“تركيا ” تجمع بين “الناتو والبريكس ” تحت شعار عالم متعدد الأقطاب
أجرته/ رباب سعيد مراسلة مجلة استثمارات الإماراتية شؤون مصر وشمال إفريقيا
حالة من الجدل أصابة المتخصصون في الشأن التركي والمطلعون على الوضع عن كثب أن تركيا اتخذت قرارا محسوبا للانضمام إلى مجموعة بريكس الاقتصادية في وقت مبكر من عام 2024. وإن الانضمام إلى “بريكس” يمكن أن يساعدها على تحسين التعاون الاقتصادي مع روسيا والصين، وأن تصبح قناة للتجارة بين الاتحاد الأوروبي و أن تكون مركزاً لصادرات الغاز من روسيا وآسيا الوسطى، حسبما قال المتخصصون يتوقع بعض المحللين أن الأعضاء الأوائل في مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، سيسيطرون على الأرجح على الاقتصاد العالمي في العقود التالية. وتدل مجموعة ”بريكس“ على حدوث تغيير جذري في ميزان القوى في العالم، ويُنظر إليها أحيانًا على أنها بديل لمجموعة السبع التي ترأسها الدول الغربية في الغالب. وستصبح تركيا أول حليف لحلف الناتو ينضم إلى المجموعة إذا تم قبول ترشيحها.
وفي هذا السياق أكد “جواد غوك” الخبير في الشأن التركي “لمجلة الاستثمارات الإماراتية”
إن التوجه الدبلوماسي الجديد لتركيا يعكس تطلعاتها إلى تنمية العلاقات مع جميع الأطراف في عالم متعدد الأقطاب، مع الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها كعضو رئيسي في حلف شمال الأطلسي” الناتو.
أضاف أن تركيا، الواقعة بين قارتي أوروبا وآسيا، قدمت طلبا للانضمام إلى مجموعة “بريكس” قبل بضعة أشهر وسط شعورها بالإحباط بسبب عدم إحراز تقدم في مساعيها خلال عقود للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن المحاولة نتيجة جزئية للخلافات مع أعضاء الناتو الآخرين بعد أن حافظت تركيا على روابط وثيقة مع روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا خلال عام 2022
واشار جواد إلي العلاقة المتأرجحة مع الغرب، دفعت تركيا إلى البحث عن توازن أكبر مع روسيا تحديدا، لكن الشريك الاقتصادي الأكبر لها هو الاتحاد الأوروبي، في حين يعد الميزان التجاري مع الصين وروسيا خاسراً، وكلا الدولتين عضوتان في “بريكس”.
هذه الملفات وغيرها، دفعت أنقرة إلى علاقات أكثر توازنا مع روسيا تحديدا، خاصة مع اشتباك الطرفين في الملف السوري والليبي وفي أذربيجان وحربها مع أرمينيا، عدا عن دور تركيا في الوساطة بين موسكو وكييف، ونجاحها في جمع وزيري خارجية البلدين على طاولة واحدة، خلال مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي، والمساهمة المباشرة في ملف سفن الحبوب الأوكرانية.
مكاسب متبادلة
وأردف “الخبير التركي جواد غوك ” أن علاقات تركيا مع الصين لم تصل إلى مستوى كبير من حيث حجم التبادلات التجارية خاصة أن تركيا تحاول كسب قلوب المستثمرين الصينيين لدخول بورصة إسطنبول وصناعات أنقرة وإزمير ومرسين وغازي عنتاب. لكنه لم يحقق الكثير من النجاح بعد. أما بالنسبة للبرازيل وجنوب أفريقيا، فلا تواجه تركيا مشكلة خاصة في تطوير العلاقات، لكن الهند أيضًا عضو مهم في مجموعة البريكس، التي تقع في محور الدبلوماسية التركية.
