دولة الإمارات مركز عالمي لتجارة الذهب
الذهب في تاريخ دولة الإمارات أكثر من مجرد استثمار، بل إنه جزء مهم من الثقافة الإماراتية لقرون ماضية عدة. وتعد قصة تصميم شعار «إكسبو 2020 دبي» أبرز الأدلة التي تعكس تلك العلاقة التاريخية بين دولة الإمارات والذهب.
فالشعار يمكن القول إنه «هدية من التاريخ»، وهو يمثل قطعة أثرية تعود إلى العصر الحديدي ومستوحى من خاتم ذهبي عمره 4000 عام، ذلك الخاتم الأثري المعروض حالياً في متحف «ساروق الحديد» بمنطقة الشندغة، كدليل على أن تجارة الذهب والمعادن النفيسة ظلت متجذرة في تاريخ الإمارات منذ آلاف السنين، حيث عرفت الإمارات صناعة أو «صياغة» الذهب قبل آلاف السنين.
وتتطلع دولة الإمارات إلى الحفاظ على مكانتها كمركز لتجارة الذهب عالمياً، حيث تستحوذ الدولة حالياً على 10% من تجارة المعدن الأصفر في العالم، وهي مُصدر عالمي للذهب، حيث تمثل 11% من إجمالي صادرات الذهب العالمية، وتستحوذ على نسبة 65% من تجارة الشرق الأوسط الخارجية بالذهب.
ويشكل قطاع الذهب نسبة 29% من إجمالي صادرات التجارة الخارجية غير النفطية للدولة، وفي عام 2020 بلغت القيمة الإجمالية لصادرات الإمارات من الذهب ما يقرب من 30 مليار دولار، ما يعكس نمواً بنسبة 56% مقارنة بعام 2019. وخلال النصف الأول من عام 2021، تجاوزت قيمة صادرات الدولة من الذهب 18 مليار دولار، ما يدل على نمو بنسبة 40% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020.
وتعرف دبي عالمياً بأنها «مدينة الذهب»، وتتميز دولة الإمارات بشكل عام بأنها لاعب عالمي مؤثر في تجارة الذهب بما تتميز به من موقع استراتيجي يربط الدول المنتجة ومراكز التصنيع الرئيسية، وأكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم، وهذه ميزة تنافسية فريدة تؤكد أن صناعة الذهب في الإمارات بنيت على أسس ثابتة منذ البداية.
ومن أجل ضمان احتفاظ دولة الإمارات بمكانتها كمركز تجاري عالمي للذهب، وافق مجلس الوزراء في العام الماضي على سياسة اتحادية لضمان تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة والاستدامة والابتكار.
وهذه السياسة مدعومة بأربع مبادرات رئيسية، أولها تشكيل لجنة سبائك الذهب الإماراتية للإشراف على تنفيذ هذه المبادرات المختلفة برئاسة معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية، وتجتمع هذه اللجنة بانتظام لتقييم التقدم المحرز ولضمان البقاء على المسار الصحيح لتحقيق أهداف وغايات السياسة الاتحادية للدولة.
وتتضمن المبادرة الثانية تقديم «معيار الإمارات للتسليم الجيد للذهب»، وهو معيار الجودة والمواصفات الفنية لتكرير الذهب وإنتاجه، ويحتوي على مجموعة من القواعد التي تصف الخصائص الفيزيائية للذهب المستخدم في التسوية في البيع بالجملة، ويوفر أيضاً معايير الجدارة الائتمانية والكفاءة التشغيلية وإجراءات الإنتاج المناسبة، ما يضمن تصنيع الذهب عالي الجودة.
أما المبادرة الثالثة، فهي تطوير قاعدة بيانات فيدرالية للذهب (ستوفر مستودعاً مركزياً للمعلومات يشمل جميع اللاعبين الرئيسيين في القطاع)، في حين يتم العمل ضمن المبادرة الرابعة على إطلاق منصة اتحادية لتداول الذهب وتتبعه (لتوحيد حوكمة صناعة الذهب في جميع أنحاء الإمارات على المستويين الاتحادي والمحلي).
وهذه المبادرات تتماشى مع التزام دولة الإمارات بوضع أعلى المعايير الدولية والالتزام بها وتعكس إيمان الدولة العميق بأن التنظيم والحوكمة المعززين سيؤديان إلى تحول إيجابي وزيادة الشفافية والمساءلة، وبالتالي القدرة على المنافسة في ظل التحديات الحالية.
