دولة الإمارات: الدبلوماسية الوسيلة الوحيدة لحل الأزمات

ترأس معالي خليفة شاهين المرر، وزير دولة، وفد الإمارات العربية المتحدة إلى اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية في دورته العادية 159 الذي عقد أمس في مقر الجامعة العربية.
وعبّر معالي خليفة شاهين المرر، في كلمة دولة الإمارات، أمام مجلس جامعة الدول العربية، عن التضامن مع الجمهورية العربية السورية وجمهورية تركيا، وتقديم خالص التعازي والمواساة في ضحايا البلدين جرّاء الزلازل المدمرة التي أصابتهما مؤخراً، سائلاً الله تعالى الرحمة للضحايا، والشفاء العاجل للمصابين، وأكّد موقف دولة الإمارات في الوقوف إلى جانب البلدين في ظل هذه الظروف الصعبة والمأساة الإنسانية الكبيرة التي يواجهانها.
وأوضح معاليه أنّ دولة الإمارات تقوم بواجبها في هذا الصدد، حيث استجابت بشكل فوري لنداء الواجب الإنساني بعد وقوع الكارثة، ولا تزال، حيث أطلقت عملية «الفارس الشهم2»، وسيّرت جسراً جوياً يحمل فرق البحث والإنقاذ ومواد الإغاثة والإيواء والأدوية والعلاج والمستشفيات الميدانية، مبيناً أنّ عدد الرحلات الجوية ضمن هذه العملية وصل إلى 210 حتى تاريخ 5 مارس، إضافة إلى 12 طائرة من المدينة الإنسانية في دبي، منها 145 طائرة إلى سوريا.
كما قدّم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، 150 مليون دولار أميركي لدعم المتضررين، منها 100 مليون لسوريا. كما قدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، 50 مليون درهم.

جسور الخير
كما أطلقت دولة الإمارات حملة «جسور الخير» لتقديم التبرعات العينية والنقدية، وقد جمعت الحملة حتى الآن (180 مليون درهم)، منها 50 مليوناً من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات).
وتابع «إنّ هذه العملية لا تزال مستمرة في إيصال المساعدات إلى سوريا جواً وبحراً، وبمعدل أربع طائرات يومياً».
وقال معاليه: «وهنا لا بد من الإشادة بما أظهرته الدول العربية من تضامن مع الشعب السوري الشقيق، وهو ما يؤكد أن لا بديل لسوريا عن محيطها العربي، ولا بديل للعرب عن احتضان سوريا وتضميد جراحها، ونؤكد أهمية إبقاء هذا الزخم من التضامن العربي والاهتمام بالملف السوري بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق وصولاً إلى عودة سوريا إلى محيطها العربي».
وشدّد: «على أهمية البناء على التضامن العربي مع سوريا في مواجهة كارثة الزلازل، وانتهاز هذه الفرصة للاتفاق على دور عربي فاعل وحاسم للإسهام الجاد في الحل السياسي للأزمة السورية، ورفض التدخلات الإقليمية في سوريا».

