بريطانيا تسابق الزمن لجذب العملات المُشفرة
لا تدخر المملكة المتحدة، جهداً في جعل البلاد، أفضل وجهة في العالم، لشركات العملات المُشفرة، سواء لوضع لبناتها الأولى أو لتوسيع نشاطاتها. وتكتسب لندن بوصفها العاصمة الأوروبية للمال، سمعة طيبة كمركز للاستثمارات وللمواهب في التقنية المالية. وارتفعت الاستثمارات العالمية، في قطاع العملات المُشفرة وتقنية البلوك تشين، من 5.4 مليار دولار في 2020، إلى أكثر من 30 مليار دولار في 2021، وفقاً لمؤسسة كي بي أم جي الاستشارية البريطانية الهولندية.
لكن صحبت هذا النشاط، بعض المتاعب، من المخاوف بشأن ضوابط غسيل الأموال، إلى منتجات المضاربة التجارية التي تباع لمستثمري التجزئة. لكن ربما يضع هذا التوجه المفتوح على الصناعة، حكومة المملكة المتحدة، على خلاف مع هيئة السلوك المالي، بحسب فايننشيال تايمز.
وحاولت مؤسسة بتستامب للعملات المُشفرة، من سلوفينيا، فتح مكتبها الرئيسي للمرة الأولى في لندن في 2013، بُغية الانطلاق من هناك وتوسيع دائرة نشاطاتها العالمية.
وما زاد من حماسها، خلق علاقة مُبكرة مع هيئة السلوك المالي في بريطانيا، بوصفها واحدة من أكثر الهيئات التنظيمية المالية المُعتبرة في العالم. وتبرر المؤسسة هذا الحماس، بأن تنظيم قطاع العملات المُشفرة في المملكة المتحدة، أمر لا مفر منه، ما يدفعها لأن تكون في مقدمة منافسيها الآخرين.
لكن لم تجر الأمور كما كان مخططاً لها، حيث أكدت الهيئة، عدم حصولها على تفويض يخولها بمراقبة العملات المُشفرة، ليتحول التمركز لمدينة لوكسمبورج.
مشتقات العملات
وعزز حظر الهيئة لمشتقات العملات المُشفرة لمستثمري التجزئة، انطباع عدم ترحيب بريطانيا بالأصول الرقمية في 2019، بجانب اعتبار الهيئة، تداولها نوعاً من أنواع القمار.
وقُوبل هذا الوضع، باهتمام بالغ من قبل مسؤولين كبار في الحكومة البريطانية، حيث كشفت وزارة المالية في أبريل الماضي، عن طموحاتها لما بعد الخروج من منظومة الاتحاد الأوروبي، بجعل البلاد أفضل وجهة في العالم، لإنشاء شركات العملات المُشفرة ومركز للانطلاق لبقية دول العالم. كما أكد وزير الخزانة البريطاني، في إحدى الفعاليات بمدينة لندن، أن المملكة المتحدة مفتوحة لممارسة الأعمال التجارية، خاصة العملات المُشفرة.
وفي غضون ذلك، تسعى العديد من الدول حول العالم، لجذب آليات الكسب السريع للمال في قطاع العملات المُشفرة، والبورصات ومزودي البنية التحتية ومديري الصناديق، للاستقرار فيها.
تدفقات مالية
واحتدم هذا السباق، منذ إدراك السلطات العالمية، لحجم التدفقات المالية في التقنيات المرتبطة بالعملات المُشفرة، التي يمكن أن تجلب صفقات سريعة وتكلفة أقل للمستهلك وتعيد بناء العلاقات الراسخة في النظام المالي.
وحتى الآن، لا تتعدى مطالبة المنظمين البريطانيين، بأكثر من التركيز على القضايا الصغيرة في القطاع. لكن، وفي الوقت الذي تتجه فيه البلاد لوضع معايير متكاملة للأصول الرقمية، يتساءل البعض، ما إذا كانت هذه القوانين ستوفر بيئة جاذبة لشركات العملات المُشفرة، أم أنها ستشكل عائقاً أمام مزاولة نشاطاتها. وتعضد المناوشات بين هيئة السلوك المالي وبعض الشركات، الشكوك التي تحوم حول إمكانية تحول المملكة المتحدة لمركز لهذه العملات.
ولا تخلو مؤسسات المال التقليدية مثل، البنوك المركزية ومديري الصناديق، من الرغبة في التعرف على الفرص، التي تتيحها التقنيات الجديدة والعملات الرقمية.
ويرى العديد من خبراء المال، أن خطة المملكة المتحدة، ليست مجرد جذب الناس لتداول الأصول، لكنها تشكل مستقبلاً للاستثمارات.
محدودية الخدمات
وليس هناك إجماع حول الكيفية التي يمكن أن ينتشر بها استخدام العملات المُشفرة، وأن العمل بها في الخدمات المالية عموماً، لا يزال محدوداً، لكن مع ذلك، ترى بريطانيا ضرورة أن تُولي هذا القطاع اهتماماً كبيراً.
التعليقات مغلقة.