دولة الإمارات تكافح غسل الأموال بإجراءات حاسمة
دولة الإمارات تكافح غسل الأموال بإجراءات حاسمة
تبذل دولة الإمارات جهوداً حثيثة من أجل ضمان امتثال الشركات لقوانين مكافحة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب، وتلبية المتطلبات اللازمة ضمن المعايير والتوجيهات الصادرة عن مجموعة العمل المالي (فاتف).
وتتضمن تلك الجهود تعاون كافة الجهات العاملة في الدولة لهذا الغرض، مع وضع الإرشادات، والإجراءات الجديدة، والخطوات العملية من أجل الرقابة، والتصدي بحسم لمن يحاول ارتكاب تلك النوعية من الجرائم، مع فرض عقوبات رادعة تشمل السجن والغرامات المالية الكبيرة والإبعاد عن الدولة. وقد أثمرت تلك الجهود في جعل الإمارات نموذجاً عالمياً للنجاح في ضمان امتثال الشركات في القطاعات المختلفة بقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ريادة الإمارات
ويؤكد أنطون مسعد، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «سيدار روز»، المتخصصة في توفير حلول مخاطر الائتمان لكبرى الشركات في أكثر من 230 دولة حول العالم، أن دولة الإمارات رائدة في ضمان استمرار امتثال الشركات لقوانين مكافحة غسل الأموال والمستفيدين النهائيين في الشركات، حيث أذنت وزارة الاقتصاد والمصرف المركزي للسلطات المسؤولة عن منح التراخيص في أنحاء الدولة ببدء تنفيذ عقوبات إدارية وغرامات ضد الشركات التي لا تقدم المعلومات حول المستفيدين النهائيين، منبهاً أن هناك ضغطاً متزايداً على الصناعة المالية والقطاعات الرئيسة الأخرى في الاقتصاد للالتزام بهذه اللوائح الجديدة المتعلقة بمكافحة غسل الأموال والمستفيدين النهائيين في الشركات المالكة.
وقال مسعد، إنه في الوقت الذي يوجد فيه اعتراف واسع بهذه الالتزامات بالنسبة للصناعات المنظمة مثل البنوك، شركات التأمين، وغيرها من شركات الصناعات المالية، فإن هناك مؤسسات أخرى اليوم تتأثر بشكل مباشر بهذه المتطلبات للإفصاح وسوف يستمر هذا التوجه في النمو مستقبلاً في القطاعات والصناعات على مستوى العالم، مشيراً إلى ضرورة توعية الشركات، العاملة في مختلف القطاعات، بكيفية ضمان امتثالها للالتزامات التنظيمية، واتخاذ قرارات قائمة على معلومات صحيحة، والحيلولة دون استخدام أعمالها لغسل عائدات الجرائم المالية، والحفاظ على التزامها، وتجنب الغرامات.
ويعمل المصرف المركزي بشكل متواصل مع جميع المؤسسات المالية في الدولة على تحقيق مستويات عالية من الامتثال لمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب والحفاظ عليها، مع فرض العقوبات الإدارية أو المالية، أوكليهما وفقاً للقانون، في حالات عدم الامتثال.
وقد فرض مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي عقوبات رادعة لعدد من المؤسسات المالية العاملة في الدولة، عملاً بأحكام المادة (14) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، والقرارات ذات الصلة الصادرة من مجلس الوزراء ومجلس إدارة المصرف المركزي، ومنها عقوبة مالية قدرها 352 ألف درهم على شركة صرافة أخفقت في تحقيق مستويات ملائمة من الامتثال بالأطر الخاصة بمواجهة غسل الأموال والعقوبات بحلول الموعد المحدد بالقانون. كما تم فرض عقوبات مالية بقيمة إجمالية قدرها 350 ألف درهم على 6 وسطاء حوالة عاملين في الدولة، بسبب عدم قيامهم بالتسجيل على نظام GoAML في الوقت المحدد.
واتخذ «المركزي» إجراءات إدارية، متبوعة بعقوبة مالية على بنك عامل بالدولة، حيث تضمنت إجراءات رقابية تلزم البنك بتعيين استشاري لاتخاذ إجراءات ضرورية عاجلة لمعالجة وتصحيح أوجه القصور في الإطار المعتمد للامتثال لمتطلبات مواجهة غسل الأموال والعقوبات لدى البنك، ثم عقوبة مالية قدرها 19.5 مليون درهم، نظراً لإخفاق البنك في تحقيق مستويات ملائمة من الامتثال بشأن الأُطر الخاصة بمواجهة غسل الأموال والعقوبات لفترة زمنية طويلة.
أحكام جزائية
وفي إطار تكثيف جهود الإمارات في مجال مكافحة جرائم غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب، وإخضاع مرتكبيها لعقوبات رادعة بأحكام القانون، أصدرت أحكاماً بالسجن والغرامة لـ 20 متهماً وسبع شركات اعتبارية، وتجاوز إجمالي المبالغ المُصَادرة 22.6 مليون درهم والغرامات تربو على 60 مليون درهم.
وخلال شهر يناير الماضي، كشفت نيابة الأموال العامة في دبي، عن صدور أحكام إدانة والسجن ضمن ثلاث جرائم ،وذلك لمدد إجمالية نحو 9 سنوات، والغرامة التي زادت في مجموعها على 15 مليون درهم، ومصادرة أكثر من 300 ألف درهم ضمن جرائم تورط فيها أشخاص طبيعيون واعتباريون. وأكد المستشار إسماعيل علي مدني، المحامي العام الأول، رئيس نيابة الأموال العامة في دبي، أن النيابة العامة تواصل جهودها الحثيثة فيما يتعلق بملف الاستراتيجية الوطنية لمواجهة جرائم غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب ونظام مكافحة الجرائم المالية في دولة الإمارات، وفي دعم جهود الدولة في التصدي لهذه الجرائم عن طريق توحيد أدوار الجهات الحكومية المختصة، وتعزيز التعاون فيما بينها. وأوضح أن المُشرِّع أعطى سلطة واضحة للنيابة العامة وشركائها ذوي الاختصاص، كالمحاكم والأجهزة الشرطية والمصرف المركزي والجمارك ووحدة المعلومات المالية والمكتب التنفيذي لمواجهه جرائم غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب، وجهات إنفاذ القانون الأخرى في تلقي البلاغات حول الممارسات المالية المشبوهة، وإصدار القرارات، وتتبع الأموال وضبطها، وفي مراقبة الحسابات البنكية، والدور الذي تقوم به المحكمة الجزائية في الحكم بالجزاءات المقيدة للحرية والمصادرات والغرامات للأموال المتحصلة من تلك الجرائم، وغيرها من السلطات والصلاحيات القانونية التي انبثقت منها إجراءات داعمة ساعدت في الكشف عن الجرائم ومرتكبيها دون الإخلال بالتشريعات النافذة في الدولة.
أصدر مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، في 17 نوفمبر الماضي إرشادات جديدة بشأن مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب لشركات الصرافة المرخصة، وذلك للمساهمة في فهم تلك الشركات المرخصة للمخاطر والتنفيذ الفعال لالتزاماتها القانونية المتعلقة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب. وأخذت هذه الإرشادات في الاعتبار المعايير والتوجيهات الصادرة عن مجموعة العمل المالي (فاتف)، وتنص على أن تعتمد شركات الصرافة المرخصة على برنامجٍ فعّال لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب ومصمم لأغراض منع استغلال هذا النشاط لتسهيل غسل الأموال أو تمويل الإرهاب. ويتعيّن على هذه الشركات تطبيق نهجٍ قائمٍ على المخاطر، وذلك عبر إجراء تقييمٍ منتظم يغطي جميع المخاطر ذات الصلة بأعمال الصرافة، بما في ذلك العملاء والمنتجات والخدمات وقنوات التسليم والتقنيات الجديدة والمخاطر الجغرافية والنظراء والتمويل غير المشروع. وفي الوقت نفسه، يجب أن تصب نتائج تقييم المخاطر لشركات الصرافة المرخصة في مصلحة السياسات الشاملة للبرنامج والإجراءات والضوابط الداخلية، وتدريب الموظفين، للحد من المخاطر بشكل فعّال.
غرفة عمليات مشتركة
ووقعت وحدة المعلومات المالية لدولة الإمارات، مذكرة تفاهم مع القيادة العامة لشرطة دبي، بهدف التعاون في مجال مواجهة جرائم غسل الأموال، وتعقُّب الأصول وعوائد الجريمة بكفاءة عالية، إضافة إلى إنشاء غرفة عمليات مشتركة لمكافحة جرائم غسل الأموال، بما يلبي المتطلبات التشغيلية لإنفاذ القانون.
وقال حامد الزعابي مدير عام المكتب التنفيذي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب «AML/ CTF» إن مذكرة التفاهم تخلق شراكة متميزة في مجالات العمل المشتركة، وفق نظام مؤسسي يسهم في تحقيق استراتيجية الدولة في تعزيز الأمن والأمان، وبما يعزز فاعلية جهود دولة الإمارات في مواجهة الفساد والجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب والتدفقات المالية غير المشروعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، مؤكداً السعي لتقليص التهديدات التي تشكلها هذه الأنشطة على استقرار ونزاهة النظام المالي العالمي، عبر مواصلة تعزيز التعاون مع الشركاء والمكتب التنفيذي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من أجل تحقيق هذا الهدف.
وأفاد علي فيصل باعلوي، رئيس وحدة المعلومات المالية، بأن مذكرة التفاهم ستثمر بشكل إيجابي وفعال في دعم التحقيقات، حيث تقوم الوحدة بتحليل المعاملات والأنشطة المشبوهة التي قد تنطوي على غسل الأموال، وتمويل الإرهاب والأنشطة الإجرامية ذات الصلة، وتستند بذلك إلى البيانات والتقارير الواردة من المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة، بحيث تتعاون وتتشارك جميعها المعرفة للكشف عن تلك الأنشطة، والقيام بالإجراءات اللازمة لمكافحتها.
معايير صارمة
وبعد اعتماد تحويل مركز دبي التجاري العالمي إلى منطقة متكاملة تدعم تنظيم والرقابة على الأصول الافتراضية والمشفرة ومنتجاتها وتبادلاتها الرقمية ومشغليها في إمارة دبي، أعلن مركز دبي التجاري العالمي أنه سيعمل عن قرب مع القطاع الخاص والجهات المعنية لبناء منظومة تشريعية ورقابية نموذجية للأصول الرقمية، وصياغة معايير صارمة فيما يخص مكافحة غسل الأموال، وتتبع مسارات التعاملات عبر الحدود لتوفير وبناء منظومة حوكمة وبيئة أعمال آمنة للشركات والأفراد والمستثمرين في مجال الأصول الافتراضية والمشفّرة، بالتعاون مع كافة السلطات في دبي.
وتقوم لجنة التكامل الاقتصادي التي يرأسها معالي عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد، باستعراض الجهود الوطنية المبذولة في استكمال ملف الدولة للتقييم المتبادل لمجموعة العمل المالي «فاتف»، والدور الرائد التي تتضلع به دوائر التنمية الاقتصادية المحلية والمؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية ذات العلاقة لتطبيق المعايير الدولية وتعزيز مكانة الدولة في ملف مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب وبيانات المستفيد الحقيقي.
التعليقات مغلقة.