«سوق دبي المالي».. بوابة الاستثمار ومنصة التريليونات
لعب سوق دبي المالي، دوراً حيوياً في تعزيز مسيرة التنمية الاقتصادية في دولة الإمارات عبر تاريخه الممتد على مدى 21 عاماً، سواء من خلال توفير منصة فعالة وحافلة بالفرص لإدراج وتداول الأوراق المالية، إلى جانب دوره كبوابة عبور للاستثمار في اقتصاديات دول منطقة الشرق الأوسط بوجه عام بالنظر إلى تنوع الشركات المدرجة في السوق قطاعياً وجغرافياً على المستوى الإقليمي.
وشكل افتتاح السوق في 26 مارس من عام 2000 من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أحد التطورات المهمة في تاريخ دبي، حيث أسهم السوق في إحداث نقلة نوعية غيرت وجه الأسواق المالية في المنطقة.
وأقدم منذ ذلك الحين على اتخاذ العديد من الخطوات الفريدة من نوعها والتي ساهمت في تحويل سوق دبي المالي إلى البورصة الرائدة في المنطقة.
ونجح سوق دبي المالي سريعاً في الوصول إلى مكانة متقدمة على المستوى الإقليمي كأول سوق مالي في الإمارات، فبعد تأسيسه بأكثر من خمس سنوات وتحديداً في 27 ديسمبر 2005 قرر المجلس التنفيذي لإمارة دبي تحويل السوق إلى شركة مساهمة عامة برأسمال 8 مليارات درهم مقسمة إلى 8 مليارات سهم، وتم طرح نسبة 20% من رأسمال السوق، أي ما يعادل 1.6 مليار سهم للاكتتاب العام.
وشهد الاكتتاب العام إقبالاً كبيراً ومتميزاً فاق كل التوقعات حيث وصل المبلغ المكتتب به إلى ما يقارب 201 مليار درهم، وفي 7 مارس 2007 تم إدراج شركة سوق دبي المالي كأول سوق مدرجة في المنطقة برمز تداول (DFM).
ويتيح السوق، مجموعة واسعة من الأدوات المالية للمستثمرين تضم الأسهم والسندات والصكوك وغيرها من الأدوات المالية، التي يجري تطويرها حالياً بما في ذلك صناديق الاستثمار المتداولة وصناديق الاستثمار المشتركة، وحقوق الإصدار والأذونات المغطاة، ويبلغ عدد الشركات المدرجة في السوق، 64 شركة، بما فيها شركات الإدراج المزدوج.
أصبح سوق دبي المالي على مدى السنوات الماضية بوابة رئيسية للاستثمار الأجنبي في المنطقة، بفضل ما تضمه لائحته من شركات رائدة مدرجة ليس من الإمارات وحدها بل من العديد من دول المنطقة، ما أسهم في مضاعفة نسبة ملكية الأجانب من القيمة السوقية من 11% قبل عشر سنوات إلى 19% حالياً، الأمر الذي يعكس المردود الكبير لجهود السوق المكثفة على مدى السنوات الماضية لمساندة الشركات المدرجة وتهيئتها للتعامل مع شرائح أكثر تنوعاً من المؤسسات الاستثمارية العالمية.
ويعتبر السوق على تواصل مستمر مع كل الجهات المعنية للتعريف بأهم المزايا والفرص الاستثمارية المتاحة في أسواق المال في دبي وتمكين الشركات المدرجة من التفاعل مع كبار المستثمرين إقليمياً وعالمياً لاستعراض قصص النجاح والإنجازات، وآخر تطورات العمل في تلك الشركات، الأمر الذي يعزز في النهاية جهود جذب المستثمرين العالميين وتنويع قاعدة المستثمرين.
