الشيخ محمد بن زايد.. رؤية استراتيجية أفادت الأسواق المالية
تلعب أسواق الأسهم المحلية، دوراً رئيساً في تحقيق رؤية دولة الإمارات للخمسين عاماً القادمة وجهودها المتواصلة لدعم النمو الاقتصادي المستدام وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 وذلك وفق رؤية واستراتيجية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في ظل توالي إدراجات السندات الخضراء من أجل تشجيع التحول إلى الاقتصاد الأخضر والاستثمار المستدام. وعلى جانب الشركات المدرجة فقد تمكنت الشركات المحلية من تحقيق نمو في أرباحها في ظل السياسات الاقتصادية الناجحة والرؤية الاستباقية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والتي مكنت الدولة من أن تصبح ضمن أهم وأنجح الوجهات الاستثمارية في العالم، فضلاً عن تجنب التداعيات السلبية للأزمات الخارجية والمتغيرات الدولية التي عصفت بالبورصات والشركات العالمية العريقة.
وإلى ذلك، انعكست نتائج أعمال الشركات المدرجة ونمو أرباحها على توزيعات الأرباح، ما جعل أسواق الأسهم المحلية تصنف ضمن الأفضل عالمياً في توزيعات الأرباح للمستثمرين. كما كان للرؤية والسياسات الناجحة دور بارز في تشجيع الشركات المحلية على الانطلاق إلى العالمية والإدراج في أهم البورصات العالمية، ما يفتح المجال أمام تحقيق رؤية موطن ريادة الأعمال التي أطلقتها وزارة الاقتصاد، وتتبنى مستهدفاً طموحاً بأن تكون دولة الإمارات موطناً لـ 20 شركة مليارية، خلال السنوات العشر المقبلة.
وفيما يخص المستثمرين فقد استفادوا أيضاً من تطور الأسواق المالية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتحفيز الشركات المحلية الكبيرة المدرجة على زيادة نسبة تملك الأجانب، ما ساعد على تنويع قاعدة المستثمرين، وزيادة عمق السوق، وتقليل التأثر بالأزمات العالمية.
اعتراف دولي
يعتبر سوق أبوظبي للأوراق المالية أحد الأسواق الرائدة في المنطقة، والذي تم تأسيسه في عام 2000. وتمت ترقية السوق إلى مصاف الأسواق الناشئة من قبل العديد من مزودي المؤشرات أهمها مؤشر «فتسي» عام 2009، ومؤشرا «ستاندرد آند بورز» و«راسل انفاستمنت» في2011 ومؤشرا «مورغان ستانلي كابيتال انترناشيونال» و«ستاندرد آند بورز داو جونز» عام 2014 مما يشكل اعترافاً دولياً باستيفاء أسواق الدولة المالية للمعايير الدولية ومقومات البنية التحتية للأسواق، وهي نتيجة لتفاني حكومة الإمارات في تطوير أسواقها المالية. هذا وقد حرصت إدارة السوق على وضع جميع التشريعات والتقنيات لمساعدة الشركات المدرجة على تمويل نموها من خلال إصدار الأوراق المالية وإدراجها في السوق. ويشمل ذلك الأسهم، والصكوك والسندات والصناديق الاستثمارية وغيرها من الأوراق المالية.
أول سوق مالي متوافق مع الشريعة
تأسس سوق دبي المالي في عام 2000، ونجح سريعاً في الوصول إلى مكانة رائدة على المستوى الإقليمي، من خلال الحرص على تبني أفضل الممارسات بما يلبي الاحتياجات المتزايدة للمستثمرين المحليين والعالميين. ويعمل سوق دبي المالي سوقاً ثانوياً لتداول الأوراق المالية الصادرة عن الشركات المساهمة العامة، والسندات التي تصدرها الحكومة الاتحادية، أو أي من الحكومات المحلية والهيئات والمؤسسات العامة في الدولة، وكذلك الوحدات الاستثمارية الصادرة عن صناديق الاستثمار المحلية، أو أي أدوات مالية أخرى محلية، أو غير محلية يقبلها السوق.
