“تأثير المنظمات الدولية” في حل النزاعات ودور القوي الناشئة في تشكيل المشهد العالمي
أجرته/ رباب سعيد
مراسلة مجلة استثمارات الإماراتية شؤون مصر وشمال إفريقيا
اتجهت جهود الساسة محبي السلام منذ أواخر القرن الماضي إلى إحلال الوسائل السلمية محل القوة في فض النزاعات الدولية، وعقدت لهذا الغرض المؤتمرات الكبرى مثل مؤتمر لاهاي سنتي 1899 و1907، وفيهما تقررت مجموعة من الأحكام لتسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية، ثم أضيفت بعد ذلك إلى هذه الأحكام غيرها مما تقرر في عهد عصبة الأمم، وما أبرم تحت ظله من اتفاقيات، وبما تقرر أخيرا من ميثاق الأمم المتحدة. و يتم حل النزاعات الدولية بداية عن طريق الوسائل السلمية(الودية) وهي أول وسيلة تلجأ إليها الدول لتسوية خلافاتها، والوسائل غير الودية، أو طرق الإكراه، والتي قد تعمد إليها الدولة إذا ما أخفقت الوسائل الأولى، و تعتبر المفاوضات من بين اهم الوسائل أو الطرق الودية ، بالإضافة إلي دور المنظمات الدولية تسهم بشكل كبير في تعزيز السلام العالمي.
وفي هذا السياق أوضح الدكتور هيثم عمران مدرس العلوم السياسية والقانون الدولي بكلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس إلي ” مجلة استثمارات الإماراتية ” أن هناك عدة أسباب لذلك،من بينها أن المنظمات الدولية تعمل علي
توفير منصة للحوار والتفاوض تمكن الدول من الاجتماع والتفاوض بشأن القضايا الخلافية والإشكاليات التي قد تؤدي إلى نزاعات. هذا يساعد في تجنب الصراعات والحفاظ على السلام.
بالإضافة إلي إنشاء قواعد وقوانين دولية ملزمة تحكم العلاقات بين الدول وتنظم التعامل في القضايا المختلفة. هذا يساهم في الحفاظ على استقرار النظام الدولي وتعزيز السلام. و فرض الأمن والاستقرار بنشر قوات حفظ السلام في مناطق النزاع. فقد يساعد هذا على إنهاء الصراعات والحفاظ على السلام. فضلا عن تعزيز التعاون الدولي بين الدول في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذا يساهم في تعزيز العلاقات السلمية بين الدول وتجنب النزاعات.
مؤكدأن المنظمات الدولية تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على السلام العالمي من خلال توفير آليات للحوار والتعاون والأمن الجماعي. وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها، فإن إسهامها في تعزيز السلام لا ينكر.
التحديات التي تواجه المنظمات الدولية
و في هذا الشق أوضح الدكتور هيثم عمران خبير العلوم السياسية أن التحديات في؛ حدود السيادة الوطنية: فالدول غالبًا ما تكون متحفظة بشأن التدخل في شؤونها الداخلية، مما يحد من قدرة المنظمات الدولية على التصرف بفعالية. هناك توتر بين احترام سيادة الدول وبين الحاجة إلى التدخل في بعض الحالات للحفاظ على السلام.
وكذلك أيضا الخلافات السياسية والمصالح المتضاربة بين الدول: حيث يعيق وجود خلافات وصراعات سياسية بين الدول الكبرى في المنظمات الدولية من قدرتها على اتخاذ إجراءات فعالة. كما أن تأثير سياسية بين الدول الكبرى في المنظمات الدولية من قدرتها على اتخاذ إجراءات فعالة. كما أن تأثير المصالح الوطنية والأجندات السياسية على قرارات المنظمات الدولية.
وهذه التحديات يرتبط بمحدودية الموارد والقدرات التنفيذية: نقص الموارد المالية والبشرية اللازمة للمنظمات الدولية لتنفيذ مهامها بفعالية. عدم قدرة المنظمات على فرض قراراتها وتنفيذها على أرض الواقع بشكل كامل.
فضلا عن التحديات الإنسانية والاجتماعية مثل تفاقم الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية التي تؤثر على السلام والأمن. وكذلك الصراعات العرقية والدينية والأيديولوجية التي تعيق الجهود الرامية إلى تحقيق السلام.
وأخيراً التطورات التكنولوجية والأمنية الحديثة والتي تتمثل في ظهور تهديدات أمنية جديدة كالإرهاب وحروب المعلومات التي تتطلب استجابة فعالة من المنظمات الدولية. بالإضافة إلى صعوبة مواكبة المنظمات الدولية للتطورات التكنولوجية الحديثة.
هذه التحديات المتعددة تشكل عقبات كبيرة أمام جهود المنظمات الدولية في تحقيق السلام العالمي. ويتطلب التغلب عليها تضافر الجهود الدولية والإرادة السياسية للدول
المنظمات الدولية تساعد في حل النزاعات الدولية
وفي هذا الصدد قال الخبير القانوني هيثم عمران أن هناك عدة طرق يمكن للمنظمات الدولية اتباعها لحل النزاعات الدولية، من بين هذه الآليات؛ الوساطة والتفاوض تستخدم المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وسطاء محايدين لتقريب وجهات نظر الأطراف المتنازعة وتيسير الحوار بينهم. وكذلك تعمل على تقديم المساعدة الفنية والدبلوماسية للمساعدة في التفاوض والتوصل إلى اتفاقيات سلمية.
ومن ناحية أخري فرض العقوبات والضغوط السياسية و تفرض المنظمات الدولية عقوبات اقتصادية وسياسية على الدول المتورطة في النزاعات لحثها على الامتناع عن استخدام القوة وتسوية الخلافات بالطرق السلمية. كما تمارس الضغوط السياسية والدبلوماسية على الأطراف المتنازعة لحملهم على التراجع عن مواقفهم المتطرفة.
إرسال بعثات حفظ السلام: تنشر المنظمات الدولية قوات حفظ السلام في مناطق النزاعات لمراقبة وقف إطلاق النار والمساعدة في تنفيذ اتفاقيات السلام. توفر هذه البعثات الحماية للسكان المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
المحاكمات الدولية
تنشئ المنظمات الدولية محاكم جنائية دولية لمحاكمة مرتكبي انتهاكات خطيرة للقانون الدولي كالإبادة الجماعية وجرائم الحرب. تساعد هذه المحاكم في إنهاء الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة.
الدعم الاقتصادي والإنمائي: تقدم المنظمات الدولية المساعدات الاقتصادية والتنموية للدول والمجتمعات المتضررة من النزاعات. تساعد في إعادة الإعمار وإرساء أسس السلام المستدام.
إن نجاح هذه الآليات يعتمد على التزام الدول الأعضاء بالمنظمات الدولية وتعاونها، إضافة إلى توافر الإرادة السياسية اللازمة لتسوية النزاعات. لذلك فهناك دائمًا تحديات تواجه المنظمات الدولية في هذا المجال.
القوى الناشئة تلعب دورا مهما في تشكيل المشهد العالمي
ويرى الدكتور هيثم عمران خبير القانون الدولي أن القوى الناشئة تلعب دوراً مهماً في تشكيل المشهد العالمي الحالي والمستقبلي. هناك عدة أسباب لذلك؛ من بين هذه الأسباب؛ ظهور قوى اقتصادية جديدة: ظهرت قوى اقتصادية ناشئة كالصين والهند والبرازيل وروسيا، والتي حققت نمواً اقتصادياً سريعاً في العقود الأخيرة. وباتت هذه الدول تمتلك قوة اقتصادية وتأثيراً سياسياً متزايداً على النظام الدولي.
و ًالتغير في موازين القوى العالمية تراجع الهيمنة الأمريكية الأحادية في ظل صعود القوى الناشئة، مما أدى إلى تعدد مراكز القوة في العالم. هذا التحول في موازين القوى يُعيد تشكيل النظام الدولي وديناميكيات العلاقات الدولية.
و تنامي التأثير السياسي والدبلوماسي: باتت القوى الناشئة تلعب دوراً أكبر في المنتديات والمنظمات الدولية كمجموعة العشرين والبريكس. تُسهم هذه الدول في وضع القواعد والمعايير الدولية بما يتوافق مع مصالحها.
المساهمة في قضايا التنمية والأمن الدولي: تزايد مساهمة القوى الناشئة في حفظ السلام والتدخلات الإنسانية على المستوى الدولي. كذلك تُقدم هذه الدول مساعدات تنموية وتمويل مشاريع البنية التحتية في دول العالم النامي. ولذلك، لا يمكن تجاهل دور القوى الناشئة في إعادة رسم خريطة النفوذ والتأثير على المستوى العالمي في المرحلة الراهنة والمستقبلية
ون جانبها قالت الدكتورة إيمان زهران أستاذ العلوم السياسية والأمن الإقليمي إلي مجلة ” استثمارات الإماراتية” الثابت فى العلاقات الدولية ان النظام العالمى يشهد إعادة هيكلة ، فلم يعد مقتصر على فكرة الآحادية أو ما يتعلق بتنميط مفاهيم دولية معينة ، بل فرضت الأحداث التفاعلت الاخيرة سواء التقليدية كالحرب الاوكرانية والحرب الاسرائيلية على غزة ، أو تلك غير التقليدية كجائحة كورونا أو تهديدات الندرة المائية والتغيرات المناخية، إعادة النظر فى هيكل النظام العالمى وترتيب أولويات الدولية وفقا للتغير فى القضايا النوعية.
وأشارت إلي واقع الممارسات القائمة يؤسس لفرضية هشاشة التنظيمات الدولية على إختلافها ن فجميعها تحمل الصفة غير الإلزامية، فضلا عن عدم نجاعتها فى إدارة إى من التفاعلات الصراعية القائمة أو حتى إختراق الملفات الإنسانية يحول الصراع مثل حالة قطاع غزة – على سبيل المثال – وفشل تلك التنظيمات الدولية فى الدفاع عن الأونروا.
وأوضحت الدكتورة إيمان زهران أن إذا إمتلكت ألية إلزامية لتنفيذ القرارات الصادرة بخصوص تسوية الصراعات/ والنزاعات الدولية والاقليمية، وأن يكون هناك توافق دولى حول أهمية الحل والتحرك وفقا لهذا الأساس .
وأكدت أن تلك الفرضية مُرجحة وبقوة خلال الفترة الحالية ، خاصة مع تنامى قوى التأثير للعديد من القوى الصاعدة، فضلا عن تأسيس مجمل التفاعلات السياسية والصراعية القائمة لفرضية إعادة تشكيل النظام الدولى والذى يميل أكثر نحو التعددية القطبية، وبالتبعية أدوار جديدة ومؤثرة للقوى الصاعدة بمختلف الأقاليم الفرعية
التعليقات مغلقة.