أكد الإعلامى والمحلل السياسى اللبنانى “محمد سعيد الرز”، أن لبنان ما بعد انفجار مرفأ بيروت ليس كما قبله، مشيرا إلى أن هناك تغيرات كبيرة ستحدث في لبنان.
وقال محمد الرز في حوار خاص لـ”استثمارات”، أن تركيا تمارس دورا تخريبيا في لبنان منذ سنوات، لكن حل الأزمة في لبنان لن يكون إلا عبر الدول العربية وبقيادة مصر، وإلى نص الحوار:
* رحب رئيس مجلس النواب نبيه بري بعودة سعد الحريري رئيس الوزراء السابق لتشكيل الحكومة.. كيف ترون هذا الأمر وهل من الممكن أن يقبل الحريري بذلك الأمر؟
لم يكن مفاجئا ترشيح السيد نبيه بري سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، فهو رشحه أساسا قبل تكليف حسان دياب برئاسة حكومة التكنوقراط، لكن الحريري رفض وقتها تشكيل الحكومة تحت ضغط الانتفاضة الشعبية العارمة التي دعت لاستقالته، وقال بري “لقد أعطيناه لبن العصفور لكنه لم يستجب”، والآن يعيد بري ترشيح الحريري.
لكن يتضح أن الحريري يشترط حكومة خبراء مستقلين عن القوى السياسية وبصلاحيات استثنائية، وهو ما يتحفظ عليه حزب الله وعدد من القوى السياسية ومن بينهم حلفاء الحريري نفسه مثل سمير جعجع ووليد جنبلاط وسط تحفظ فرنسي وسعودي، حيث لأن المجتمع الدولي يطالب بحكومة مستقلين ينقذون البلد من حالة الانهيار على المستويات.
كذلك تهدف محاولة بري تهدف إلى إعادة إنتاج الطبقة السياسية التي ثار اللبنانيون ضدها وهو طرف أساسي فيها منعا لمحاسبة المرتكبين والفاسدين الذين ينضم عدد منهم إلى جماعته، ونص الدستور اللبناني المنبثق عن اتفاق الطائف على أن مجلس الوزراء هو الذي يمثل السلطة التنفيذية وهذا يعني أن رئيس الحكومة هو رئيس للسلطة التنفيذية ، لكن الطبقة الفاسدة التي تحكمت بلبنان 30 عاما عمدت إلى إضعاف مقام رئيس الحكومة وعززت موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ما أضعف دور السنة في لبنان الذين كان يمثلهم عادة رجال دولة أقوياء مثل رشيد كرامي وصائب سلام وتقي الدين الصلح وسليم الحص.
ومن هنا نرى أن الطبقة الفاسدة تريد رئيسا للحكومة أما مشاركا لها أو ضعيفا في مواقفه ويسهل تطويعه، وسعد الحريري موقفه قوي الآن شرط أن يصر على وزارة مستقلين غير مرتبطة بالطبقة الفاسدة وتتمتع بالكفاءة وتمتلك صلاحيات استثنائية خاصة في المجال الاقتصادي والمالي وإعادة الإعمار.
* هل يوجد أشخاص آخرين يمكنهم تشكيل الحكومة اللبنانية وتحظى بتوافق خلافا للحريري؟
لبنان ملئ بالقيادات الواعية والواعدة وبالطاقات الشابة نظيفة الكف والمستقلة عن منظومة الفساد وهي تؤمن بوطنها وبانتمائها العربي الحضاري وتلتزم بالمطالب الشعبية ومن بينها من سجل انجازات كبيرة في كثير من دول العالم، فالمشكلة ليست في البدائل وإنما في الفاسدين سواء منهم من نهب المال العام أو مارس اأسلوبا حزبيا متزمتا كالذي نراه عند التيار الوطني الحر ومن يتمترس وراء عصبية طائفية أو حزبية أو مصلحية وهؤلاء مهما رفعوا من شعارات إلا أنهم في الواقع يعملون لتضخيم ثرواتهم على حساب لبنان واللبنانيين.
* كيف أثر انفجار بيروت على المشهد السياسي في لبنان؟ وهل نشهد تغيرا حقيقيا أم لن يطرأ جديد؟
ما بعد الانفجار المدمر في مرفأ بيروت في 4 أغسطس الجاري ليس كما قبله الضحايا الذين سقطوا قتلى أو جرحى وتدمير نصف بيروت كل ذلك سيترك تأثيرا كبيرا على الساحة السياسية اللبنانية.
وهناك من يحاول تمييع التحقيقات ومن يعمل لتبرئة نفسه أو أزلامه من المسؤوليات، لكن مما لا شك فيه أن اللبنانيين وبعد صحوتهم من هول الصدمة الفاجعة سيكون لهم موقف عاصف يتجاوز العصبيات الطائفية والزعامات المتهالكة، وكذلك اللبنانيون بعدما لملموا جراحهم سيقولون كلمتهم، وهذا ما يعرفه الفرنسي والأميركي والأوروبي والعربي أيضا لكن حكام لبنان يتعمدون تجاهله ويسيرون بأنفسهم وبوطنهم نحو المخاطر.
وسبق أن أعلنت منظمة الاسكوا أن 55 % من اللبنانيين أصبحوا هذا العام فقراء وأن 40 % من الطبقة الوسطى تهاوى وأن فئة الأثرياء كانت تمثل 15 % العام الماضي فأضحت لا تمثل سوى 5 %هذا العام، إذن تفجير النقمة والعمل على تغيير الطبقة الفاسدة بأكملها لن يتأخر كثيرا وذلك وفقا لشعار “كلن يعني كلن”.
* هدد الرئيس الفرنسي ماكرون بفرض عقوبات على بعض الأفراد في لبنان مطالبا بوضع ميثاق سياسي جديد؟ كيف ترون الدور الفرنسي في تشكيل المرحلة المقبلة في لبنان وهل سيقدر على التأثير؟
4 المجتمع الدولي كلف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالملف اللبناني، وخلال زيارته إلى بيروت ظهر الرئيس ماكرون وكأنه يعرف دقائق وتفاصيل الواقع اللبناني أكثر من المتوقع، ودعا اللبنانيين إلى التغيير الديموقراطي بانتخابات برلمانية مبكرة وحذر الطبقة الحاكمة من عرقلة هذا التغيير تحت طائلة تجميد ثرواتها المهربة إلى الخارج ودعا لتشكيل حكومة جديدة من المستقلين.
كذلك قدم ماكرون مع المجتمع الدولي ومع الدول العربية كميات كبيرة من المساعدات للشعب اللبناني، وأرسل مع دول العالم محققين وبوارج حربية وحاملات طائرات، وكل ذلك ليس للنزهة شرقي البحر المتوسط، ويبدو أن المجتمع الدولي مدعوما من معظم الدول العربية يعمل لإعادة بناء الدولة اللبنانية على أنقاض مفهوم المزرعة الذي ساد منذ 30 عاما وحتى الآن ولا يزال الحاكمون يعمون أعينهم عن هذه الحقائق.
ويتطلب بناء الدولة في لبنان حكومة مستقلة من الخبراء نظيفي الكف، كما يستدعي انتهاء هيمنة ما يسمى الشيعية السياسية المتمثلة بحزب الله وحركة أمل ويتطلب أيضا تغيير التركيبة الحالية القائمة على تحالف شيعي مع تيار رئيس الجمهورية لأن تاريخ لبنان يؤكد استحالة أن يحكم من حزب أو طائفة أو تسوية بين حزبين فلبنان إما أن يكون لكل اللبنانيين أو لا يكون.
* قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تركيا نقلت حوالي 130 عنصرا سوريا من تنظيم حراس الدين إلى طرابلس اللبنانية بعد انفجار بيروت لدعم نفوذها في بعض المناطق؟ ما مدى صحة هذا الأمر وإن كان ذلك كيف ترون الدور التركي حاليا في لبنان؟
تركيا تمارس دورا تخريبيا في لبنان منذ عدة سنوات فهي قامت بتمويل حوالي 150 شخصية ومؤسسة دينية وسياسية وهي أقامت معسكرات تدريب في جرود شمال لبنان لإعادة إنتاج منظمات إرهابية وباخرة الموت روسوس التي حملت 2750 طنا من نيترات الأمونيوم قدمت من مرفأ اسطنبول إلى مرفأ بيروت.
ويعرف اللبنانيون حقيقة التدخل التركي في شؤونهم رغم كل أكاذيب وأراجيف رجب طيب أردوغان وعندما جاء وزير خارجيته إلى بيروت عقب الانفجار قام شباب العاصمة بتحطيم وإحراق الاعلام التركية التي وضعها بعض المرتزقة على طريق مطار بيروت وسبق لهؤلاء الشباب أن طردوا مجموعة من 15 شخصا كانت تهتف لأردوغان في ساحة الشهداء.
كذلك اللبنانيون وخاصة قواهم الحية يعرفون أنه لا يوجد حل للأزمة اللبنانية إلا الحل العربي الجامع بقيادة مصر، وهذا ما يؤكد عليه تاريخ لبنان وحاضره فلبنان ليس ولاية تركية ولا إيرانية ولا أميركية بل دولة عربية الهوية والانتماء حسبما ينص الدستور اللبناني.
* برأي حضرتك هل يؤثر قرار المحكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري على الأوضاع في لبنان؟
لن يكون هناك تأثير أساسي على قرار المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري على الساحة اللبنانية لأن هذا القرار الآتي بعد 15 عاما جاء مبهما كما أن عائلة الرئيس الحريري تصرفت بوعي وحكمة لقطع الطريق على اية فتنة داخلية.
التعليقات مغلقة.