تشكيلي يحتفي به موسم أصيلة الثقافي.. ربيع وإلهام التجربة الرمزية
احتفى موسم أصيلة الثقافي في دورته الـ44 المنعقدة في مدينة أصيلة المغربية، بالفنان التشكيلي الرائد عبدالكبير ربيع، وهو أحد رموز التشكيل المغربي، في ندوة نسقها الناقد الفني شرف الدين ماجدولين الذي اعتبر أن هذا الفنان، بمنجزه الإبداعي، يمكن اعتباره ركناً أساسياً في مغامرة التجريب الذي خاضه رواد الحداثة التشكيلية المغربية منذ النصف الثاني من القرن الماضي، إذ يحسب على الرعيل المؤسس للتجربة الرمزية المغربية من جهة خوضها في إعادة وعي التراث البصري وتقليب احتمالات تقاطعه مع التجارب الفنية المعاصرة، لأجل صوغ مدونة تشكيلية لها أصالتها وبلاغتها وقواعدها النافذة. وقال شرف الدين: لم يكن عبد الكبير ربيع القادم من أرومة الغابة وسكينة الجبل، ليترجم شيئاً آخر إلا سَجِيَّتَهُ في التطلع إلى الفهم، وتقليب بلورة الحقائق، عبر أزيد من خمسة عقود من التجريب والتنويع، والمحو وإعادة التشكيل. وهكذا تلاحقت عشرات المعارض والإقامات الفنية، والكاتالوغات والكتب الجماعية والنصوص التي كتبها.
ظلال المعنى
ومثل فنانين طليعيين عديدين آخرين في خريطة الفن العربي، كان التحول من مقامات تمثيلية شتى مظهراً من مظاهر الاستئناف الأسلوبي بتطويع الأداة والمنظور وأشكال السند واحتمالات التكييف المادي للوحة ما بين الصباغة والرسم والكولاج والحفر والليتوغرافيا.. بمقدار ما كان تغلغلاً في نقل الولع بالأسئلة الكبرى للفن والحياة.
أما الباحث الجمالي محمد نور الدين أفاية فقد أشارإلى أن الفنان المحتفى به لا يحصر جدلية المضيء والمعتم في الإنجاز التقني، أو يختزلها فيما يمكن اعتباره أثراً، وإنما هي تركيب مفهومي متحرك، إذ لا يرى ربيع في توترات المضيء والمعتم سوى مقولتين تؤسسان للمجال أو للفضاء، وطريقة لا تقل توتراً في المعالجة لتحويل ما هو خارجي وتشغيله بطريقة يكشف بها عن ذاته وعن وجوده، وعرض خصائصه. فما يهمه في الرسم وما يسعى إلى طرحه، بالأساس، يتمثل فيما يسميه بـ«ضوء الروح»، الذي يهتدي به في ليْلِها العميق، حين تنهض الحياة الداخلية وتنتفض لترتمي في التأمل إلى درجة تجعله يشعر بنوع من الانفعال والروحانية يصل إلى درجة التسامي الصوفي. ويتأتى ذلك بفضل ترتيب سنَد يُهَيئه بعناية، كما يقول، ويحافظ على صفائه لكي يحوز ما يلزم من شروط خلق الأثر المدهش للظل، وذلك في سياق عملية جسدية وروحية تسمح بالوعي بالحواس، وتتعقب مصادر النور وما لا يمكن توقعه في الفعل الإبداعي.
احتفاء بالتشكيل
أما محمد بن عيسى، الأمين العام لمنتدى أصيلة الدولي فقال في كلمته عن المحتفى به إن: «تكريم الفنان عبد الكبير ربيع هو في الحقيقة احتفاء بالتطورات التي عرفها الفن التشكيلي المغربي خلال 50 سنة ماضية»، مضيفاً أن تكريم هذا الفنان التشكيلي هو استحضار، كذلك، للمراحل التي عاشتها التجربة التشكيلية بالمملكة فهو فنان عصامي بكل معاني الكلمة، وتسكنه الطبيعة والبساطة في حياته وأعماله، مشيراً إلى أن هذا التكريم يعد الأول من نوعه لفنان تشكيلي بموسم أصيلة الثقافي.
التعليقات مغلقة.