الجنيه المصري الأقوى أداء أمام الدولار في 2020.. والليرة التركية الأسوأ
نجح الجنيه المصري في التفوق على أداء أغلب العملات الناشئة في تحقيق أداء أمام الدولار منذ بداية العام الجاري، مكتفياً بتراجع هامشي لم تتجاوز نسبته 3% خلال العام الجاري رغم تداعيات فيروس كورونا والتي كانت أحد العوامل الرئيسية في دفع الليرة التركية لتسجيل أسوأ أداء بين قائمة تلك العملات.
وأظهرت الإحصاءات ااستناداً لبيانات البنوك المركزية، أن الجنيه المصري يعد الأقوى أداء أمام الدولار في 2020، مسجلاً متوسط سعر 16.18 جنيه بنهاية تعاملات الأسبوع الأخير من أكتوبر الجاري.
وأشارت الإحصاءات إلى أن عملات الأسواق الناشئة الأخرى مثل الروبل الروسي والليرة التركية والراند الجنوب الإفريقي والريال البرازيلي هبطت بنسب راوحت بين 14 إلى أكثر من 40% منذ بداية عام 2020.
وبحسب بيانات حكومية، سجلت أغلب الاقتصاديات الناشئة أقوى انكماش في الناتج المحلي على الإطلاق خلال الربع الماضي، فقد سجل اقتصاد جنوب إفريقيا أقوى انكماش بنسبة 51% بينما سجل نظيره المكسيكي انكماشاً بنسبة 17.1% وسجل كل من اقتصاد تركيا وبولندا انكماشاً بنسبة 11% و8.9% على التوالي.
وأوضحت البيانات أن تركيا والمكسيك قد تعرضتا منذ فترة الجائحة إلى ضغوط هي الأقوى بين نظرائها نظراً لقيود الإغلاق حيث تعتمد المكسيك بشكل كبير على السياحة التي تمثل حوالي 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي وهي النسبة الأعلى بين الاقتصادات الناشئة.
وتشير توقعات الخبراء إلى عدم قدرة قطاع السياحة على التعافي قبل عامين على الأقل وذلك بناء على احتمالات التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا بنهاية العام، ولهذا من المرجح أن تشهد الاقتصادات التي تعتمد عليها بشكل كبير انكماشاً قوياً.
وأرجع خبراء تحقيق الجنيه المصري أفضل أداء بين العملات الناشئة إلى السياسيات الإصلاحية للاقتصاد والتي تنفذها الحكومة وأثبتت نجاحها خلال السنوات الماضية، مشيرين إلى أن استقرار مكانة الجنيه المصري لم يتأثر بتداعيات كورونا والتي تأثرت به عملات أخرى ناشئة مثل الليرة التركية وغيرها من تلك العملات وسط تعرض البلدان المصدرة للسلع الأساسية لضربات مضاعفة جراء الجائحة والتي خفضت من أسعار البترول والمعادن وأضعفت الطلب العالمي على الخام.
مرونة وصلابة
الجنيه المصري ظهرت مرونته وصلابته بشكل واضح خلال السنوات الماضية وخصوصاً في فترة جائحة كورونا التي تسببت في التدهور الذي مرت به في المقابل أغلب عملات الدول الناشئة وفي مقدمتها الليرة التركية التي هبطت لمستوى تاريخي لم تشهده من قبل، والريال البرازيلي والبيزو المكسيكي والروبل الروسي.
وبينت أن أسباب هذا التفوق في الأداء يرجع لعدة عوامل أبرزها برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي الذي تم اتباعه خلال السنوات الماضية بمساعدة صندوق النقد الدولي، وكان الناتج هو إصلاح العملة واستقرارها وأتي وانعكس ذلك على استقرار الاقتصاد ومن ثم كان سبباً رئيسياً في جذب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى زيادة الاحتياطي الدولي ما أعطى الدولة القوة في الوفاء بالمتطلبات قصيرة الأجل.
وأشارت إلى أن المستويات المرتفعة من الاحتياطي الأجنبي وسياسات الضبط المالي والسياسات النقدية في مصر كان لها دور في التخفيف من تأثيرات فيروس كورونا حيث إن صافي الاحتياطي الأجنبي المصري حالياً هو 38.425 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2020 من 38.366 مليار دولار في نهاية أغسطس وفقاً لآخر بيان من البنك المركزي.
ولفتت إلى أن تراجع معدل التضخم السنوي والذي سجل أقل مستوى له خلال 9 أشهر في أغسطس الماضي ووصل إلى 3.6% مقابل 4.6% خلال شهر يوليو الماضي دعم قرارات الحكومة والبنك المركزي لمواجهة الأزمة وعزز من قيمة العملة.
ورجحت أن يستمر تحسن الجنيه أمام الدولار طالما استمرت المؤشرات الاقتصادية في الصعود حيث توقع صندوق النقد الدولي أن تكون مصر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي سوف تحقق نمواً في ظل انكماش سوف تشهده الدول الأخرى خلال الفترة القادمة، أيضاً لأنه لا يوجد ضغط هيكلي كبير قد يؤثر على سعر الصرف حالياً بالإضافة إلى الاحتياطي الأجنبي المستقر الذي هو دائماً عامل مهم على استقرار سعر الصرف.
وأضافت أن من الأسباب في تسجيل الجنيه المصري ذلك الأداء المتميز هو تخفيض سعر الفائدة هذا العام ليصل إلى 8.75%، إضافة للاستقرار الأمني والذي كان له دور في استقرار سعر صرف الجنيه المصري.
شهادة دولية
بدوره، قال محلل اقتصادي أول لدى شركة أوربكس، عاصم منصور، إن تفوق أداء عملة الجنيه مقارنة بعملات الدول الناشئة هي أن الاقتصاد المصري استطاع أن يتفوق على بقية تلك الاقتصاديات وذلك بشهادة صندوق النقد الدولي الذي أشار إلى أنه الاقتصاد الوحيد بالشرق الأوسط الذي يسجل نمواً بالرغم من أزمة كورونا خلال العام الجاري.
وأشار إلى أن تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي منذ عام 2016 والتي بات يؤتي ثماره وزاد من قدرة مصر على مواجهة الأزمات وبدأ ذلك واضحاً في أداء البيانات الاقتصادية وعودة القطاع الخاص للنمو وارتفاع قيمة عملة الجنيه المصري أمام الدولار إلى 15.70 جنيه لكل دولار مقابل مستويات الـ18 جنيه لكل دولار منذ نهاية عام 2016.
وقال إن مصر أصبحت تحظى بمعدلات فائدة حقيقية مرتفعة مقارنة بالعديد من الدول حالياً حيث تستقر معدلات الفائدة الحالية عند 8.75% مقارنة بمعدلات التضخم عند 3.7% ومع اتجاه البنك المركزي إلى معدلات فائدة دون 10% من المتوقع عودة الاستثمارات وانتعاش الأداء الاقتصادي ما سينعكس إيجاباً على أداء الجنيه المصري خلال العام المقبل.
وأوضح أنه في المقابل كان أسوأ أداء بين عملات اقتصاديات الدول الناشئة هي عملة الليرة التركية والتي واصلت خسائرها أمام الدولار الأمريكي وصولاً إلى المستوى 8.32 ليرة أمام الدولار لتفقد أكثر من 40% من قيمها منذ بداية العام الجاري، وذلك إثر السياسات الخارجية للحكومة التركية في المقام الأول.
وأشار إلى أنه في المقام الثاني تأتي سياسات البنك المركزي من الأسباب الرئيسية التي أدت للفشل في الحد من هبوط الليرة، فبالرغم من قيام البنك برفع الفائدة مؤخراً بمقدار 200 نقطة أساس إلا أن ذلك القدر كان أقل من توقعات المستثمرين على الصعيد المحلي والعالمي، وهو الأمر الذي يزيد من احتمالات تدخل البنك بشكل طارئ ورفع الفائدة بوتيرة قوية للحد من تراجع قيمة الليرة ولكن ذلك القرار سيكون له آثار سلبية على أداء الاقتصاد التركي خلال العام المقبل.
وأضاف أن البنك المركزي سيظل يخوض صراعاً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يعارض رفع الفائدة من ناحية ومن ناحية أخرى فقدان المستثمرين الثقة في الإدارة الحكيمة للبنك لهذه الأزمة.
وتوقع أن تسجل الليرة التركية المزيد من الخسائر في حال قرر البنك الإبقاء على السياسة النقدية دون تغيير وتزايدت حدة التوترات بين تركيا والدول الغربية، وبعد أن وصلت الليرة التركية للهدف المشار إليه في المقالات السابقة، فالآن تتوجه أنظار السوق إلى المستوى 9 ليرات أمام الدولار.
الأموال الساخنة
من جهته، قال رئيس شركة تارجت للاستثمار، نور الدين محمد، إن الجنيه المصري يعتبر من أفضل العملات أداء على مستوى الاقتصاديات الناشئة وكذلك على المستوى العالمي ويعتبر السبب الرئيسي في هذا الأداء المتميز هو نزول الجنيه إلى مستويات مبالغ فيها خلال فترة التعويم إلى جانب أسعار الفائدة المرتفعة على الجنيه المصري مقارنة بباقي العملات وهو ما يشجع رؤوس الأموال الساخنة في التدفق.
وأشار إلى من أسباب ذلك هو الاستقرار السياسي والاقتصادي مقارنة ببعض دول المنطقة، لافتاً إلى أن دول الاقتصاديات النامية والقوانين الاستثمارية الجديدة والتي تشجع المستثمرين للاستثمار المباشر في بعض المناطق الحيوية كمحور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة وهو ما أدى إلى زيادة الاستثمارات المباشرة ومع زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج حيث وصلت إلى مستويات قياسية تاريخية بالفترة الحالية.
ولفت إلى أن ذلك يأتي مع توفير البديل المحلي أيضاً لأغلب السلع المستوردة حيث إن جميع العناصر تؤدي إلى تعافي الجنيه وصعوده أمام باقي العملات وهو ما حدث بالفعل أضف إلى ذلك نزوح الاستثمارات من بعض الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية مثل لبنان والتي أعلنت عدم سداد ديون سيادية وتركيا التي تعاني بشدة نتيجة عدم توفر السيولة وكذلك الصعوبات السياسية والصراعات الإقليمية والدولية التي هوت بالليرة والاقتصاد التركي إلى مستويات متدنية تاريخية.
التعليقات مغلقة.