وتم تأسيس سوق دبي المالي مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة بموجب قرار حكومة دبي رقم 14 لعام 2000، وبدأ السوق نشاطه في 26 مارس 2000، وفي 27 ديسمبر 2005 تقرر تحويل سوق دبي المالي إلى شركة مساهمة عامة برأسمال قدره 8 مليارات درهم مقسمة إلى 8 مليارات سهم، وتم طرح نسبة 20% من رأسمال السوق، أي ما يعادل 1.6 مليار سهم للاكتتاب العام.
ويعتبر سوق دبي المالي أول سوق مالي يتم طرح أسهمه للاكتتاب العام في الشرق الأوسط. كما أنه يعد أول سوق مالي متوافق مع الشريعة الإسلامية وأحكامها، وهو أول سوق مالي إقليمي يدمج عملياته، حيث أنجز سوق دبي المالي بنجاح في العام 2010 تكامل العمليات مع ناسداك دبي بهدف إيجاد قوة حيوية في أسواق رأس المال في المنطقة. وقد سهلت تلك العملية وصول المستثمرين الأفراد من المنطقة إلى الأسهم المدرجة في ناسداك دبي عن طريق رقم مستثمر واحد مما يتيح للمستثمرين التداول بسلاسة عبر البورصتين. وبالرغم من ذلك تحافظ البورصتان على العمل تحت مظلتين تنظيميتين مختلفتين، حيث يخضع سوق دبي المالي لهيئة الأوراق المالية والسلع، وناسداك دبي لسلطة دبي للخدمات المالية.
تحقيق الاستدامة
أعلن سوق أبوظبي للأوراق المالية عن الإدراج الثانوي لإصدار السندات الخضراء الممتازة والمضمونة بمعدلات أرباح ثابتة، وبقيمة إجمالية مقدارها 700 مليون دولار أميركي لصالح شركة سويحان للطاقة الكهروضوئية لتكون أول سندات خضراء في السوق. وصدرت هذه السندات عن شركة سويحان للطاقة الكهروضوئية التي تمّ إطلاقها لتشييد وامتلاك وتشغيل محطة نور أبوظبي، أكبر محطة للطاقة الشمسية ضمن موقع واحد في العالم.
ويرى الخبراء أن تلك الخطوة تأتي تماشياً مع رؤية دولة الإمارات للخمسين عاماً القادمة، وجهودها المتواصلة لدعم النمو الاقتصادي المستدام وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، إذ إن إدراج أول سندات خضراء لصالح شركة سويحان للطاقة الكهروضوئية يعد خطوة استراتيجية نحو تعزيز مكانة أبوظبي الريادية مركزاً للتمويل المستدام وسوق السندات الخضراء، مشيرين إلى أن تلك الخطوة تعكس الحرص على توفير البيئة التنظيمية المناسبة لدعم المشاريع الخضراء ومشاريع الكفاءة في الحصول على تمويل تنافسي.
وتعد هذه الخطوة أول إدراج لسندات خضراء في سوق أبوظبي للأوراق المالية، ما يرفع عدد أدوات الدين والتمويل المطروحة في السوق إلى 28، بينما يواصل السوق جهوده ومساعيه المبذولة لترجمة أهداف استراتيجيته «ADX One» الرامية إلى جذب المزيد من الإدراجات الجديدة وطرح منتجات مبتكرة عبر منصّة السوق الحيوية والمتنامية.
قال محمد النجار، محلل أسواق الأسهم الخليجية، إن الرؤية الاستراتيجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لتطوير وتنويع الاقتصاد انعكست إيجاباً على كافة أطراف أسواق الأسهم المحلية وأولها تحقيق قفزات في قيمتها السوقية، حيث بلغت قيمة رأسمال الشركات المدرجة في سوقي أبوظبي ودبي بنهاية تداولات الجمعة 13 مايو نحو 2.296 تريليون درهم منها 1.868 تريليون درهم لسوق أبوظبي للأوراق المالية، و427.401 مليار درهم لسوق دبي المالي.
وأكد أن حكمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في التعامل مع الأزمات الخارجية والمتغيرات الدولية جعلت الإمارات تتمكن من تجاوز التداعيات السلبية وهو ما ظهر بوضوح من خلال نمو أرباح الشركات المدرجة، حيث حققت 109 شركات مدرجة في أسواق الأسهم المحلية بما فيها الشركات الخاصة أرباحاً صافية مجمعة خلال عام 2021 تقدر بنحو 98.4 مليار درهم، مقارنة مع أرباح بنحو 54.2 مليار درهم خلال عام 2020، بنمو بنسبة 81.5%، مشيراً إلى أن ما يدعم تطور أسواق الأسهم المحلية وقوتها أن توزيعات أرباح الشركات المدرجة في أسواق الأسهم المحلية تعد من ضمن الأعلى عالمياً، حيث تقدر التقارير إجمالي التوزيعات النقدية لـ 51 شركة مدرجة في أسواق المال المحلية عن 2021، بما يجاوز 41 مليار درهم، فيما ارتفعت قيمة التوزيعات النقدية المقترحة من قبل الشركات المدرجة في الأسواق المحلية قرب 38 مليار درهم عن عام 2020.
ولفت النجار، إلى أن زيادة عدد الشركات الإقليمية المقيدة في أسواق الأسهم المحلية، سواء في دبي أو أبوظبي يظهر مدى قوة أسواق الأسهم المحلية وجاذبيتها للشركات الناجحة التي تستهدف السيولة الكبيرة التي تميز أسواق الأسهم المحلية، مختتماً بالتأكيد على أن موافقة غالبية الشركات المحلية الكبيرة المدرجة على زيادة نسبة تملك الأجانب في فترات مالية سابقة يعكس رؤية استباقية لتطور أسواق الأسهم المحلية، وزيادة قدرتها على مواجهة الأزمات المالية عبر تنويع قاعدة المستثمرين.
قطاعات جديدة
وقال محمد النعيمي، الخبير المالي، إن الإنجازات التي تحققت في ظل تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، زمام القيادة، لا يمكن حصرها في مجال أو قطاع واحد، فقد نجحت الرؤية الاستراتيجية لتطوير وتنويع الاقتصاد، خلال سنوات قليلة في تحقيق ما لم تستطع دول أخرى تحقيقه خلال سنوات، مضيفاً أن دولة الإمارات خطت خطوات صلبة في سبيل تحويل الاقتصاد المحلي إلى اقتصاد قوي ومتنوع من حيث مصادر الدخل، ما مكّن الاقتصاد من تجاوز أي عقبات مثل هبوط أسعار النفط في فترات سابقة وتداعيات الأزمة المالية العالمية وجائحة «كوفيد -19».
وأكد النعيمي، أن دولة الإمارات وفرت للقطاع الخاص كل التسهيلات التي تضمن نمو هذا القطاع ومشاركته في تعزيز التنمية المستدامة، ولذا كان القطاع الخاص أحد أسرار نجاح وقوة الاقتصاد، موضحاً أنه على الرغم من أن دولة الإمارات، كانت قادرة على توفير التمويل الذاتي لمشروعاتها التنموية وللشركات الحكومية، إلا أنها كانت حريصة على تطوير الأسواق المالية للقيام بدورها في توفير التمويل للشركات من أجل إشراك القطاع الخاص، وتمكينه من القيام بدوره التنموي المهم إلى جانب منح الأفراد فرصة للاستفادة من نمو ربحية تلك الشركات عبر تمكينهم من تداول أسهمها في سوق منظم وبسهولة. وذكر النعيمي أن الإمارات استطاعت خلال سنوات قليلة وفي ظل الرؤية المستقبلية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، من أن تتحول من دولة كانت تعرف على المستوى العالمي دولة نفطية تعتمد على صادرات النفط بنسب تصل إلى 90% من دخلها الوطني، إلى دولة تستهدف خفض مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي، ودولة مستعدة في الوقت ذاته للاحتفال بآخر برميل نفط.