وتبدأ دولة الإمارات تنفيذ متطلبات «معيار الإمارات للتسليم الجيد» للذهب، اعتباراً من بداية فبراير من العام المقبل بعد منح مصافي الذهب مهلة 3 أشهر لبدء التطبيق.
وكانت لجنة سوق السبائك الإماراتية برئاسة الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية، قد أطلقت رسمياً «معيار التسليم الجيد» للذهب على هامش «مؤتمر دبي للمعادن الثمينة» الذي نظمة مركز دبي للسلع المتعددة، في نهاية الأسبوع الماضي، وبهدف إحداث نقلة نوعية لقطاع الذهب في الدولة، تعزز من موقع الإمارات كمركز عالمي في صناعة وتجارة وتداول الذهب والمعادن الثمينة.
ويمثل اعتماد شعار وخطة إطلاق معيار الإمارات للتسليم الجيد، خطوة جديدة ومهمة في إطار تطوير البنية المؤسسية لحوكمة قطاع الذهب بالدولة وبناء منظومة متكاملة في هذا المجال بما يتماشى مع توجيهات القيادة الرشيدة بتبني أفضل الممارسات الداعمة للمكانة الاقتصادية والتجارية الرائدة لدولة الإمارات، وتعزيز تنافسيتها كإحدى أفضل الوجهات العالمية في مجال تجارة الذهب.
ويعد «معيار الإمارات للتسليم الجيد» للذهب تطبيق لمعيار دبي للتسليم الجيد للذهب على مستوى اتحادي بعد إثبات نجاحه وتطويره لضمان توافقه مع متطلبات الهوية الاتحادية للدولة، وبما يتلاءم مع أحدث الممارسات العالمية ومتطلبات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
ويلزم «معيار الإمارات للتسليم الجيد» للذهب معامل التكرير (مصافي الذهب) بالتدقيق المناسب مع شركات التوريد وإثبات ذلك أمام مراجعين خارجيين لضمان المزيد من الشفافية للقطاع، حيث يبلغ عدد معامل التكرير العاملة في الدولة 28 معملاً منها 13 في دبي.
ويراعي المعيار الجديد الذي تم وضعة بمشاركة 16 جهة على مستوى اتحادي ومحلي، ثلاثة محاور رئيسية تمت مراعاتها عند وضعة وهي تحديد المواصفات من حيث الجودة، والتأكد من مصادر الذهب ودخولها بشكل رسمي إلى الدولة، إلى جانب اتباع الإجراءات الصحيحة عند التسليم والبيع.
والانضمام إلى برنامج «معيار الإمارات للتسليم الجيد» للذهب (اختياري) ولكن وزارة التجارة الخارجية، تشجع معامل التكرير على الانضمام من أجل زيادة استفادة القطاع خاصة في مجال تجارة السبائك الذهبية عبر استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتشجيع معامل التكرير الأجنبية على العمل وتشغيل مصافي خاصة بها في الدولة، ولكي تصبح الإمارات مركزاً استراتيجياً لتجارة السبائك الذهبية تنافس أهم المراكز العالمية مثل لندن وسنغافورة ونيويورك وهونغ كونغ.
ويتميز «معيار الإمارات للتسليم الجيد» للذهب بأنه أكثر شمولاً عن معيار لندن فيما يخص السبائك الذهبية حيث يستهدف السبائك من وزن الكيلو جرام الأكثر تداولاً عالمياً، وكذلك السبائك من وزن 12.5 كيلو جرام، والتي يشملها معيار لندن وتتداول في الأسواق الأوروبية.
وحرصت الإمارات على تطبيق ذلك المعيار من أجل زيادة الحوكمة في قطاع الذهب الذي يساهم بدور رئيس في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، حيث يتضمن المعيار تنظيماً للقطاع بشكل متكامل، وقد طبقت بعض المراكز العالمية لتجارة الذهب معيار للتسليم الجيد للذهب خاص بها مثل لندن، فيما حرصت الإمارات على وضع معيار يتناسب مع طبيعة القطاع في الدولة ومستهدفاتها وضمن الإطار العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
التعليقات مغلقة.