توجهات 2025: تشكيل مستقبل التخزين في المستودعات واللوجستيات الداخلية

بقلم \رامي يونس، مدير عام شركة سويس لوج ميدل ايست ش.ذ.م.م

يشهد قطاع التخزين المستقبلي في المستودعات تطورًا جذريًا بفضل الابتكارات التكنولوجية وتغير توقعات المستهلكين والسعي المستمر لتحقيق الكفاءة التشغيلية. تستثمر الحكومات بقوة في ترسيخ مكانتها في منطقة الشرق الأوسط كمركز لوجستي عالمي، حيث التزمت المملكة العربية السعودية بضخ أكثر من 267 مليار دولار في قطاعاتها اللوجستية بحلول عام 2030.

مع دخولنا العام الجديد، تتخطى المؤسسات عقبات الأتمتة، وتزيد استثماراتها في التقنيات المثبتة، وتفتح آفاقاً جديدة للكفاءة من خلال الأتمتة والذكاء الاصطناعي. هذه التطورات تُحدث ثورة في مشهد اللوجستيات، ممهدة الطريق لتحولات جذرية. ومع تسارع وتيرة الابتكار، تلوح في الأفق اتجاهات رئيسية من المتوقع أن تعيد تعريف هذا المجال خلال العام المقبل.

الذكاء الاصطناعي في المستودعات

سيكون الذكاء الاصطناعي محركًا أساسيًا لتقنيات المستودعات المستقبلية مدفوعاً بالكفاءة والتحسين واتخاذ القرارات الذكية. ستُتيح الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التنبؤ بالطلبات بدقة والصيانة التنبؤية وإدارة المخزون بشكل فوري، والتكامل السلس مع حلول أتمتة المستودعات. تعمل هذه الرؤى على تبسيط تنفيذ الطلبات وتحسين تدفق المواد وتعزيز أداء سلسلة التوريد بشكل عام، مما يتيح للمستودعات تلبية الطلبات المتزايدة بدقة.

يعزز التآزر بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأتمتة قدرات اتخاذ القرار، مما يسمح بعمل مواءمات فورية على الظروف المتغيرة أو الأحداث غير المتوقعة. تتعلم هذه الأنظمة التكيفية وتصقل عملياتها، مما يضمن بقاء العمليات مرنة ومتجاوبة في مجال ديناميكي. سيعتمد مستودع المستقبل بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي لتحسين اللوجستيات الداخلية، مما يتيح للشركات تحقيق مستويات غير مسبوقة من الإنتاجية والمرونة.

البيانات الضخمة لتحقيق ميزة تنافسية

توفر أنظمة إدارة المستودعات المتقدمة وأدوات تحليل البيانات رؤى دقيقة فورية حول مستويات المخزون وأنماط الطلب ونقاط الضعف التشغيلية. من خلال الاستفادة من التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي والخوارزميات المتقدمة، يمكن لهذه الحلول المستندة إلى البيانات التعرف على الأنماط والتنبؤ بالطلبات بدقة وتحسين تخصيص الموارد وتبسيط العمليات لتحقيق أقصى قدر ممكن من الكفاءة.

علاوة على ذلك، تتيح قدرات الصيانة التنبؤية المدعومة بتحليلات البيانات تقليل فترات تعطل المعدات، مما يعزز الكفاءة التشغيلية ويحد من التوقفات التي تكلف الكثير. سيسهل التتبع الفوري والرؤية الواضحة لمواقع الأصول ومستويات المخزون ونقاط الصعف في العمليات اتخاذ القرارات الاستباقية وتسريع حل المشكلات، مما يدفع التحسين المستمر عبر سلسلة التوريد بأكملها.

توفر برمجيات المستودعات المستندة إلى البيانات إمكانيات متقدمة مثل محاكاة التوائم الرقمية، مما يسمح للشركات بتصميم نماذج افتراضية واختبار سيناريوهات متعددة قبل تنفيذ التغييرات. يضمن هذا النهج المستند إلى البيانات اتخاذ قرارات مدروسة وتحقيق أقصى أداء للمستودعات.

تبني الثورة الروبوتية

تؤدي الروبوتات مهامًا حيوية مثل الانتقاء والتغليف والصيانة. كما تشير التقارير الحديثة إلى أنه بحلول عام 2025، قد تتولى الروبوتات المستقلة معالجة ما يصل إلى 50% من طلبات التجارة الإلكترونية، مما يعكس التوجه المتزايد للشركات الطموحة نحو تبني الأتمتة لتعزيز الكفاءة وتحسين العمليات.

في منطقة الشرق الأوسط، أحدثت تقنيات الأتمتة، مثل أنظمة التخزين الروبوتية والروبوتات المتنقلة المستقلة، تطورًا كبيرًا في عمليات المستودعات. تمكن هذه الابتكارات الشركات من تحسين قدراتها في تلبية الطلبات، وتقليل الأخطاء، ومواكبة متطلبات العملاء المتغيرة باستمرار.

بحلول عام 2025، ستغير التطورات في الروبوتات المتحركة الذاتية (AMRs) والمركبات المُسيرة آلياً (AGVs) وأنظمة التخزين والاسترجاع الآلية (AS/RS) عمليات المستودعات الديناميكية. ستحدث تقنيات وأنظمة التخزين والاسترجاع الآلية ((AS/RS ثورة في إدارة المخزون، مع أتمتة التخزين والاسترجاع وزيادة مساحة الأرضية بنسبة تصل إلى 85%، ودفع العائد على الاستثمار في قطاعات مثل تجارة التجزئة في البقالة.

التعهيد من البلدان القريبة

بعد سنوات من التركيز على أتمتة مهام الانتقاء لتلبية احتياجات التجارة الإلكترونية والتوزيع متعدد القنوات، تعود أنظمة مناولة المنصات  إلى دائرة الضوء، مدفوعة بتوجه الشركات نحو إعادة هيكلة سلاسل التوريد لتعزيز مرونتها التشغيلية. يرجع ذلك جزئيًا إلى الزخم المستمر حول عمليات التعهيد من البلدان القريبة، حيث يعيد المصنعون تركيز سلسلة التوريد الخاصة بهم لتحسين المرونة. يدفع هذا تطوير مستودعات الارتفاعات العالية التي تدعم توزيع المنتجات المخزنة على المنصات، مما سيؤدي إلى زيادة الاستثمار في أنظمة مناولة المنصات، لا سيما أنظمة التخزين والاسترجاع الآلية القائمة على الرافعات (ASRS).

تتيح الحلول المسندة إلى التقنيات مثل رافعات سويس لوج فيكتورا الاستفادة المثلى من المساحات في المستودعات عالية التخزين وتقديم أداء موثوق به على مدار عقود من الخدمة. كما يمكن لسلاسل التوريد التي تعتمد بالفعل على أنظمة التخزين والاسترجاع الآلية (ASRS) تحسين قيمة هذه الحلول من خلال الاستثمار في خدمات دعم دورة الحياة، مما يضمن استمرارية الأداء والقدرة على التكيف مع المتغيرات المستقبلية.

الاستدامة في الصدارة

تشهد منطقة الشرق الأوسط طلبًا متزايدًا على الخدمات اللوجستية الصديقة للبيئة، تماشيًا مع رؤية السعودية 2030 ومبادرات الحياد المناخي في الإمارات العربية المتحدة، والتي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية. أصبحت الاستدامة مبدأ أساسيًا في الاقتصادات الناشئة التي تسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة.

تلعب الأتمتة دورًا حيويًا في تقليل استهلاك الطاقة في ظل تبني منطقة الشرق الأوسط لتقنيات الطاقة النظيفة. فعلى سبيل المثال، تستفيد  رافعات المنصات في المستودعات العالية من وحدات الكبح وتوليد الطاقة المتجددة، مما يحقق كفاءة في استهلاك الطاقة ويقلل الاعتماد على المصادر غير المتجددة.

تتميز تقنيات الأتمتة الكهربائية، مثل الروبوتات، بكفاءة عالية في استهلاك الطاقة، حيث تستهلك ما لا يزيد عن 0.1 كيلوواط في الساعة، ويمكن تشغيلها باستخدام مصادر الطاقة المتجددة. وقد أرست شركة سويس لوج معيارًا جديدًا بتطبيق أول  نظام أتمتة مستودعات يعمل بالكامل بالطاقة الشمسية، مما يبرز إمكانيات تشغيل الأنظمة باستخدام الطاقة المتجددة المنتجة في الموقع.

إن تبني الاتجاهات الحديثة مثل الأتمتة المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتحليلات المستندة إلى البيانات ومراكز تلبية الطلبات المصغرة والروبوتات المستقلة يُمكن الشركات من تعزيز كفاءة عملياتها وضمان جاهزيتها للمستقبل. تتطور الخدمات اللوجستية الداخلية بسرعة، والشركات التي تتكيف مع هذه التوجهات ستزدهر في عصر المستودعات المستقبلية عالية الكفاءة والمستدامة.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد