سلاسل التوريد تهدد انتعاش الاقتصاد العالمي
تغذي الاختناقات التي تسود قطاع سلاسل التوريد العالمية، بعضها بعضاً، لتنعكس آثار النقص في المكونات وارتفاع أسعار المواد الخام الضرورية، على أرباب الصناعات حول العالم. كما تقف اضطرابات الإمدادات، عثرة في طريق التعافي الاقتصادي في بعض الدول.
ويتمثل جزء من المشكلة في عدم تناغم الاقتصاد العالمي مع الوباء وفي القيود المفروضة وطرق التعافي. وتجد المنتجات النهائية والمواد الخام والمكونات، لدى موردين على الأجل الطويل في آسيا ومناطق أخرى حول العالم، إقبالاً كبيراً من أصحاب المصانع وتجارة التجزئة في الدول الغربية. ولكن ما زال العديد من الدول الآسيوية، يعاني تحت وطأة إجراءات الإغلاق والقيود الأخرى المفروضة بسبب «كوفيد 19»، ما يقوّض مقدرتها على الإيفاء بالطلب. وفي غضون ذلك، تبرز العديد من العراقيل في طريق المنتجين، نسبة للنقص العالمي في العمالة، حيث هجر الناس وظائفهم خوفاً من الإصابة بالوباء.
النمو العالمي
ومن المتوقع، أن ينجم عن هذه الاختناقات، تراجع في معدلات الإنتاج حتى حلول السنة المقبلة، ما يؤثر على قطاع كان يعول عليه التعافي العالمي حتى وقت ليس بالبعيد. وارتفع الناتج العالمي الصناعي بداية العام 2021 متجاوزاً مستويات ما قبل الجائحة، بيد أنه سلك سكة التراجع منذ ذلك الوقت. وقلص معهد كيل للاقتصاد العالمي، وهو مؤسسة فكرية ألمانية، توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي للعام الحالي، من 6.7% إلى 5.9%، نظراً للقضايا المتعلقة بسلاسل التوريد العالمية، بحسب وول ستريت جورنال.
وأدى تعثر سلاسل التوريد، لارتفاع قياسي في معدلات التضخم في الولايات المتحدة الأميركية وأجزاء من أوروبا، ما انعكس سلباً على إنفاق المستهلك. كما ألقى التضخم، بأعبائه على كاهل البنوك المركزية، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي، ما دفعها لتقليص سياسات التحفيز الخاصة بفيروس «كوفيد 19»، ليطل برأسه عامل آخر من عوامل تعطيل عجلة النمو.
الاختناقات العالمية
ويبدو أنه من الصعب، إنقاذ تجارة التجزئة في موسم أعياد الكريسماس هذه السنة، مع المشاكل التي تعاني منها شبكات النقل العالمية وشح الإمدادات. ويبدو أن الصين، أكبر مركز تجاري في العالم، في قلب هذه الاختناقات العالمية.
وتخضع السفن عند وصولها للموانئ، للحجر لمدة أسبوع أو أكثر، قبل السماح لها بتفريغ حمولاتها. وأضافت عمليات التعطيل التي تعرضت لها السلطات الجمركية وخدمات الموانئ، مزيداً من التأخير. وكلما زاد انتظار السفن في الموانئ الصينية، كلما زاد الوقت الذي يمكن أن تغادر منها خلاله إلى بقية أنحاء العالم، التي تنتظر استقبال المنتجات الصينية المختلفة من أجهزة إلكترونية ولعب أطفال وملابس وغيرها.
ووفقاً لبيانات واردة من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد»، ارتفعت تكلفة الشحن من الصين لأميركا الجنوبية، بنحو 5 مرات منذ بداية العام الحالي، بالمقارنة مع السنة الماضية إبان فترة الوباء.
صناعة الرقائق
وفي غير الصين، أدت إجراءات إغلاق المصانع في ماليزيا جراء كورونا، لتقليص صادراتها من الرقاقات لشركات صناعة السيارات في ألمانيا، في سوق لأشباه الموصلات متعثرة بالفعل لانقطاع التيار الكهربائي، في كل من اليابان وتكساس وتايوان.
وفي إندونيسيا، تسعى شركات التعدين، للحصول على المزيد من السائقين، لمقابلة الطلب العالمي المتصاعد على الفحم والمواد المعدنية، لتصل فترة الانتظار لطلب جديد من شاحنات التوصيل، 9 أشهر تقريباً، وخاصة أن البلاد تعاني من مشاكلها الخاصة المتعلقة بسلاسل التوريد.
وتعطلت عمليات التشغيل أيضاً في موانئ أستراليا، بسبب إضراب العمال، فضلاً عن الإجراءات المتصلة بكورونا. كما توقفت معظم الرحلات الجوية، التي كان الناس يستعيضون بها في الشحن الجوي.
واتجهت شركات صناعة السيارات الألمانية، حيث يشكل القطاع نسبة مقدرة من الإيرادات الصناعية في البلاد، للعمل بالدوام الجزئي وإنتاج السيارات الفاخرة، لتعويض التراجع في الأرباح الناتج عن قلة المبيعات.
ولتقليص فترات انتظار البواخر في الموانئ والخسائر التي يمكن أن تنجم عنها، تتجه بعض الشركات للاستعانة بالناقلات المبردة، لحل مشكلة ربما تستمر حتى نهاية السنة المقبلة، بحسب تي أند جي، أكبر مؤسسة لتصدير الفاكهة في أستراليا.
قطاع السيارات
وتشير تقديرات مؤسسة أليكس بارتنرز الاستشارية، لفقدان قطاع السيارات العالمي، لنحو 7.7 مليون سيارة، أي ما يعادل 10% من الإنتاج المتوقع في 2021، نتيجة للنقص في الرقاقات. كما أن من المتوقع، أن ينجم عن نقص معدلات الإنتاج والمبيعات، تراجع في العائدات بنحو 210 مليار دولار خلال هذه السنة.
وتراجعت مبيعات السيارات في شهر يوليو بنحو 35% في فرنسا، مسجلة أعلى نسبة لها في أوروبا، بينما انخفضت في ألمانيا بنحو 25% وفي إسبانيا 29% ونحو 19% في إيطاليا و30% في المملكة المتحدة. واستمرت وتيرة التراجع في شهر أغسطس، عندما انخفضت مبيعات السيارات الجديدة في أنحاء أوروبا المختلفة 18% إلى 724.7 ألف.
التعليقات مغلقة.