سمية إبراهيم تكتب: كورونا وفيروس العنف المنزلي
بقلم/ سمية إبراهيم
مع بدء عودة الحياة إلي طبيعتها بعد الإجراءات التي فرضتها الحكومات في العالم على المواطنين خوفاً من انتشار فيروس كورونا المستجد سوف يوجه العديد للفترة ليس بقصيرة متلازمة الخوف، هل لدينا الاستعداد النفسي للتعامل بعد كل مشاعر الخوف من انتشار الفيروس؟
كيف يمكن للملايين عودة ممارسة حياتهم بشكل طبيعي بعد حالة الهلع والذعر وتقارير الإصابات والوفيات اليومية حول العالم، كيف يمكن لنا التعامل مع الدائرة القريبة منا بعد الابتعاد والاكتفاء بمكالمات الهاتف خوفاً على حياتنا وحياة من حولنا،التأكيد سوف يتمكن كثيرون من ممارسة حياتهم كأن شي لم يكن، ولكن أعتقد أن هناك كثيرون مثلي يوجهون تلك المخاوف،لكن مع عودة لحياة لطبيعتها يجب أن نعمل معاً علي محو كافة الآثار السليبة لتلك الأزمة لعل أهمها من وجه نظري زيادة أعداد قضايا العنف المنزلي حول العالم والتي ظهرت بشكل مخيف في ظل الحجر حيث قضي الأزواج فترة طويلة معاً في نفس المنزل.
لفت انتباهي تغريدة لـ البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان ورأس الكنيسة الكاثوليكية، طالب رعايا الكنيسة حول العالم بالصلاة من أجل العائلات حتى تعيش في استقرار مع طول فترة الحجر الصحي قائلا: “في زمن الحجر الصحّي هذا، تسعى العائلة للقيام بالعديد من الأمور الجديدة، وهناك إبداع كبير للمضي قدمًا ولكن نجد أحيانًا العنف المنزلي أيضًا. لنصلِّ معًا من أجل العائلات لكي تستمرّ بسلام وإبداع وصبر في هذا الحجر الصحّي”.
ولم يقتصر الأمر علي تغريدة البابا فرنسيس بل تابعه ما يبدو اهتماما من الامم المتحدة التي قالت إن ازمة فيروس كورونا كشفت مدى الاستبعاد الذي يعاني منه أكثر أفراد المجتمع تهميشا، وأن الازمة أثرت في كل جانب من جوانب مجتمعاتنا.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيانا له، دعا فيه الحكومات إلى “وضع سلامة النساء أولا في استجابتها للوباء”. وقال إن “العنف لا يقتصر على ساحات المعارك”كما أعربت منظمة الصحة العالمية عن انزعاجها من التقارير المتعلقة بتزايد العنف المنزلي في العديد من الدول الأوروبية خلال فترة تفشي وباء كوفيد-19. عدد من حكومات دول العالم تحدثت عن شعورهم بالقلق من أن بقاء أعضاء أفراد العائلات في المنازل نتيجة الإجراءات الاحترازية لوقف انتشار فيروس كورونا قد تؤدي إلى زيادة حالات العنف الأسري،حسب الاحصائيات المنشورة أن ألمانيا الأكثر عنفا ضد النساء كان من نصيب دولة ألمانيا حيث تصاب امرأة على الأقل بجروح جسدية كل ساعة في المتوسط على يد شريكها خلال فترة الحظر جراء انتشار فيروس كورونا المستجد.
أما بالنسبة لمصر فقد أظهر استطلاع رأي لمركز بصيرة قال أن المشكلات الأسرية زادت بنسبة 33 %، كما زادت معدلات العنف بين أفراد الأسرة بنسبة 19 % وهو الأمر الذي ينذر بمشكلات أكبر على المجتمع المصري.
وكانت الدكتورة نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة كشفت عن أن المركز يصدر تقريرًا بالشكاوى المقدمة من النساء اللاتي تعرضن للعنف خلال فترة الحجر الصحي، مؤكدة أن التقرير يشير إلى تزايد معدلات العنف الأسري إلى ما يقرب من الضعف خلال أسابيع العزل الماضية، فالزيادة تمثل 85 % من معدلات الشكوى العادية.
في الحياة ما قبل كورونا عانت أكثر من ربع النساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من العنف المنزلي من أزواجهم لعل الأزمة تكون سببا في البدء العمل مع الحكومات لتكون قادرة على الاستثمار في مجال خدمات المجتمع علي المدى الطويل “.
العنف المنزلي ظاهرة لا يمكن إنكارها ولا يصح أن نغمض أعيننا عنها، فهو من الأمور التي تحدث في مجتمعاتنا العربية بشكل مستمر بل ويومي. لابد لنا جميعاً أن نرفضه وأن نشارك في التوعية ضده.
التعليقات مغلقة.