لطالما حاولت تركيا أن تجد مكانا لنفسها في السوق الكبيرة في الهند وفي بلد يبلغ عدد سكانه رقما قياسيا عالميا. ولكن لم يحدث أي شيء خاص في هذا المجال حتى الآن وحجم التجارة بين تركيا والهند ضئيل. وتأمل تركيا الآن في إيجاد علاقات اقتصادية واسعة النطاق مع كل من الهند والصين بعد أن أصبحت عضوا في مجموعة البريكس. ولكن من البديهي أن الغربيين غير راضين عن هذه القضية، وتركيا، باعتبارها دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ أكثر من سبعين عاما وكانت في قلب السياسة الخارجية الغربية، ستواجه الآن انتقادات من جانبها. الأصدقاء القدامى من خلال النشاط في العالم الشرقي
تضم مجموعة البريكس، التي تسمى وفقا للحروف الأولى لهذه الدول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، بعضًا من أكبر الاقتصادات الناشئة. وقد استقبلت أربعة أعضاء جدد في وقت سابق من هذا العام، عندما انضمت إيران والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا ومصر إلى صفوفها. وقد تمت دعوة المملكة العربية السعودية للانضمام، على الرغم من أن المملكة لم تفعل ذلك بعد. وكان التوسع في مجموعة البريكس مدفوعاً إلى حد كبير بالصين، التي تحاول زيادة قوتها العالمية من خلال مغازلة الدول المتحالفة تقليدياً مع الولايات المتحدة
تركيا تجمع بين الناتو والبريكس
وفي سياق متصل أكد الدكتور” طارق عبد الجليل” الملحق الثقافي لدي تركيا سابقا “لمجلة استثمارات الأماراتية”
أن انضمام تركيا للبريكس خطوة حاسمة في تقرير المصير النهائي لهذه القوة المهمة. وهذا، في جوهره، سيعني انتقال أنقرة النهائي الذي لا لبس فيه إلى المعسكر متعدد الأقطاب والانفصال عن الغرب الجماعي. إيران ومصر والمملكة العربية السعودية أعضاء بالفعل في البريكس. ومع تركيا فإن الكتلة الإسلامية المتعددة المراكز ذاتها سوف تصبح أقوى. وتأتي بعد ذلك باكستان وإندونيسيا والعراق وسوريا والجزائر. ثم سائر البلاد
وأشار عبد الجليل إن مجموعة البريكس عبارة عن تطويق عظيم للغرب التي تدرك نفسها على نحو متزايد باعتبارها ذاتا، وليس كائنا، مما يقوض بشكل مطرد الهيمنة العالمية.
وأضاف أن وجهة نظر حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتمثل في أن مركز الثقل الجيوسياسي يبتعد عن الاقتصادات المتقدمة. وقالوا إن الدفعة الدبلوماسية الجديدة للبلاد تعكس نظم العلاقات مع جميع الأطراف في عالم متعدد الأقطاب، مع الوفاء بالتزاماتها كعضو رئيسي في منظمة حلف شمال الأطلسي.
وأوضح الدكتور طارق عبد الجليل أن “الانضمام إلى “بريكس” لا يتطلب من تركيا مغادرة “الناتو” والانفصال عن العالم الغربي، كما يحاول البعض الترويج لتركيا إذا بقيت في “الناتو”، وإذا لم يعيد الأمريكيون والأوروبيون النظر بجدية في سياستهم تجاه تركيا، فمن الممكن الحفاظ على العلاقات مع الدول الغربية والانضمام إلى “بريكس”، حيث أن أكبر الشركاء التجاريين للصين هما الولايات المتحدة وأوروبا. وبعبارة أخرى، فإن الانضمام إلى “بريكس” لا يعني قطع جميع العلاقات مع أوروبا وأمريكا.
وأكد أن الولايات المتحدة تستخدم الدولار وموقعه المهيمن في نظام الدفع الدولي كوسيلة للعقوبات.
وأضاف: “يجب التخلي عن هذا النظام. وتشترك جميع البلدان في “بريكس” تقريبا في وجهة النظر هذه. وتزداد التجارة الخارجية بالعملات الوطنية. وربما يكون هناك نظام نقدي جديد يعتمد على الذهب. إن هذا هو السبيل الوحيد لمواجهة الهيمنة الأمريكية على العالم بشكل جدي، فالعالم كله يحتاج إليه”.
ونوه أن تكون إمكانية انضمام تركيا، وهي من أعضاء الناتو، إلى “بريكس”، أحد المواضيع المدرجة على جدول الأعمال اجتماع وزراء دول المجموعة.
ومنذ مطلع العام الجاري انضمت إلى “بريكس” مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإثيوبيا، وذلك بالإضافة إلى روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا.
مستقبل مجموعة البريكس
وفي هذا الصدد قال “الباحث السياسي التركي اسلام اوزكان” “لمجلة استثمارات الإماراتية” أن مجموعة البريكس (BRICS)، التي تضم البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا، شهدت اهتماما متزايدا من دول أخرى حول العالم ترغب في الانضمام إلى هذا التحالف الاقتصادي والسياسي. هذا الإقبال الكبير يطرح تساؤلات حول مستقبل المجموعة وتأثير انضمام دول جديدة، مثل تركيا، على البريكس والاقتصاد العالمي. مع تزايد الاهتمام بالانضمام إلى مجموعة البريكس، يمكن توقع عدد من التطورات المستقبلية التي قد تعزز من قوة المجموعة وتأثيرها على الساحة العالمية….انضمام دول جديدة إلى مجموعة البريكس سيعزز من قوة التحالف ويزيد من نفوذه السياسي والاقتصادي. هذا قد يمكن المجموعة من التأثير بشكل أكبر في القضايا العالمية، مثل السياسات التجارية والبيئية والتنموية.
وأشار ” اوزكان ” إلي الدول التي ترغب في الانضمام للبريكس تأتي من خلفيات اقتصادية وسياسية متنوعة. هذا التنوع يمكن أن يسهم في تعزيز التعاون بين الدول النامية، ويتيح تبادل الخبرات والتجارب في مجالات متعددة. وانضمام دول جديدة إلى مجموعة البريكس قد يؤدي إلى تغييرات في نمط التجارة العالمية. على سبيل المثال، قد يبدأ الأعضاء في تعزيز التعاون التجاري والاستثماري فيما بينهم، مما يقلل من الاعتماد على الأسواق التقليدية. مع زيادة عدد الأعضاء، قد يكون هناك دافع أكبر لتطوير آليات مالية مشتركة، بما في ذلك إمكانية تعزيز العملة المشتركة، مما قد يقلل الاعتماد على الدولار الأمريكي ويعزز الاستقلال المالي للدول الأعضاء.
تعاون اقتصادي وتطلعات
واكد الباحث السياسي” اسلام اوزكان ” ان تركيا حريصة علي الانضمام إلى مجموعة البريكس فإن ذلك قد يحمل تأثيرات متعددة على المستويات الاقتصادية والسياسية. يمكن أن يسهم انضمام تركيا إلى مجموعة البريكس في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول الأعضاء، مما يفتح فرصًا جديدة للتجارة والاستثمار. هذا قد يكون مفيدًا بشكل خاص في مجالات مثل الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا.
و اضاف أن بدروه قد يعزز من موقفها السياسي على الساحة الدولية.كما يمكن أن يساعد التحالف مع البريكس تركيا في التعامل مع التحديات الجيوسياسية وتعزيز نفوذها في القضايا الإقليمية والدولية. في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية مع الدول الغربية، يمكن أن يكون الانضمام إلى البريكس خطوة استراتيجية لتركيا لتوسيع دائرة شراكاتها الاقتصادية والسياسية. هذا التنويع يمكن أن يمنح تركيا مرونة أكبر في التعامل مع الأزمات العالمية. وهذا قد يوفر فرصة لتعزيز التعاون الإقليمي، خاصة في الشرق الأوسط وآسيا، حيث يمكن لتركيا أن تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية.
مستقبل الاقتصاد
وحول مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل المشهد الضبابي نوه الباحث السياسي التركي “اوزكان ” أنه في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية وعدم اليقين الحالي، يواجه الاقتصاد العالمي تحديات كبيرة تتطلب استراتيجيات مرنة ومبتكرة. التضخم قد يظل مرتفعًا في العديد من الدول، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين ويزيد من الضغوط على الشركات. هذه الظروف تتطلب سياسات نقدية حذرة وإصلاحات هيكلية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. النزاعات التجارية والتوترات السياسية بين الدول الكبرى قد تؤدي إلى اضطرابات في الأسواق المالية وتؤثر سلبا على النمو الاقتصادي. من المتوقع أن تظل هذه التوترات عاملاً مؤثرا على الاقتصاد العالمي في السنوات القادمة. هناك توجه متزايد نحو الاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء. هذا التحول يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي، ولكنه أيضًا يفرض تحديات أمام الصناعات التقليدية التي تحتاج إلى التكيف مع المتطلبات البيئية الجديدة. الابتكار في التكنولوجيا والتحول الرقمي سيكونان محوريين في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي. تبني الشركات والحكومات للحلول التكنولوجية يمكن أن يعزز من الكفاءة والإنتاجية، ويدفع عجلة النمو في الاقتصادات الناشئة
التعليقات مغلقة.