الشيخ محمد بن زايد حريصون على بناء مستقبل آمن للبشرية
رحب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالأهداف الطموحة للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين.
وقال سموه عبر «تويتر»: «نرحب بالأهداف الطموحة للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني في السعودية والبحرين الشقيقتين.. توجه استراتيجي يجسد دور المنطقة في إيجاد حلول عملية لتداعيات تغير المناخ، والإمارات حريصة على تنسيق المواقف والجهود مع الأشقاء والأصدقاء لبناء مستقبل آمن للبشرية».
ولم يأتِ تأييد دولة الإمارات لأهداف المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، الطموحة للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني، من فراغ وإنما جاء انطلاقاً من ريادة الإمارات في إعلان نهج متكامل لخفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، حيث أعلنت خلال الأسبوع الأول من معرض «إكسبو دبي 2020» عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
ويُعد تأييد الإمارات لمبادرة السعودية والبحرين الخاصة بالوصول إلى الحياد الصفري الكربوني، تأكيداً منها على الوقوف جنباً إلى جنب دول المنطقة، بهدف بذل المزيد من الجهود لحماية البيئة على الصعيدين الإقليمي والعالمي من مخاطر تغير المناخ الكوني على دول العالم جمعاء، وهو مؤشر أيضاً على توجه دولة الإمارات الاستراتيجي بمشاركة دول المنطقة في إيجاد حلول عملية لتداعيات تغير المناخ، وحرصها الدؤوب على تنسيق المواقف والجهود مع الأشقاء والأصدقاء لبناء مستقبل آمن للبشرية.
ويحمل هذا التأييد دلالات عدة، وعلى رأسها الالتزام الوطني والأخلاقي بالحفاظ على النظام البيئي وتنميته، والاستثمار في موارده بالقدر الذي يحقق التنمية ويحفظ توازنه ويضمن للأجيال القادمة حقها في الحياة، إضافة إلى ما حققته الإمارات من إنجازات متفردة في المجال البيئي المحلي على مر السنوات الماضية، فها هي ومع إطلاقها مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، وفي الوقت الذي انشغلت فيه بعض الدول بمفرزات جائحة «كورونا» السلبية على قطاعات الصحة والتعليم والاقتصاد، فإنّ الإمارات تنبهّت للإسقاطات الخطيرة لتغير المناخ على قطاع البيئة بوصفه شريان الحياة لمختلف القطاعات.
ويمثل سعي الدولة إلى تحقيق الحياد المناخي، نموذجاً جديداً للنمو الاقتصادي المستدام القائم على المعرفة وتعزيز الابتكار والتطوير وتوظيف التكنولوجيا النظيفة على مستوى القطاعات كافة وتطوير صناعات وتقنيات ومهارات ووظائف جديدة تزامناً مع حماية البيئة، وخلق معرفة ومهارات وصناعات جديدة تعزز قدرتها التنافسية وجذب الاستثمارات، ما يجعلها وجهة أفضل للعيش والعمل والسياحة.ويؤكد إعلان الإمارات عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، أنها أول دولة في منطقة الشرق الأوسط تباشر السعي لتحقيق الحياد المناخي ورفع الطموح المناخي إقليمياً وعالمياً، وتحفز العديد من الدول على تبني نموذج التنمية الاقتصادية المستدامة، كنهج مستقبلي يضمن تحقيق أهداف اتفاق باريس، ولأنها سباقة دوماً في دعم وتطوير وتواتر مسيرة العمل من أجل المناخ، واستناداً إلى نموذجها القائم على التعامل مع كافة التحديات باعتبارها فرصاً للنمو يستفاد منها، جاء إعلانها لهذه المبادرة، كنهج وخارطة طريق تضمن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتستفيد من الفرص المناسبة حالياً، وتدعم مسيرة النمو عبر منظومة تستهدف تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
معدلات النمو
ولم يكن إعلان دولة الإمارات عن هذا الهدف وليد اللحظة، حيث كانت ولا تزال -رغم توجه المجتمع الدولي الحالي ضمن إطار العمل من أجل المناخ، إلى الوصول لعالم خالٍ من الكربون، التزاماً بأهداف اتفاق باريس للمناخ بخصوص «حيادية الكربون» – السباقة في هذا التوجه، وقد تبنته ولعبت دوراً رئيساً في هذا المجال طيلة السنوات الماضية، عبر اتباع سياسات وإجراءات اقتصادية أكثر صداقة للبيئة مبنية على حيادية الكربون، وبما يحقق في الوقت ذاته معدلات نمو اقتصادية أفضل، وها هي اليوم مع حرصها المستمر على دعم جهود المجتمع الدولي لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي في الدولة، والمساهمة في خير البشرية، تحصد إنجازات عدة في هذا المجال، من خلال كبريات مؤسساتها الحكومية والخاصة.