وأكد النعيمي أن تطور الأسواق المالية المحلية شجع على إيجاد شركات تعمل في قطاعات جديدة، حيث كان التركيز في البداية على إدراج الشركات العقارية والبنوك، والتي تلقى إقبالاً من المستثمرين، ثم في ظل زيادة السيولة والجاذبية وارتفاع القيمة السوقية تم إدراج عدد من الشركات في قطاعات جديدة مثل الصحة والتعليم والتكنولوجيا وشركات البنية التحتية مثل «ديوا»، وهناك المزيد من الشركات في سبيلها للطرح والإدراج، مشيراً إلى أن نجاح وتطور الأسواق المالية ما كان ليتحقق سوى بنجاح الاقتصاد حيث إن الأسواق المالية ماهي إلا (مرآة) تعكس ما بداخل الاقتصاد وبالطبع كانت النجاحات ملموسة بشهادات المؤسسات الدولية التي وضعت دولة الإمارات في مراكز متقدمة في مؤشرات التنافسية العالمية.
التوجه عالمياً
تمكنت شركات إماراتية من تحقيق نجاحات ملموسة في ظل الرؤية الاستراتيجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حتى إنها انطلقت إلى العالمية، ونجحت في الإدراج في بورصات عالمية.
ويقول وضاح الطه، عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الاستثمارات والأوراق المالية البريطاني، أن الرؤية الاستراتيجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أثمرت علامات صحية أهمها إدراج شركات إماراتية في الخارج، ومنها شركة (يلا) التي كانت تعد أول شركة تقنية إماراتية تم إدراجها في بورصة نيويورك بقيمة سوقية تزيد عن المليار دولار، موضحاً أن ذلك الإدراج أظهر أن هناك شركات إماراتية قادرة على تلبية متطلبات الإدراج في واحدة من أهم البورصات العالمية.
وحدد الطه، عدداً من المكاسب من إدراج الشركات الإماراتية في البورصات العالمية، أهمها أن تلك الشركات الإماراتية تصبح تحت المجهر أمام الشركات العالمية الكبيرة ما يتيح للشركات الإماراتية فرصاً لأن تستحوذ عليها شركات عالمية أو تندمج معها في المستقبل ما يحقق مكاسب ضخمة للغاية، وكذلك وجود فرص أكبر لنمو الشركة عبر توافر السيولة التي تمكنها من زيادة رأسمالها في حال الرغبة في التوسع. وأضاف أن من المكاسب أيضاً زيادة سيولة السهم وسهولة حرية الدخول والخروج من الاستثمار ما يزيد من فرص زيادة القيمة السوقية للسهم ومن ثم للشركة ذاتها.
وأشار إلى أن المنافع تعم أيضاً المستثمر المحلي الذي يشترى أسهم هذه الشركة من البورصات العالمية، حيث يتمكن من تنويع المحفظة الاستثمارية قطاعياً وجغرافياً من خلال الاستثمار في أسهم شركة مدرجة في بورصة خارجية مع الاستثمار في قطاعات استثمارية ناجحة قد لا تتوافر في البورصات المحلية والإقليمية، لافتاً إلى أن حملة أسهم تلك الشركات يستفيدون من التزام الشركات المدرجة في البورصات العالمية بقواعد الإفصاح والشفافية بدقة ويضمنون تطبيق قواعد الحوكمة كما يجب ما يجعل الاستثمار أقل مخاطرة بعيداً عن مفاجآت أداء الشركات غير المتوقعة.
وذكر الطه، أن استثمار المستثمر المحلي في أسهم الشركات المدرجة في البورصات العالمية يتيح له فرصة الحصول على توزيعات أرباح ربع سنوية، لافتاً إلى أن نجاح إدراج الشركات الإماراتية في البورصات العالمية ينعكس بأثر إيجابي على الاقتصاد المحلي في حال تفكير تلك الشركات في الإدراج الثانوي (المزدوج) في أسواق الأسهم المحلية.
التعليقات مغلقة.