عملية السلام
وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال معالي المرر: «إنّه منذ بداية الدورة الـ 158 لمجلسنا الموقر وحتى الآن، تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيداً مقلقاً يهدد بتقويض حل الدولتين، وسد طريق عملية السلام لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وإذا كنا قد تفاءلنا خيراً بنتائج اجتماع العقبة المنعقد بتاريخ 26 فبراير 2023 تمّ دفع الأوضاع مرة أخرى إلى أتون التصعيد والعنف الذي يهدد بخروج الأوضاع عن السيطرة، الأمر الذي دفعنا إلى الذهاب مرة أخرى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في جلسة مغلقة بهدف الدفع بإعادة الأمور إلى مسار التهدئة وعدم التصعيد ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم لكف يد المتطرفين من التحكم في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وذلك بعد أن نجحنا في إصدار بيان رئاسي من مجلس الأمن بالإجماع بتاريخ 21 فبراير 2023 يندد بأعمال البناء والتوسع في المستوطنات الإسرائيلية، ويعارض التدابير أحادية الجانب التي من شأنها عرقلة آفاق حل الدولتين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويؤكد أهمية خلق أفق سياسي يعيد الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وهذا البيان هو الأول في مجلس الأمن لصالح الحق الفلسطيني منذ ست سنوات». وشدّد معاليه على «أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة تدعم الجهود الإقليمية والدولية كافة المبذولة للدفع قدماً بعملية السلام في الشرق الأوسط على أساس حل الدولتين، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وخلق بيئة مناسبة تتيح العودة إلى مفاوضات جدية تفضي إلى تحقيق سلام عادل وشامل ودائم».
وثمّنت دولة الإمارات الدور الذي تضطلع به جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقتين في هذا الصدد. وأضاف: «لم يختلف المشهد الجيوسياسي كثيراً في الساحة الدولية منذ بداية الدورة الـ 158 في مارس 2022، بل ازدادت حالة الاستقطاب والانقسام في النظام الدولي حدة، لذا فلا بد من إعادة التأكيد بأن الإمارات العربية المتحدة تعبّر عن القلق من تداعيات هذا الوضع على السلام والأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، ونجد أنه من الضروري التأكيد مرة أخرى على ما نؤمن به من أهمية التمسك بمبادئ وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية، والعمل متعدد الأطراف، واحترام مبدأ تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية، واحترام سيادة الدول واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والإيمان الراسخ بأن الدبلوماسية لا تزال الوسيلة الوحيدة والأنجع لحل الأزمات، ودعم استخدام الحوار والمفاوضات كأداة لا غنى عنها لمعالجة الصراعات القائمة إقليمياً ودولياً».

التحديات
وبخصوص التحديات القائمة في منطقتنا العربية ومواجهتها، أكّد معالي خليفة شاهين المرر على أنّه «لا بد من إحداث تقدم في تعزيز الدور العربي في حل الأزمات السياسية العربية والانخراط في مسار يفضي إلى تقوية الصلات العربية البينية، وتعزيز جسور التواصل والعمل المشترك لتجاوز تعقيدات الوضع القائم، وترميم قواعد الأمن العربي المشترك، والتضامن في مواجهة الأزمات الإقليمية وحالة عدم اليقين في مآلات الوضع الجيوسياسي في الساحة الدولية».
وأعربت دولة الإمارات عن «الأمل في تجاوز الظروف التي تمر بها المنطقة لتنعم شعوبنا العربية بالأمن والاستقرار والحياة الكريمة».
وتابع معالي المرر: «إننا في الإمارات العربية المتحدة، إذ نركز على نهج تعزيز جسور التواصل واعتماد الحلول السياسية والدبلوماسية في الخلافات بين الدول، فإننا نجدد الدعوة لإيران إلى الرد الإيجابي على دعواتنا المتكررة للحل السلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية».
وحيال الوضع اليمني، قال معاليه: «نؤكد دعمنا لمجلس القيادة الرئاسي اليمني، وعلى الدور المحوري للمملكة العربية السعودية الشقيقة في قيادة تحالف دعم الشرعية، وجهودها في الوصول إلى عملية سياسية يمنية لحل الأزمة بما يحقق مصلحة الشعب اليمني الشقيق»، كما جدّد التأكيد على دعم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن والجهود الأخرى الهادفة إلى إيجاد آلية لوقف دائم لإطلاق النار، والبدء بحوار جاد للتوصل إلى تسوية سياسية مستدامة للأزمة اليمنية.

تعنت الحوثيين
وأضاف: «نعرب عن قلقنا من تعنت جماعة الحوثيين واستمرارها في مهاجمة المنشآت المدنية والنفطية، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، ونؤكد أهمية الضغط على الحوثيين وتحميلهم مسؤولية تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في اليمن، ودفعهم إلى الانصياع لمتطلبات السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني الشقيق».
وفي ما يتعلق بالشأن الليبي، أكّدت دولة الإمارات «ضرورة التزام جميع الأطراف الليبية بضبط النفس والحوار وتغليب المصلحة الوطنية، لإعادة الأمن والاستقرار، كما نجدد موقفنا الداعي إلى حل الصراع في ليبيا من خلال عملية سياسية يقودها ويمتلكها الليبيون، ودعم جهود المبعوث الأممي إلى ليبيا، والجهود الدولية الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، بما يحقق تطلعات الشعب الليبي الشقيق في التنمية والاستقرار والازدهار».
وحول الأوضاع في العراق، أكدت «دولة الإمارات وقوفها وتضامنها مع العراق في مواجهة التحديات التي يمر بها، وتتطلع إلى عراق مستقر ومزدهر، وتدعم كل ما يحقق للعراق أمنه واستقراره ووحدة أراضيه وسيادته واستقلاله».
وبشأن السودان، قال معاليه إنّ «دولة الإمارات تدعم مختلف الجهود والمبادرات التي تصب في صالح الشعب السوداني على صعيد الوحدة والبناء والتنمية والتأسيس لمرحلة جديدة ينعم خلالها السودان بالاستقرار والازدهار، وتعبّر عن الثقة في قدرة السودان على إنجاح المرحلة الانتقالية والتوصل إلى اتفاق سياسي مستدام».
وحول الصومال، قال معالي المرر: «دولة الإمارات تقف إلى جانب الصومال الشقيق لتجاوز مختلف التحديات التي تواجهه، وتدعم جهود الحكومة الصومالية لمكافحة حركة الشباب الإرهابية والتنظيمات الإرهابية الأخرى، كي ينعم الشعب الصومالي الشقيق بالرخاء والازدهار».

