“خالد الشافعى” لـ”استثمارات.. اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان ستدعم عمليات التنقيب.. وقطاع الطاقة الحصان الأسود لاقتصاد مصر
قال الدكتور “خالد الشافعى”، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان سيكون له آثار اقتصادية إيجابية بالنسبة للقاهرة.
وأوضح الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ”استثمارات”، ان الحكومة المصرية اتخذت حزمة من الإجراءات استطاعت من خلالها دعم الاقتصاد للتغلب على تداعيات جائحة كورونا “كوفيد 19″، وإلى نص الحوار:
* كيف تأثر وضع الاقتصاد المصري بسبب جائحة كورونا؟
لابد التأكيد على أن التحدي الأبرز فى موضوع كورونا هو تحدي اقتصادي وليس صحي من وجهة نظري فهناك تأثر لحركة استيراد والتصدير في دول العالم ، وهو ما يؤثر بالسلب على حركة التجارة العالمية.
والاقتصاد بصورة كلية تضرر من خلال بطء حركة الاستثمارات المحلية إضافة إلى لجوء بعض القطاعات الاقتصادية الي تسريح العمالة إضافة إلى تضرر حركة الإمداد والتوريد للمصانع وكذلك هبوط محدود بالصادرات الصناعية، وأخيرا فقد الاحتياطي النقدي المصري حوالي 8 مليار دولار ليهبط من 45 إلي 38 مليار دولار قبل أن يعود للصعود مجددا مع لجوء مصر إلي الاقتراض الخارجي لدعم الاحتياطي لديها.
* ما هي أبرز القطاعات الاقتصادية التي تأثرت في مصر نتيجة جائحة كورونا؟
هذا الأمر أثر على إيرادات قناة السويس، وكذلك حركة الاستثمارات العالميه تأثرت بالفعل، لكن لا يمكن التوقع بنسب الانخفاض في حركة الاستثمارات العالمية إلا بنهاية العام وهذه هي الجوانب التي أثرت على وضع الاقتصاد.
كذلك قطاع السياحة تأثرت بصورة سلبية وهناك توقعات تشير إلى أن خسائر هذا القطاع في مصر وصلت إلى 3 مليار دولار وربما يزيد قليلا، وهذا واضح من الدعم الحكومي الكبير لهذا القطاع مؤخراً بتمويلات ومبادرات تجاوزت 100 مليار جنيه من أجل تحقيق المعادلة الصعبة وهي عدم انهيار هذا القطاع والحفاظ على العمالة، وهذا أيضا أحد الجوانب التي تأثر بها اقتصاد مصر.
* ما أبرز الآليات التي اتبعتها الحكومة المصرية لمواجهة آثار كورونا ؟ وكيف نجحت في احتواء آثار الفيروس؟
الآليات حددتها الحكومة إجراءات مصر الاقتصادية كثيرة جداً، لعل أهمها خفض أسعار الفائدة 3 % وضخ 100 مليار جنيه لمواجهة الفيروس وتأجيل ضريبة البورصة وخفض أسعار الغاز للمصانع بحوالي 10% تقريبا وخفض أسعار الكهرباء للنشاط الصناعي كل هذه الإجراءات محفزة للنشاط الاقتصادي.
كما أن البنك المركزي خفض الفائدة 3%، وهي خطوة لاحقة لقرارات سابقة لاحتواء أثر فيروس كورونا، عبر إتاحة 100 مليار جنيه لمواجهة انتشار كورونا، لكن قرار المركزي لابد أن ننظر له من اتجاهين وكلاهما ايجابي، الأول هو أن هذا القرار يدعم توجه الشركات التي تسعي إلي التوسعات الاستثمارية الجديدة خاصة أن الفائدة بوضعها القديم كان غير محفز للاقتراض بهدف زيادة النشاط الاستثماري، والنظرة الثانية لقرار خفض الفائدة، مرتبط بمعدلات الديون الحكومية، فهذا الخفض سيؤدي إلى تراجع الديون الحكومية المستقبلية عند الاقتراض الأسبوعي، في صورة سندات وأذون خزانة، لذلك فإن القرار من شأنه التأثير على معدلات الاستدانة الحكومية، أي هبوط فائدة الديون المستقبلية.
