ترمب .. وقف تمويل منظمة الصحة العالمية
بعد سيل من التهديدات أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأيام الأخيرة حول وقف المساهمات الأمريكية لمنظمة الصحة العالمية، أعلن مؤخراً عن قرار وقف تمويل المنظمة.
وأشارت الغارديان إلى أن إعلان تعليق ترامب لتمويل منظمة الصحة العالمية في خضم الوباء هو تأكيد أنه يبحث عن كبش فداء ليغطي على الاستجابة المتأخرة والفوضى في إدارة الفيروس.
وتعتبر الولايات المتحدة هي المانح الأكبر لمنظمة الصحة العالمية، حيث تساهم بتمويلات تصل إلى أكثر من 400 مليون دولار سنوياً تتضمن رسوم العضوية السنوية والتبرعات، أي ما يقارب 20% من الميزانية السنوية.
وتتلقى المنظمة الدولية أموالاً من وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الصحة ووكالات أخرى، مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد).
واستخدمت هذه الأموال الأمريكية للمساعدة في مكافحة شلل الأطفال في أفريقيا، ودعم خدمات صحية وغذائية أخرى.
وفي عام 2020، ستكون الحصة الأمريكية أقل بقليل من 116 مليون دولار، بحسب «وول ستريت جورنال»، وذلك بعد أن اقترحت إدارة ترامب في فبراير الماضي خفضاً للمساهمة الأمريكية في تمويل المنظمة الدولية.
وبحسب الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية، فإن الميزانية المتوقعة للعام المالي 2020 ـ 2021 هو 4.8 مليار دولار.
وفي ظل قرار ترامب الحالي، فلا يتوقع أن تكون هناك ميزانية أمريكية، ما قد يعطل بعض البرامج في ظل أزمة وباء كورونا.
وأبدى الديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي اعتراضهم على قرار ترامب، إذ قالوا إنه لا يمكنه قطع تمويل المنظمة العالمية بمفرده.
لكن مسؤولين في مكتب الميزانية بالبيت الأبيض قالوا إن لدى ترامب خيارات أخرى وبحسب الغارديان فمن الناحية النظرية لا يمكن للبيت الأبيض أن يمنع تمويل المؤسسات الدولية بتكليف من الكونغرس، إلا أن الإدارة استخدمت تبريرات أخرى لإعادة توجيه الأموال إلى أغراض صحية أهم، ويتطلب إلغاء التمويل بشكل رسمي موافقة مجلس الشيوخ.
ومن جهتها قالت ألكسندرا فيلان، الأستاذة المساعدة في مركز علوم الصحة العالمية بجامعة جورجتاون: «مهما كان الشكل الذي يتخذه، فإن هذا قرار خطير وقصير النظر في أي وقت، ناهيك خلال… جائحة».
بينما يرى جافين يامي، مدير مركز جامعة ديوك للتأثير السياسي في الصحة العالمية قرار ترامب بأنه قرار غريب وسيضر بشدة بالصحة العامة العالمية كما أشار إلى أن ترامب يحاول صرف الانتباه عن أخطائه التي تتمثل في إدارة أزمة الوباء الأسواء على الإطلاق.
ورفعت منظمة الصحة العالمية حالة التأهب لأول مرة بعد تفشي الفيروس في ووهان في 5 يناير الماضي، وابتداء من 7 يناير أخبرت المنظمة الولايات المتحدة والحكومات الأخرى بتفشي المرض، وفي 9 يناير وزعت منظمة الصحة العالمية إرشادات على الدول الأعضاء لتقييم المخاطر والتخطيط لها.
إلا أن حكومة ترامب استخدمت تغريدة منظمة الصحة العالمية التي نشرت في 14 يناير والتي أكدت فيها أن نتائج الدراسات الصينية الأولية تشير لعدم وجود دليل واضح على انتقال العدوى عبر البشر كذريعة لوقف المساهمات.
واعتبر يامي أنه من غير المنصف استخدام تغريده واحدة في وقت مبكر من الوباء كموقف ثابت تجاه المنظمة، وأكد أن الهدف الأساسي من العلم هو الفرضيات والأفكار الأولية التي يتم تحديثها عند اكتشاف المزيد من البيانات.
وفي 23 يناير قامت منظمة الصحة العالمية بتحديث رواية تهديد الفيروس، وأكدت انتقال العدوى عن طريق البشر وحذرت من أن الخطر العالمي مرتفع، وبعد ذلك بأسبوع أعلنت رسمياً حالة طوارئ عالمية.
واتهم ترامب المنظمة بالفشل في إرسال خبرائها إلى مصدر التفشي لجمع العينات وأن المنظمة تسببت بذلك في تفشي الوباء بشكل حاسم.
وبحسب الغارديان منعت بكين وفداً من منظمة الصحة العالمية من زيارة ووهان في الأسابيع الأولى من تفشي المرض، واضطر مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس حينها للسفر إلى الصين لمقابلة الرئيس شي جين بينع في 29 يناير والتفاوض بشأن دخول العلماء وتبادل المعلومات.
وبعد ذلك سمح لفريق المنظمة بزيارة ووهان في 22 فبراير.
وأشارت الغارديان إلى أن ادعاء أمريكا أن التأخير في الحصول على معلومات منظمة الصحة العالمية تسبب في شلل الاستجابة الدولية هو ادعاء باطل وذلك لأن العلماء الصينيين أعلنوا عن التسلسل الجيني للفيروس في 11 يناير.
تأخرت الإدارة الأمريكية في الاستجابة للوباء وإجراء الاختبارات التشخيصية للفيروس حوالي 6 أسابيع مقارنة ببقية العالم، وطوال شهر فبراير لم تجرِ الولايات المتحدة أي اختبارات.
وقررت الولايات المتحدة عدم استخدام اختبار الفيروسات، الذي وافقت عليه منظمة الصحة العالمية في يناير، واستبدلته باختبار تم تطويره بواسطة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، لكن بعضها لم يعمل بشكل صحيح، وأدى إلى نتائج غير حاسمة.
وحينها أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن العدد المنخفض للحالات في البلاد هو دليل الإدارة الصحيحة للوباء وتفاخر بعد شهر من إعلان منظمة الصحة العالمية لحالة الطوارئ وأكد أن الفيروس تحت السيطرة في الولايات المتحدة.
وانقلب موقف ترامب تجاه منظمة الصحة العالمية على مدار الأسبوع الماضي بعد ظهور العديد من التقارير التي تدين طريقة الاستجابة الأمريكية للفيروس.
لم ينعكس دور ترامب ضد منظمة الصحة العالمية إلا على مدار الأسبوع الماضي، حيث ظهرت المزيد والمزيد من التقارير عن استجابة الإدارة الذاتية والمختلة.
وأشارت الغارديان إلى أن ترامب اتخذ من منظمة الصحة العالمية كبش فداء للتغطية على إدارته السيئة للوباء وعدم تأثيرها خلال الانتخابات الأمريكية، وعلى الصعيد العالمي سينظر إليها على أنها خطوة أخرى تشير إلى تنازل الولايات المتحدة السريع عن القيادة العالمية.
وأصبحت الولايات المتحدة، حالياً، أكثر الدول تضرراً من جائحة كورونا، حيث ارتفعت الإصابات إلى 592 ألفاً و743 إصابة، بينما بلغت الوفيات 25 ألفاً و239 وفاة.
وسجّلت الولايات المتحدة وفاة أكثر من 2200 شخص جراء فيروس كورونا المستجد، خلال الساعات الـ24 الماضية، في أعلى حصيلة يومية يسجلها بلد في العالم.
التعليقات مغلقة.