التغير المناخي
وفي ما يتعلق بمواجهة تحديات التغير المناخي، أشادت كلمة دولة الإمارات بالنجاح الذي تحقق في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي (COP27) الذي استضافته جمهورية مصر العربية في نوفمبر الماضي.
وقال معالي المرر في هذا الإطار: نتطلع إلى مؤتمر الأطراف المقبل (COP28) الذي تستضيفه الإمارات في مدينة إكسبو دبي في نوفمبر 2023، والذي بدأت الدولة الاستعداد والتحضير له بنشاط وزخم كبيرين، بإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2023 عاماً للاستدامة، انطلاقاً من أننا نؤمن بأهمية التعاون الدولي واحتواء الجميع في العمل المناخي، ونعول على النجاح في التوصل إلى الإجماع في سبيل تحويل الأقوال والتعهدات إلى أفعال وإجراءات، ونعمل على أن يكون (COP28) مؤتمراً جامعاً لكل أصحاب المصلحة من حكومات وقطاع خاص وشباب ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق الأجندة الدولية للعمل المناخي وتحول الطاقة، وتحقيق تقدم فعلي في مختلف المسارات.
وأضاف معاليه: «دولة الإمارات مصممة على تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 من خلال الاستراتيجية الوطنية الطموحة، وبناء الشراكات الإقليمية والدولية، ومد جسور التعاون الدولي، انطلاقاً من رؤية قيادة دولة الإمارات التي تعتبر أن العمل المناخي فرصة لتنمية الاقتصاد وتنويعه عبر مختلف القطاعات. ومن هنا نتطلع إلى مشاركة وإسهامات الأشقاء في الدول العربية في إنجاح مؤتمر (COP28)، بما يخدم مستقبل استقرار وازدهار المنطقة، والتغلب على التحديات المناخية والبيئية القائمة».

العمل الجماعي
شدّدت كلمة دولة الإمارات على أنّ: «حالة عدم اليقين وازدياد التوتر في المشهد الدولي تضاعف من التحديات غير المسبوقة التي تواجهها دولنا العربية، مما يتطلب تكثيف العمل الجماعي، وزيادة وتيرة التنسيق والتعاون والعمل المشترك العربي، والإسراع في حل الأزمات التي تعيشها المنطقة، توخياً لإعادة التفاؤل والأمل إلى الشعوب العربية من أجل مستقبل أفضل، انطلاقاً من تركيز الجهود لدفع أجندة السلام والاستقرار والتنمية والازدهار».
وأشار معالي المرر في الكلمة: «هذا ما رامت إليه القمة التشاورية بين القادة التي استضافتها أبوظبي يوم 18 يناير 2023 والتي سعت لبحث أفضل السبل لمواجهة التحديات التي تعيشها المنطقة، فلا زالت جملة من التحديات ماثلة أمامنا، فمن تحديات التعافي من أزمة كوفيد19، إلى تحديات أزمة الغذاء التي يواجهها العالم وتداعياتها المؤلمة على الدول العربية، إلى تحديات التغير المناخي وشح المياه، إلى تحديات الأمن والاستقرار ومحاربة التطرف والإرهاب، كلها تتطلب عملاً عربياً مشتركا جاداً ومعالجات حكيمة وعقلانية مبتكرة».

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد