تحليل جينات خلايا البول تحدد صحة الكلى
كشفت دراسة رائدة أجراها علماء من جامعة «مانشستر» بالمملكة المتحدة أن الجينات في الخلايا البشرية المأخوذة من البول، تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في الكُلى نفسها.
وتشير هذه النتائج إلى أن عينات البول يمكن أن تكون بمثابة مصدر معلومات غير جراحي قيّم حول صحة الكُلى، مما قد يُحدث ثورة في الكشف عن أمراض الكُلى دون الحاجة إلى إجراءات جراحية مثل أخذ الخزعات التي غالباً ما ترتبط بمضاعفات خطيرة. وفي العادة يمكن أن يكون للاكتشاف المتأخر لأمراض الكُلى عواقب وخيمة بل مهدِّدة للحياة، مما يؤكد أهمية طرق الكشف المبكر.
نُشرت الدراسة في مجلة «نتشر كوميونيكيشن Nature Communications» في 19 مارس (آذار) 2024، وقادها البروفسور ماسيج توماسزيوسكي، رئيس قسم طب القلب والأوعية الدموية في جامعة «مانشستر»، والطبيب الاستشاري الفخري في صندوق مؤسسة الخدمات الصحية الوطنية بجامعة «مانشستر»، والأستاذ المشارك في طب القلب والأوعية الدموية التكاملي في المعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية (NIHR) ومركز مانشستر لأبحاث الطب الحيوي (BRC).
يستخدم اختبار فحص البول في الكشف عن مجموعة من الاضطرابات وعلاجها، مثل التهاب المسالك البولية، وأمراض الكُلى وداء السكري، حسب خبراء «مايو كلينك».
ويتضمن تحليل البول التحقق من مظهر البول وتركيزه ومحتواه، فعلى سبيل المثال يمكن أن يؤدي التهاب المسالك البولية إلى جعل البول يبدو غائماً بدلاً من أن يكون صافياً. ومن الممكن أن تكون زيادة مستويات البروتين في البول علامة على مرض الكُلى. وغالباً ما تتطلب نتائج تحليل البول غير العادية الخضوع لمزيد من الاختبارات لاكتشاف مصدر المشكلة.
في الدراسة الجديدة استخدم فريق البحث تقنية النسخ، وهي تقنية تقيس مستويات نحو 20 ألف جين في عينات الرواسب الخلوية للبول، وكان لديهم إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من عينات الكُلى البشرية، مما سمح لهم باستخراج الحامض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) والحامض النووي الريبي (RNA) من كل عينة، وتحليل البيانات باستخدام أساليب حسابية متطورة تسمى «دراسات الارتباط على مستوى الجينومgenome – wide association studies» إذ يوفر «علم النسخ Transcriptomics» هذا نظرة ثاقبة لأنماط التعبير الجيني، مما يعزز دقة وفاعلية أساليب التشخيص مع إمكانية تحسين رعاية المرضى والنتائج.
وحددت الدراسة 399 جيناً في الكُلية ترتبط بارتفاع أو انخفاض ضغط الدم، بما في ذلك الجين المسمى «glutamyl aminopeptidase (ENPEP)» المرتبط بارتفاع ضغط الدم الذي يعد مكوناً رئيسياً في النظام الهرموني الذي ينظم ضغط الدم عن طريق إنتاج إنزيم يسمى «أمينوببتيداز إيه aminopeptidase A». وتشير هذه النتيجة إلى أن استهداف جين «ENPEP» يمكن أن يؤدي إلى تطوير أدوية جديدة لخفض ضغط الدم.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد حالة طبية واضحة مسبِّبة لنحو 90 – 95 في المائة من حالات ارتفاع ضغط الدم. بينما يكون تأثير الكليتين أو شرايين القلب أو جهاز الغدد الصمّاء سبب الحالات الأخرى التي تشكّل نسبة 5 – 10 في المائة من كل الحالات.
وسلّط ماسيج توماسزيوسكي الذي قاد الدراسة، الضوء على أهمية استخدام علم الوراثة للجمع بين مجموعات البيانات المختلفة والإمكانات المثيرة للتشخيص القائم على اختبارات البول. وشدد على أهمية معالجة ارتفاع ضغط الدم المستمر الذي يزيد من خطر الإصابة بحالات صحية خطيرة مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية.
من جهته، أشاد البروفسور بريان ويليامز، كبير المسؤولين العلميين والطبيين في مؤسسة القلب البريطانية، بالدراسة لاستخدامها تقنيات متطورة لتحليل الجينات الموجودة في خلايا الكُلى التي تطرد في البول. وأشار إلى إمكانية أن يقدم هذا البحث للأطباء طريقة جديدة وغير جراحية لتشخيص أمراض الكُلى في وقت مبكر، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين علاج الأفراد الذين يعانون حالات مرتبطة بارتفاع ضغط الدم
التعليقات مغلقة.