات في مشيخة الأزهر والآن في البحرين، وهذا هو السر في أن الله تعالى يفيض على هذا البلد بكثير من الخير».
وأشار إلى أن اجتماع اليوم (أمس) يجمع العلماء المهمومين بهموم الأمة، وأولها هموم التحديات الصارخة التي تتربص بأمتنا ليل نهار، وتصنع لها البرامج وترصد لها الأموال، لتحارب الدين، وأضاف أن الاتحاد بين علماء المسلمين سنة وشيعة ضروري وحتمي.
وأضاف الإمام الأكبر: «إننا نحن المسلمين، بمختلف مذاهبنا ومدارسنا الفكرية، مؤهلون للاتحاد والتلاقي على أرضية مشتركة، فنحن أبناء دين واحد ولغة واحدة، وتجمعنا مشتركات إنسانية وقيم أخلاقية وعادات مجتمعية متشابهة، وتتوفر لدينا كل مقومات الاتحاد، لكن هناك صراعات وأجندات ومصالح مادية تتصدرها بيع الأسلحة، تتخذ من عالمنا الإسلامي سوقاً لترويج بضائعها ولا سبيل لهم في ذلك سوى بث الفرقة والطائفية بيننا نحن المسلمين، فهم يتغذون على ضعفنا، وهم حريصون على أن لا نتحد».
وأشار إلى أن الأزهر انفتح في الحوار الإيجابي على مختلف المؤسسات الدينية حول العالم، ويأتي في مقدمة أولوياته التقاء علماء المسلمين مع بعضهم بعضاً وأن يتحدوا لمواجهة التحديات وتجاوز الأزمات.
التعليقات مغلقة.