حقق سوق دبي المالي منذ انطلاقته وحتى نهاية 2020 قيمة تداولات تقارب الثلاثة تريليونات درهم، فيما وصلت أعداد المستثمرين المسجلين إلى 847 ألف مستثمر بعد أن اجتذب 4027 مستثمراً جديداً خلال 2020، بينهم 2350 مستثمراً أجنبياً، الأمر الذي يؤشر إلى الجاذبية المتزايدة للسوق وقدرته على تحقيق النمو المستدام، حيث تدرك شرائح متزايدة ومتنوعة من المستثمرين قيمة وجاذبية الفرص التي يوفرها السوق.
ويمثل الأجانب ثلث القاعدة الاستثمارية في السوق، ويحافظون بصورة منتظمة على حضور قوي في أنشطة التداول، حيث استحوذوا على 50% من التداولات، وبلغ صافي استثماراتهم في 2020 نحو 661 مليون درهم كمحصلة شراء، كما بلغت ملكيتهم 19% من إجمالي القيمة السوقية للأسهم المدرجة في السوق.
وفر السوق منذ تأسيسه وحتى الآن قناة تمويلية فعالة أسهمت في نمو وتوسع الشركات المدرجة.
حيث أنجزت تلك الشركات اكتتابات عامة من خلال السوق أو زادت من رؤوس أموالها بما يتجاوز 77 مليار درهم، الأمر الذي مكنها من تنفيذ خططها التوسعية وإنجاز مشروعات أحدثت نقلة نوعية في مسيرة التطور الاقتصادي ليس في الإمارات فحسب بل تعدت بمشروعاتها النوعية الحدود، فقاطرة التنمية الاقتصادية في الإمارات لا تتوقف منجزاتها عند حدود الوطن بل تتعداه إلى العديد من دول العالم.
وساعد التمويل المُجمع عبر السوق شركات رائدة في مجالات العقار والمصارف والاتصالات والاستثمار والنقل وغيرها على إحداث نقلات نوعية في العديد من القطاعات ليس في دبي والإمارات فحسب بل في العديد من دول المنطقة التي نقلت التجارب الناجحة للشركات المدرجة.
أسهمت العديد من الخطوات الجديدة التي اتخذها السوق خلال 2020 في تحسن أدائه، ومن أبرزها إطلاق منصة جديدة لتداول العقود المستقبلية للأسهم، بالتعاون مع كل من شركة دبي للمقاصة، بورصة ناسداك دبي، ومجموعة من شركات الوساطة، وذلك في إطار استراتيجية السوق لتنويع المنتجات وفئات الأصول وجذب المزيد من الاستثمارات.
وتوفر المنصة عقوداً مستقبلية لآجال مختلفة، تتراوح بين شهر وشهرين وثلاثة شهور، على الأسهم الفردية لمجموعة من الشركات النشطة المدرجة في السوق وتستهدف تعزيز وتنويع قائمة مشتقات الأسهم المتداولة من خلالها لاحقاً عبر إضافة العقود المستقبلية المرتبطة بالمؤشرات.
كما اكتسبت الاستراتيجية زخماً كبيراً خلال العام الماضي مع إدراج صندوق المؤشرات المتداولة لشركة «شيميرا كابيتال»، ويعمل السوق خلال المرحلة المقبلة على إدراج المزيد من الصناديق المتداولة، علاوة على صناديق الاستثمار العقارية.
ويمضي السوق قُدماً في استكمال خططه خلال 2021، بعد نجاحه في تنفيذ أكبر عملية تطوير للبنية التقنية، علاوة على إنجاز هيكل مؤسسي جديد، يضم شركات مستقلة للمقاصة والإيداع، وكذلك التوسع اللافت في إدراج منتجات جديدة وتنويع فئات الأصول.
وينظر السوق بتفاؤل لآفاق قطاع الاكتتابات العامة والإدراج، خلال العام الجاري مع توفير بدائل إدراج تتسم بالمرونة، وتشمل الإدراج الرئيسي والإدراج المزدوج والسوق الثانية للشركات الخاصة، بما يؤهله لاستقبال المزيد من الإدراجات.
التعليقات مغلقة.