دولة الإمارات وجمهورية الهند شراكة استراتيجية وعلاقات تاريخية
دولة الإمارات وجمهورية الهند شراكة استراتيجية وعلاقات تاريخية
ترتبط دولة الإمارات وجمهورية الهند بعلاقات وثيقة تحوّلت إلى شراكة استراتيجية شاملة في جميع المجالات؛ السياسية والاقتصادية والثقافية، التي يعود تاريخها إلى أكثر من قرن كامل؛ إذ تشترك الدولتان في عوامل عدة؛ أهمها: القرب الجغرافي والروابط التاريخية والتقارب الثقافي، وغيرها من العوامل التي أوجدت مصلحة مشتركة في تعزيز التعاون في المجالات كافة، بدءاً من الطاقة والفضاء والغذاء والتكنولوجيا الحديثة والاستثمارات وليس انتهاء بالبنية التحتية.
وتقوم العلاقات الإماراتية الهندية على أسس راسخة من الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة في العديد من المجالات والتعاون المثمر من أجل التنمية والازدهار للبلدين والشعبين.
كما وتتسم طبيعة العلاقات بين الإمارات والهند بالخصوصية، وبأنها متجذرة وقديمة قدم الخليج العربي، الذي شهد بدايات حركة التجارة وعبور السفن بين البلدين وتبادل السلع والمنافع منذ مئات السنين، وتعززت تلك العلاقات ووضع لها شكلاً وإطاراً تنسيقياً وتعاونياً واضحاً القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه»، الذي قام بزيارة تاريخية إلى الهند في العام 1975 تبعها زيارة رئيسة وزراء الهند الراحلة إنديرا غاندي إلى الإمارات في العام 1981.
وفي الماضي كان النفط والغاز هما التجارة الرئيسة بين الهند والإمارات، واليوم هناك تنوع كبير لحجم النشاط التجاري بينهما ليشمل الذهب والنحاس والخدمات اللوجستية والبتروكيماويات وغيرها، فضلاً عن أن الجالية الهندية في الدولة هي الأكبر عالمياً، ويشهد التبادل السياحي نمواً ملموساً بين البلدين، حيث تعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات.
وتشير الأرقام إلى حجم الفرص الكبيرة التي تملكها الدولتان لتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية بينهما، فهناك فرص كبيرة لتعزيز الاستثمارات المتبادلة بينهما، ولاسيما في قطاعات أشباه الموصلات، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية والمشروعات التنموية الكبرى، وكذلك في مجال استكشاف الفضاء، والشراكة في مجالات الاتصالات، وتقنية المعلومات، والتكنولوجيا الحيوية، والصيدلة، وغيرها، في ظل تحول الإمارات إلى اقتصاد المعرفة، وذلك إلى جانب الاهتمام الكبير الذي توليه قيادتا الدولتين من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية فيما بينهما.
تعتبر الإمارات ثالث أهم مصدر لواردات الهند، وتستحوذ الدولة وحدها على 40% من إجمالي تجارتها مع العالم العربي، كما يتم إعادة تصدير نحو 13% من صادرات الهند عبر دولة الإمارات إلى مجلس التعاون الخليجي وإيران والعراق وبعض دول آسيا الوسطى، كما وتعد اللجنة الإماراتية الهندية المشتركة بين البلدين واحدة من الآليات المؤسسية الأكثر أهمية لدى دولة الإمارات والهند لمناقشة سلسلة كاملة من الشراكة الاستراتيجية الثنائية، حيث يتم خلال اجتماعات اللجنة الوقوف على سريان العلاقات الاستراتيجية المتميزة وسبل تعزيزها وتطويرها في ظل ما يربط البلدين من روابط صداقة مشتركة وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وبحث مجمل المستجدات والتطورات الراهنة.
وترتبط دولة الإمارات مع جمهورية الهند بعلاقات تاريخية طويلة الأمد قائمة على الالتزام المشترك بتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتغطي الاستثمارات المتبادلة بين البلدين العديد من القطاعات الحيوية، من أبرزها قطاع الطاقة والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والنقل الجوي والأمن الغذائي.
كما تتمتع علاقات البلدين، بمتانة وقوة وتعاون وثيق، رسمت ملامحه محطات عدّة، تعود أقدمها إلى ما قبل الميلاد بـ 3 آلاف عام، حيث سطرت كتب التاريخ ما شهدته العلاقات العربية الهندية من تعاون، وكان ميناء رأس الخيمة من بين أشهر موانئ النقل والشحن الشاهدة على تجارة اللؤلؤ والأسماك، التي كانت قائمة بين الهند والخليج العربي منذ عام 3000 قبل الميلاد.
يعد متحف «زايد – غاندي» ملتقى حضارياً، يحتفي بالتبادل الثقافي والحوار، ويسرد حكاية التسامح والتعايش لرؤى مشتركة بين قائدين استثنائيين: المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمهاتما غاندي، كما أنه معرض رقمي تفاعلي يعرض أوجه التشابه بين القائدين في رؤيتهما المشتركة في التسامح ونشر السلام والقيادة الحكيمة وحب الأوطان.
ويحمل المتحف الذي افتتح أخيراً في منارة السعديات بأبوظبي، بالتعاون مع متحف غاندي الرقمي في نيودلهي – بين جنباته الرؤى والمبادئ المشتركة عن المحبة والوطن والقيادة الحكيمة ومحطاتها والسلام والتسامح والإخاء، في زمن تعمه الحروب والنزاعات، كما أنه جاء احتفاء بالقيم الإنسانية للقائد المؤسس الشيخ زايد، وبمناسبة ذكرى مرور 150 عاماً على ميلاد غاندي.
ويهدف المتحف إلى توصيل هذه القيم والمبادئ لشريحة كبيرة من المجتمع تساعدهم على التفاعل مع محتوى المتحف الذي يعبر عن عميق العلاقات الثقافية بين الإمارات والهند، ويحتوي المتحف عبر رفد مجرياته بتكنولوجيا وأعمال فنية مصممة لفنانين إماراتيين، تجسد مفهوم المتحف الإبداعي القائم على القواسم المشتركة بين الشيخ زايد وغاندي، وتكرس المعاني المطروحة في كل ركن من أركانه، فضلاً عن التصاميم الداعمة الأخرى، كما أنه يجمع رؤى مشتركة بين شخصيتين تاريخيتين تركتا بصمة خالدة وصنعتا تاريخاً جديداً لبلديهما.
تربط دولة الإمارات والهند بعلاقات ثنائية قوية ذات جذور تاريخية وقد عينت دولة الإمارات أول سفير لها لدى نيودلهي في العام 1972، بينما عينت الهند أول سفير لها لدى دولة الإمارات في يونيو من العام 1963، كما توجد شراكات استراتيجية بين الدولتين في عدة مجالات، منها الاقتصاد والتجارة والاستثمار، إضافة إلى التعاون في مجالات الدفاع والطاقة والفضاء وتكنولوجيا المعلومات.
التعليقات مغلقة.