الشارقة.. نقاش حول «الذكاء الاصطناعي والإبداع» وقصائد تحتفي بالوطن

نظم منتدى السرد في النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول، جلسة نقاشية حول قصة «متقاعد في المدينة»، التي استُخدم في كتابتها الذكاء الاصطناعي، وقد قرأها الكاتب الناقد إسلام أبوشكير، وعلق عليها بقوله إنه هو شخصياً قدم تعليمات إلى برنامج «تشات جي بي تي» من أجل أن يكتب له قصة رجل متقاعد يسكن وحيداً في غرفة في دمشق أثناء الحرب يلتقي بصديق قديم من أصدقائه، ويجالسه، وعندما تتصل به ابنته من دبي يحدثها عن لقائه بصديقه وفرحته بذلك اللقاء، فتقول له إن صديقه مات منذ عشرين سنة، فيصاب بالصدمة، وقد أخذ البرنامج هذه الفكرة فطورها ووسعها، وكتب منها قصة من صفحتين، بما يقارب 400 كلمة، وجاءت قصة محكمة البناء بكل مقاييس القصة القصيرة، حتى إن البرنامج استخدم بعض التعبيرات البلاغية الجميلة، وأضاف بوشكير أن تلك النتيجة بهرته، وجعلته يطرح بعمق سؤال الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإبداع الأدبي.

العالم الموازي
عبد الفتاح صبري الذي أدار الجلسة، قدم عدة أوجه من أوجه مضاهاة الذكاء الاصطناعي للإنسان، ليس في الإبداع وحده، بل في كل أوجه الحياة، حتى أصبح اليوم هناك ما يسمى بالعالم الافتراضي الموازي، الميتافيرس، وهو عالم افتراضي بأبعاد ثلاثية تقوم فيه كل العلاقات والتعاملات البشرية التي توجد في الحياة الافتراضية، ويسعى مطورو هذا العالم إلى جعله قادراً على أن يعوض العالم الحقيقي، بحيث يمكن للإنسان أن يمارس فيه كل نشاطاته اليومية، وتساءل عبد الفتاح عن مستقبل الأدب والنظريات الأدبية التي تعلمناها وتربينا عليها، في ظل وجود تقنيات يمكنها في لحظة أن تمد الكاتب بنص أدبي محكم البناء.
اشترك في النقاش عدد من المثقفين الحاضرين للجلسة، فقال الدكتور عمر عبد العزيز: إن الذكاء الاصطناعي هو ظاهرة حقيقية، ومرحلة من مراحل التطور التقني للحضارة الحديثة، وينبغي أن نتعلم كيف نتعايش معه، وكيف نستخدمه من أجل الإبداع، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن يلغي العقل البشري وقوة هذا العقل، لأن هذه القوة هي التي تخلق هذا الذكاء وتسيطر، وسيظل الإبداع البشري قائماً وهو الأقوى والحقيقي نظراً لأن الإنسان يتمتع بشيء، لا يمكن أن تصل إليه الآلة ولا البرمجيات، وهو الخيال، والقدرة على تصور ما ليس موجوداً.

أزمة إبداعية
الكاتب محمد ولد محمد سالم قال: إن تهديد الآلة أو التقنية للإبداع البشري ومضاهاتها له، ليس أمراً جديداً، فقد بدأ منذ أن ظهرت كاميرات التصوير الضوئي عام 1839، فقد أحس الإنسان أن هذه الآلة ضاهته، بل تجاوزته في قدرته على الرسم باعتبار الرسم كان في تلك الفترة محاكاة للواقع، ومن هنا بدأ الفنانون التشكيليون البحث عن عوالم فنية لا يمكن للآلة أن تضاهيهم فيها، فكانت نزعات الانطباعية والرمزية والسريالية وغيرها إلى ما نشاهده اليوم، حتى دخلت التقنية كل مجالات الإبداع البشري والأدب هو آخر مجال دخلته، وسيستمر هذا، وسيجد الأدباء أنفسهم في أزمة إبداع حقيقية، نظراً لأن البرمجيات عندما تستكمل كل الإبداع البشري السابق، بوضعه في الذاكرة البرمجية، ستكون قادرة على محاكاته بدقة شديدة، دقة قد لا يتسنى للمتخصصين الراسخين فيها التفريق بين إبداع إنساني وإبداع كومبيوتري، وسيظهر هذا في الجوائز مثلاً، والقصة التي قدمها بوشكير دليل واضح على ذلك، فكيف يمكن أن يفرق المحكم بين الإنسان والكومبيوتر في هذا الأمر، وهل نعطي الجائزة لكومبيوتر، وختم بأنه رغم كل شيء فسوف يبقى الإنسان المبدع قادراً بخياله على أن يرتاد عوالم جديدة لا تصل لها التقنية.
الفنان فواز سلامة، قال إنه مهما تطورت التقنية فسيبقى للإنسان قدرة على الإبداع، مفرقاً بشكل دقيق بين الإبداع الذي هو مجرد محاكاة وانتخاب وتوليف بين عناصر إبداعية أدبية موجودة، وبين الإبداع الذي هو اختراع وخلق لعناصر فنية أو أدبية جديدة لم تكن موجودة، ولا يستطيع أن يصلها إلا العقل البشري وحده.
الدكتور محمد الأمين السملالي قال: إن استمر تغول هذه البرمجيات فقد تقتل إنسانيتنا وإن علينا أن نتعلم كيف نحافظ عليها، ونبحث عن السبل التربوية والتقنية التي تبقي عليها.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد