العلاقات الاماراتية الاسرائيلية.. مابين تعزيز الشراكة الاقتصادية.. ومسار القضية الفلسطينية
بقلم/ د.سالى شعراوى
يُعد اقتصاد أى دولة بمثابة قوة دافعة في العديد من الحالات للعب دور سياسى موازى وداعم وإن شهد الواقع الدولى حالة مثل دولة الصين على سبيل المثال يعلو فيها دور الاقتصاد على السياسة إلا أن الخريطة الدولية لا تعرف لونا واحداً لا يمكن الخروج عنه فدول الخليج عامة ودولة الامارات محل الحديث على وجه الخصوص استطاعت من خلال المدخل الاقتصادى أن تدعم من دورها الاقليمى في إطار السعى لترسيخ موطئ قدم لها لا يستهان به في منطقة الشرق الاوسط مما يمهد الطريق لإمكانية القيام بأدوار سياسية مرشحة للاستمرار والتنامى في المستقبل في ضوء المتغيرات التى تحدث باستمرار على الساحة الدولية والاقليمية .
ومن ناحية أخرى لا يوجد شك – بصرف النظر عن الاعتبارات الخاصة بالميراث التاريخى عن دولة اسرائيل وعلاقتها بالمنطقة العربية – في حجم وثقل دورها في الشرق الاوسط الظاهر والخفى ، وبالطبع لا يقتصر الامر على القضية الفلسطينية والابعاد الامنية التقليدية إنما يمتد إلى ادوار اقتصادية وثقافية عديدة لا مجال للتطرق لها حاليا وربما تحتاج لدراسة اخرى لاحقا
وفى ضوء ذلك ، تسعى المقالة إلى تناول العلاقات بين دولة الامارات العربية المتحدة ودولة اسرائيل حيث تشير العديد من التحليلات إلى تعمق العلاقات بين الدولتين في ضوء صفقة القرن ومواجهة الخطر الايرانى المزعوم وعمليات مكافحة الارهاب ودعم السلام ، حيث بدأ التعاون فيما بينهم منذ عشرين عاما ليشمل الابعاد الامنية والاقتصادية ثم جاءت التهديدات النووية من إيران لتساهم في تعزيز العلاقات الاماراتية الاسرائيلية ( على الرغم من نفى ايران لذلك في بعض المواقف على خلفية تطورات ايجابية في العلاقة بينها وبين الامارات )
وتأتى التطورات الاخيرة في مسار العلاقات الاماراتية الاسرائيلية لتلقى المزيد من الضوء حول احتمالات تطور مجالات التعاون فيما بينهما ، حيث اعلن الرئيس الامريكى دونالد ترامب أن اسرائيل والامارات توصلتا الى اتفاق لإقامة علاقات رسمية بينهما ، ومدى انعكاسات ذلك على السعى لدفع عملية السلام في الشرق الاوسط ، حيث ستُعلق اسرائيل خططها لضم اجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة .
وتتوقع الكثير من التحليلات ان تلك الخطوة قد تسمح بالمزيد من التطور في العلاقات الاسرائيلية الخليجية ( وإن كان هناك علاقات قائمة بالفعل على المستوى غير الرسمى في ضوء المصالح المشتركة ) حيث من المنتظر أن تجتمع وفود من دولة الامارات واسرائيل خلال الاسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية والامن والاتصالات والتكنولوجيا والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة وغيرها من المجالات ذات الفائدة المشتركة .
ويمكن القول ان تلك الخطوة السياسية تدعم وتعزز من دور دولة الامارات ولا نغفل من ناحية أخرى أن الترحيب بتطوير العلاقات الاقتصادية بين العرب واسرائيل يلاقى الكثير من الدعم من الشركات ورجال الاعمال التى ترحب بالاستثمارات ورؤوس الاموال بعيدا عن الخلفيات السياسية والتاريخية ، وإن كان فى تلك المبادرة جرأة لا يستهان به فى ضوء المواقف الشعبية المألوفة من الجانب العربى التى تعترض على مسار العلاقات الثنائية مع دولة اسرائيل ، ومن جانب آخر تعترض حركة المستوطنين فى اسرائيل على الاتفاق الإسرائيلي الاماراتى والتداعيات الخاصة به فيما يخص القضية الفلسطينية ، وذلك فى سياق القناعات السياسية لتلك الحركة والتى كانت تدعو لتصعيد عمليات الضم والاستيطان .
بالتالى يمكن القول أن الاتفاق يعانى من استقطاب بين مؤيدى تطوير العلاقات بين الدول بشكل عام والمكاسب الاقتصادية التى ستعود على الجميع فى ضوء السلام واقامة العلاقات السياسية والدبلوماسية ، وبين التيار المقاوم من منطلق ايديلوجى وقومى سواء من الجانب العربى عامة والجانب الفلسطينى على وجه الخصوص رسمياً وشعبياً أو الجانب الاسرائيلى ولكن دولة الامارات من ناحية اخرى تسعى لدعم التيار الوسطى المعتدل فى المنطقة العربية خاصة فى ضوء مكانتها الاقتصادية الحالية فى الشرق الاوسط ، ومن الجدير بالذكر اشادة الرئيس المصرى بدور الامارات فى الاتفاق المشار إليه ، بالإضافة إلى باقى مظاهر التأييد من الأمم المتحدة التى ترى أن ذلك الاتفاق يتماشى مع موقفها العام الذى تدعو اليه باستمرار وكذلك مختلف الدول التى رحبت بالاتفاق مثل الاردن وبريطانيا والبحرين وغيرها .
كما أن المفاوضات والتوجهات السلمية بوجه عام تصب فى صالح الامارات العربية المتحدة على الصعيد الاقتصادى والسياسيى ، وهذه الخطوة بمثابة فرصة لدولة الامارات يمكن البناء عليها مستقبلا فى ضوء تطورات الموقف الذى يستند على رؤى القوى السياسية المتغيرة باستمرار طبقاً لما تمليه المصالح والتنسيق بين الاطراف الدولية لإحداث قدر من التوازن فيما بينهم .
التعليقات مغلقة.