شق آخر في خفض الفائدة وتأثيره كأحد آليات مواجهة تداعيات فيروس كورونا، هو أنه قد يقلل من الإيداع في البنوك نتيجة هبوط العائد ومن ثم اتجاه المواطنين إلي سبل أخري لاستغلال فوائضهم المالية، سواء بوضعها في الذهب أو شراء اصول عقارية أو أراضى لكن تم احتواء هذه السيولة عبر الشهادات الاستثمارية البنكية بفائدة 15% التي تتيحها البنوك الحكومية.
* كيف تعمل الحكومة المصرية على تنويع مصادر التمويل؟
الحكومة تسعي لتنويع مصادر التمويل لتخفيض تكلفة الاقتراض، بمعني أن هناك اتجاه لتقليل الاستدانة الداخلية والاعتماد بصورة أوسع على طرق استدانة أقل في تكلفتها من الاستدانة من السوق المحلية ومن ثم اللجوء إلى الاستدانة من خلال طروحات سندات مقومة بالعملات الأجنبية لتوفير احتياجات الموازنة العامة وسد العجز المزمن فيها، وكذلك دعم الاحتياطي النقدي.
* كيف ساعدت القروض التي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي لمساعدتها في تجاوز جائحة كورونا؟
هذه التمويلات ساهمت في تحقيق أول زيادة في الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي منذ بداية أزمة فيروس كورونا، ولابد التأكيد على أن مصر لها تجربة ناجحة مع الصندوق خلال 2016، لكن المرحلة الحالية ليست برنامج شامل لكنه تمويل من حصة القاهرة لعبور أزمة كورونا ودعم الاحتياطي النقدي، من خلال إيجاد مصادر تمويل بتكلفة أقل.
ومن ضمن التمويل الذى لجأت له مصر الحصول على 2.7 مليار دولار من صندوق النقد الدولى الذى يُمثل قيمة التمويل الائتماني السريع الممنوح للحكومة المصرية، ثم قرض آخر 5.2 مليار دولار، بما يُترجم إشادة المؤسسات المالية الدولية بالسياسات الاقتصادية والمالية المصرية المتبعة، وبما انعكس على تثبيت التصنيف الائتماني لمصر مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد وهذا ما حدث فعليا من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني وهي فيتش وستاندر وموديز.
هذه التمويلات بخلاف مساهمتها في زيادة الاحتياطي النقدي وتحقيق استقرار سعر الصرف، لكنها عكست ثقة المؤسسات المالية فى قدرة مصر على التعامل مع الصدمات الخارجية رغم التداعيات السلبية لأزمة تفشى فيروس كورونا المستجد.
هذه التمويلات ساهمت أيضا في احتواء الأثر الاقتصادى والمالى لجائحة كورونا، والتى تضررت منها كبرى الاقتصاديات العالمية، وحزمة التمويل المالية الجديدة تدعم جهود الدولة فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد ولمساعدة الاقتصاد المصرى فى الحفاظ على مكتسبات نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى.
* كيف ترون الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة تداعيات كورونا؟
لا يمكن قياس أثر الإجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا الآن، فنحن لا نزال في الآزمة وربما نجد ظهور قرارات أخري خلال الفترة المقبلة، فنتائج هذه الخطوات لن تظهر الآن بأي حال من الأحوال، فالاقتصاد لا يقاس بالأسابيع، الأمر يحتاج إلى شهور ربما في نهاية 2020، فاجراءات وزارة المالية وقرارات الحكومة ستظهر لاحقا.