وتتماشى المبادرة مع اتفاقية باريس، التي تدعو الدول إلى إعداد استراتيجيات طويلة الأجل للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، والإبقاء على ارتفاع درجة حرارة العالم عند أقل من 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، كما تعكس الاستراتيجية مبادئ الخمسين التي تمثل خريطة طريق الإمارات لتسريع التنمية تزامناً مع احتفالها باليوبيل الذهبي لتأسيسها، بالإضافة إلى استهداف تطوير منظومات العمل في كافة القطاعات بما يضمن إدماج العمل من أجل المناخ في خططها واستراتيجياتها المستقبلية، بما يعزز تطبيق نموذج جديد للتنمية الاقتصادية المتكاملة.
قطاعات حيوية
وضمن أهم القطاعات التي تركز عليها المبادرة، الطاقة والأمن الغذائي، فكلاهما مسؤول عن حصة كبيرة من معدلات الانبعاثات، فثمة ضرورة ملحة لتطويرها اقتصادياً بما يحمي البيئة ويساهم في خفض مسببات تغير المناخ وتحفيز النمو الاقتصادي وريادة الدولة وتنافسيتها العالمية، حيث يساهم القطاع الغذائي بنسبة الثلث من انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، ما يوجب تبني ممارسات مستدامة في عمليات الإنتاج والاستهلاك في القطاع لضمان خفض نسب الانبعاثات والتكيف مع تداعيات التغير المناخي، وهذا ما تستهدفه المبادرة بتركيزها على منظومة الزراعة والغذاء الذكي مناخياً والمستدام، وفي هذا الإطار أطلقت الدولة بالشراكة مع الولايات المتحدة مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ، كما تم الإعلان عن مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء، وتعزيز تبني نظم الزراعة الحديثة المستدامة وتحفيز ريادة الأعمال الشابة في هذا المجال.
جهود طويلة
ومن المؤشرات على قيادة الإمارات لجهود المنطقة في العمل المناخي، تبنيها خلال الأعوام الـ 15 الأخيرة منظومة متكاملة من تحول الطاقة، والتوجه نحو زيادة حصة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المحلي، ووفقاً لاستراتيجيتها للطاقة 2050، فإنها تسعى إلى الوصول لنسبة 50% من الطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة، وبتبنيها هذا التوجه باتت نموذجاً عالمياً في نشر واستخدام حلول الطاقة النظيفة، وعلى المستوى المحلي تمكنت من رفع قدرتها الإنتاجية من الطاقة المتجددة من 100 ميجاوات في 2009 إلى ما يزيد على 9 جيجاوات بحلول 2030، ومع الانتهاء من مشروع براكة للطاقة النووية ستدخل 5600 جيجاوات من الطاقة النظيفة إلى الخدمة، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات في مصادر الطاقة المبتكرة، مثل الهيدروجين النظيف، حيث أطلقت أول مشروع صناعي للهيدروجين الأخضر في المنطقة بشهر مايو 2021.
حماية الأجيال
ضماناً لمستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، وتحقيقاً لأهداف مئويتها 2071، تعتمد دولة الإمارات دائماً التخطيط الطموح، وتحويل التحديات كافة إلى فرص نمو، ونموذج رئيس في رسم استراتيجياتها المستقبلية، بفضل رؤى وتوجيهات قيادتها الرشيدة؛ لذا اعتمدت العديد من السياسات والاستراتيجيات الداعمة لعمل القطاعات كافة بنهج أكثر صداقة للبيئة وأكثر دعماً للعمل المناخي، ومنها التحول نحو الاقتصاد الأخضر، تحول الطاقة، وسياسة الإمارات للاقتصاد الدائري، واعتمدت رفع سقف مساهمتها المحددة وطنياً بموجب اتفاق باريس للمناخ.
وتعزيزاً لخفض الانبعاثات والوصول إلى عالم خالٍ من الكربون، عملت دولة الإمارات بشكل دؤوب على التوسع في نشر واستخدام حلول الطاقة الشمسية لتصل إلى قدرة إنتاجية تقارب 9 جيجا وات بحلول 2030، كما وظفت الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في إنتاج الطاقة الكهربائية عبر مشروع براكة الذي سيوفر عند دخوله الكامل للخدمة 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء، ما يساهم في تسجيل معدلات عالية لخفض انبعاثات الكربون، وأطلقت العديد من المبادرات البيئية لزراعة ملايين الأشجار وأهمها أشجار المانغروف ذات القدرة العالية على امتصاص وتخزين الكربون، كما تم إطلاق مشروع «الريادة» والذي يبرهن على أن تقنية التقاط وتخزين الكربون تمثل حلاً تجارياً مجدياً للحد من الانبعاثات الصناعية لغاز ثاني أكسيد الكربون.
التعليقات مغلقة.