بعد إطلاق مسيرته المتسارعة حقبة التسعينات أين يقف قطار العولمة على خارطة التجارة العالمية ؟؟؟
استطلاع أراء الخبراء أجرته "مجلة استثمارات الإماراتية "
أجرته/ رباب سعيد مراسلة مجلة استثمارات الإماراتية شؤون مصر وشمال أفريقيا
تعرف العولمة الاقتصادية بأنها العملية التي تبدأ فيها الشركات والمؤسسات والبلدان بالعمل على نطاق عالمي دولي، حيث يشهد العالم تطورا واسعا في العولمة الاقتصادية خلال الوقت الراهن، ويعود هذا إلى تطور آليات الاتصال بالإضافة إلى تطور طرق التواصل والتنقل والتى كانت أبرز أسباب العولمة الاقتصادية المتسارعة في الوقت الراهن، حيث شهد القرن العشرين نموا اقتصاديا لا مثيل له، فقد زاد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خمسة أضعاف تقريبًا. لكن هذا النمو لم يكن ثابتا، فقد كان أسرع بكثير خلال النصف الثاني من القرن، وهي فترة زاد التوسع التجاري السريع والتى صاحبت التحرير التجاري والتحرير المالي. اتسعت الفجوات بين البلدان الغنية والفقيرة، وبين الأغنياء والفقراء داخل البلدان، وخلال تلك الفترة، شهد الربع الأغنى من سكان العالم زيادة قدرها ستة أضعاف في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال القرن، بينما شهد الربع الأفقر زيادة تقل عن ثلاثة أضعاف، وزاد التفاوت في الدخل بشكل واضح.
العولمة المالية
ومع استمرار تدفق الاستثمار والتجارة العابرة للحدود على الرغم من اضطراب سلاسل الإمداد والتوريد على ضوء الأزمات المختلفة للعولمة، إلا أن هناك مرونة في شبكات الإنتاج والتجارة العالمية، خاصة أن الأخيرة لا تقتصر على تجارة السلع فقط بل تشمل أيضاً التجارة في الخدمات. وبرغم تفوق الأولى على الثانية من حيث القيمة، إلا أن نسبة التجارة في الخدمات كقيمة مضافة للناتج الاقتصادي العالمي استمرت في الارتفاع…..
تأثير الاتفاقيات
وفى هذا الصدد أوضح ميثم الشخص الباحث في الشؤون الاقتصادية “لمجلة استثمارات الإماراتية” أنه مع توسع المعاملات الاقتصادية عن طريق الاتفاقيات بين الدول أدي هذا إلى زيادة في الاستثمارات الأجنبية التي تساعد على زيادة في رأس المال المتاح و يساهم في ارتفاع معدل نموها من خلال الموارد التي وفرتها الدولة المستثمرة، كما يسمح هذا بزيادة بشكل كبير في حركة رأس المال الذي يدخل في خطورة التقلبات التي من الممكن أن تتسبب بارتفاع تكلفة النمو ولهذا العولمة المالية يتمّ تطبيقها في حال كان تدفق المال غير متكافئ وقد يؤدي إلى انحراف أنماط النمو، مع وجود توزيع غير عادل لرأس المال داخل الدولة حسب المنطقة الجغرافية ونوع الشركات والنوعية الاجتماعية والذي يؤدي إلى ظهور فئتين ممن يملكون الأموال ومن يعملون لدى هؤلاء المالكين.
الأمن الاقتصادي
واضاف ميثم الشخص بالقول : تتمثل ضرورة تطبيق العولمة المالية للقضاء على هذه المظاهر الاقتصادية والتجارية التي تنعكس على الأمن الاقتصادي الفردي والجماعي أدت العولمة المالية بشكل مباشر إلى إحداث تأثيرات على المستوى الاقتصادي والتجارة عالميا، ومن أهم آثار العولمة المالية على التجارة الدولية ، مشيراً إلى الأثار الإيجابية للعولمة والتي تظهر في إتاحة فرص جديدة منوعة للاستثمار الداخلي والخارجي بالإضافة إلى رفع معدل نمو الإنتاج المحلي وبالتالي زيادة الإنتاج الإجمالي العالمي ممّا زاد من فرص النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ. وتحسين مستوى الخدمات التجارية من ناحية الجودة والتكلفة، جودة أعلى ووفرة السلع بسعر منافس موضحا ان العولمة المالية تساهم في تحرير التجارة الدولية من الخصخصة ممّا ينعكس على حقوق الإنسان من خلال زيادة الموارد المتاحة التي توفر فرص العمل.والاستثمار كما أنها تساعد في اندماج الأسواق العالمية وهذا من أبرز ما حققته العولمة المالية والذي يساهم في خفض التكاليف الجمركية وغير الجمركية للسلع والذي بدوره يساهم في نمو تجارة الخدمات والملكية الفكرية.
الجانب المظلم للعولمة
ومن ناحية أخرى قال ميثم الشخص أن الجوانب السلبية للعولمة ، يمكن أن تؤدي التجارة الحرة إلى تفاقم الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية ، حيث قد تكون الدول الأقل تطورا غير قادرة على المنافسة بنفس القدر ، كما يمكن أن تتسبب العولمة في تفاقم بعض المشكلات الاقتصادية العالمية مثل التلوث البيئي وانعدام الاستدامة كما انه لا يمكن مناقشة العولمة دون الإشارة إلى تأثيراتها على سياسات الحكومات والتشريعات الوطنية. حيث التفاعل المتزايد بين الدول يتطلب تعاونا دوليا قوياً لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المشتركة.