ونريد هنا أيضا الحديث عن تأثير ارتفاع الاحتياطي علي سعر الدولار، ونؤكد أن تعامل الجنيه والدولار فى السوق مرتبط بالعرض والطلب ولا خلاف على ذلك، كلما زاد العرض وتراجع الطلب كلما حدث تراجع للدولار وارتفاع للجنيه والعكس صحيح، ومؤخرا تراجع الجنيه وارتفع الدولار وهذا ناتج من تراجع كبير فى الاحتياطي الدولارى لتلبية احتياجات الدولة من العملة الصعبة ، لكن حاليا مصر تلقى دفعات من تمويلات تصل الى 13 مليار دولار ما بين قروض وسندات وهو ما بدأ تظهر آثاره على السوق وحدث هبوط طفيف فى أسعار الدولار وتعافي جزئى للجنيه.
ولا يمكن التوقع بسيناريو محتمل لأن الأزمة غير محددة المدة الزمنية، بكن الإجراءات الحكومية الاخيره ستخفف من الآثار السلبية لهذا الوضع الذى يؤثر على الاقتصاد العالمي ككل وليس مصر منفردة ، لكن على مستوي الشركات والمصانع كل منشأة لها رؤية في التعامل مع هذه الأزمة، بعد أن نفذت الحكومة قرارات هدفها الأول تلافي الأثار السلبية للفيروس ووضعت الأطر العامة للتسهيل على حركة الاقتصاد خلال ال6 أشهر الماضية، سواء بقرارات البنك المركزي أو بالقرارات الحكومية المحفزة للأنشطة الاقتصادية.
* هل يشهد السوق المصرفي المصري ؤاستقرارا خلال الفترة المقبلة؟
بالنظر الى وضع السوق المصرفى سنجد أنه يشهد حالة استقرار الآن مع ضخ مليارات الدولارات وكذلك بدأ العودة التدريجية لقطاع السياحة وكل هذا يقابله تراجع فى الاستيراد، وفق تصريحات محافظ البنك المركزى وهذا ما سيؤمن على الأقل عدم صعود الدولار الفترة المقبلة لأو حتي بقاءه فى حدوده الحالية.
فكرة زيادة سعر الدولار أو ارتفاع فى قوة الجنيه له عوامل تحكمه، الأول حجم التدفق فى النقد الأجنبى وما يقابله من طلب على الدولار، وحتى هذه اللحظة الطلب على الدولار ليس بالقوة التى يمكن أن تؤثر فى سعره ارتفاعا، لكن قد نشهد الفترة القادمة تخارج من أدوات الدين وهذا من شأنه صعود طفيف فى سعر الدولار، لأنه على الرغم من خفض الفائدة الحالية لكننا لا تزال مصر تقدم عائد أكبر مقارنة بالأسواق الناشئة وفى إطار فائدة صفرية لدى بعض دول أوروبا وخفض حاد للفائدة فى أمريكا.
* وقعت مصر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان.. برأيك كيف سيدعم ذلك أعمال التنقيب واكتشافات الغاز بالنسبة لمصر؟
بالطبع أعمال التنقيب والبحث عن الغاز ستتواصل وبقوة بعد ترسيم الحدود مع اليونان، وهذا تظهر آثاره مستقبلا على الاقتصاد إذا ما تم إيجاد حقول جديدة على غرار حقل الغاز الطبيعي ظهر
* هل يؤثر استمرار انخفاض أسعار النفط على عمليات البحث والانتاج التي تقوم بها مصر في مجال النفط والغاز؟
أعتقد أن يكون لانخفاض سعر النفط تأثير بشكل كبير على مصر، خاصة أنه سوق واسع وشركات كبيرة تسعي لتوسيع تواجدها في مصر، لكن قد يحدث تباطؤ نتيجة ارتفاع التكلفة الاستكشافية مع هبوط الأسعار لكن اتوقع أن يكون هذا القطاع هو الحصان الأسود بالاقتصاد المصري.
التعليقات مغلقة.