مظاهر الانحسار
وتأسساً على ما يشهده العالم الآن……يرى ميثم الشخص، أن العولمة تتجه الى الانحسار ووضع حد بعد المزيج الذي يجمع الآن بين الحرب الروسية في أوكرانيا ، والمنافسة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين وما يحدث فى غزة …..قد يضاعف الاتجاه إلى تغيير كبير للعولمة.
الاقتصاد الأخضر والرقم
وفى هذا السياق أوضح الدكتور هاني توفيق الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية المصرية والعربية للإستثمار المباشر سابقا أن السعي من أجل تعزيز التجارة الرقمية هو أبرز متغيرات الاقتصاد العالمي في عام 2023، خاصة في ضوء التوترات التي اندلعت عبر الأطلسي، بشأن قانون خفض التضخم الأمريكي الذي وقعه الرئيس جو بايدن في أغسطس 2022، حيث تتركز هذه التوترات على مخاوف (الاتحاد الأوروبي، المملكة المتحدة، اليابان، كوريا الجنوبية) بشأن الإعفاءات الضريبية الأمريكية التي تعد من وجهة نظر تلك الدول غير عادلة حيث يتيح هذا المسار تصدعاً بين الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية التي هددت بعرض النزاع على منظمة التجارة العالمية، كما أعلنت عن خطة صناعية للصفقة الخضراء تتضمن تكييفاً مؤقتاً واستجابة للإعانات الأمريكية.
عولمة المناخ
ويرى الخبير الاقتصاد هاني توفيق أنه مع ذلك، يبقي ملف المناخ حيزاً للتعاون بين الدول المتقدمة والنامية، في إطار تدشين “نادي المناخ” الذي اكتسب زخماً عام 2022، عندما وظفت ألمانيا رئاستها لمجموعة السبع الصناعية لاقتراح إنشاء تحالف من البلدان الملتزمة باتخاذ إجراءات أقوى بشأن تغير المناخ. وعلى الرغم من تفاوت الاهتمام بهذا الملف، فإن دعم أمن الطاقة يأتي نقطة محورية لمعالجة مخاطر البيئة عبر التكامل الدولي المؤسساتي.
مع ذلك، يبقي ملف المناخ حيزاً للتعاون بين الدول المتقدمة والنامية، مشيراً إلى الصلة بين التجارة الاستدامة، حيث أطلقت ثلاث مبادرات بيئية منفصلة في عام 2021 لإحراز تقدم بشأن التلوث البلاستيكي، وإصلاح دعم الوقود الأحفوري، و الاستدامة البيئية.
إلا أن التعاون المناخي بات هو الآخر يستخدم في الحرب التجارية الأمريكية الصينية
السياسة في الأسواق الرقمية
ومن ناحية أخرى أوضح الدكتور / هاني توفيق أن هناك تطورات أساسية في الأسواق الرقمية ، منها دخول قوانين الخدمات الرقمية والأسواق الرقمية حيز التنفيذ في نوفمبر 2022، إضافة إلى المقترحات المتعلقة بقانون الذكاء الاصطناعي. كما ستؤدي هذه القوانين إلى تعزيز السيادة الرقمية وتعزيز النمو الشامل المستدام للاقتصاد الرقمي مع منع المزيد من تجزئة السياسة الرقمية. لذا، من المتوقع أن يشهد عام 2024 تقدماً في تحديث قواعد التجارة لمعالجة التغيير التكنولوجي خارج الهياكل التقليدية لمنظمة التجارة العالمي، كما يرى أن التعاون الدولي لبناء نظام تجاري أكثر شمولاً واستدامة ومرونة هو السبيل لدفع نمو الاقتصاد العالمي، في وقت تكون فيه العديد من البلدان في حالة ركود اقتصادي. ولعل العامل الرئيسي المحدد لمستقبل التجارة الدولية والاقتصاد العالمي يرتبط بمدى نجاح الصين في تجاوز سياسة الإجراءات والتدابير الاحترازية الناجمة عن جائحة “كورونا” والتوجه نحو إعادة الانفتاح الاقتصادي للبلاد.
2023 عام التحولات
واختتم بالقول أن عام 2023 شهد استمراراً لعدة تحولات رئيسية في التجارة العالمية، أولها، الارتباط بين الأمن القومي والاقتصاد، وثانيها، الجهود المبذولة لإعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية عبر إعطاء الأولوية لتحويلها من التبعية إلى التنويع. وثالثها، عدم تراجع العولمة إنما تغير طبيعتها من خلال تأكيد روابط إقليمية أكبر وتشكيل تكتلات لقطاعات اقتصادية حساسة، ورابعاً وأخيراً أن الانفصال الكامل عن الصين ليس قابلاً للتحقيق ولا مرغوباً فيه لمجموعة الدول السبع والدول ذات التفكير المماثل.
التعليقات مغلقة.