الاقتصاد العالمي يجتاز أعلي مخاطر تهدد التعافي في ميلاد عالم جديد 2025

ورؤية الخبراء الدوليين

أجرته / رباب سعيد

مراسلة مجلة استثمارات الإماراتية شؤون مصر وشمال إفريقيا

 

برغم التوقعات غير المتفائلة، عند المحللين الإقتصاديين   يظل الاقتصاد العالمي صلبا بشكل ملموس، بنفس السرعة  التي ارتفع بها.حيث  كانت الرحلة حافلة بالأحداث، بدءا من الانقطاعات في سلاسل الإمداد في أعقاب الجائحة، وأزمة في الطاقة والغذاء نتيجة لحرب روسيا على أوكرانيا، والارتفاع الكبير في معدلات التضخم وما تلاه من تشديد متزامن للسياسات النقدية على مستوى العالم.

وبلغ النمو العالمي أدنى مستوياته في نهاية عام 2022، مسجلا 2,3%، عقب وصول وسيط التضخم الكلي إلى ذروته عند 9,4%. ووفقا لأحدث التوقعات في ،  والتي تري أنه سيستمر النمو هذا العام والعام القادم بصورة مطردة في حدود 3,2%، مع تراجع وسيط التضخم الكلي من 2,8% في نهاية عام 2024 إلى 2,4% في نهاية عام 2025…

 

وفي هذا السياق  توقع الدكتور كريم العمده استاذ الاقتصاد الدولي ” لمجلة استثمارات الإماراتية ” أن الاقتصاد لايرى الأزمات الي شهدها في السنوات الماضية

برغم اختلاف التقديرات من بلد إلى آخر. وقد ارتفع أداء الاقتصاد الأمريكي بالفعل متجاوزا اتجاهه الذي كان سائدا قبل الجائحة. ولكن  مزيد من المعوقات في البلدان النامية منخفضة الدخل،

ويشير خبير الاقتصاد الدولي إلي النمو القادر على الصمود وتراجع التضخم بوتيرة أسرع من المتوقع إلى حدوث تطورات مواتية في العرض، بما في ذلك انحسار صدمات أسعار الطاقة في وقت سابق، والتعافي القوي في عرض العمالة تدعمه تدفقات الهجرة القوية في كثير من الاقتصادات المتقدمة. وقد ساعدت الإجراءات على مستوى السياسة النقدية على تثبيت التوقعات التضخمية حتى وإن كان انتقال آثارها قد أصبح أضعف، لأن القروض العقارية بسعر فائدة ثابت أصبحت أكثر شيوعا.

 

وعلى الرغم من هذه التطورات التي تلقى ترحيبا، يظل هناك كثير من التحديات التي يتعين اتخاذ إجراءات حاسمة بشأنها.

مخاطر التضخم لا تزال باقية

ويرى أنه سيظل خفض التضخم إلى المستوى المستهدف هو الأولوية. أولا، بينما اتجاهات التضخم مشجعة، فإننا لم نبلغ المستوى المستهدف بعد. ومما يثير القلق إلى حد ما أن التقدم نحو أهداف التضخم توقف نوعا ما منذ بداية السنة. وقد تكون هذه انتكاسة مؤقتة إلا أن هناك من الأسباب ما يدعو إلى الاستمرار في توخي الحذر. فمعظم الأنباء السارة عن التضخم تُعزى إلى تراجع التضخم في أسعار الطاقة والسلع. وقد تراجع التضخم في أسعار السلع بفضل تراجع حدة الاحتكاكات في سلاسل الإمداد، وأيضا بسبب انخفاض أسعار الصاردات الصينية. ولكن أسعار النفط أخذت ترتفع مؤخرا، وهو ما يرجع في جانب منه إلى التوترات الجيوسياسية كما أن التضخم في أسعار الخدمات لا يزال مرتفعا بشكل مزمن. وتزايد القيود التجارية على الصادرات الصينية يمكن كذلك أن يدفع تضخم أسعار السلع نحو الارتفاع.

معايير السياسة النقدية

وفي هذا الصدد أوضح الخبير الدولي أن  الأداء القوي في الولايات المتحدة مؤخرا انعكاسا لقوة الإنتاجية ونمو الوظائف، و قوة الطلب في اقتصاد ما تعني كذلك أنه سيظل محموما. ويدعو هذا إلى اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي منهجا حذرا وتدريجيا نحو التيسير. وموقف المالية العامة، الذي لا يتسق مع استدامة المالية العامة على المدى الطويل يشكل مصدر خطر بصفة خاصة. ويثير هذا الأمر مخاطر على المدى القصير تهدد عملية تراجع معدل التضخم، وأيضا مخاطر أطول  تهدد استقرار المالية العامة والاستقرار المالي للاقتصاد العالمي. ولا بد إذن من وجود حل ما يؤتي ثماره.

معدل النمو في منطقة اليورو

ويشير الخبير الدولي  أن النمو في منطقة اليورو سوف ير تد ولكن من مستويات منخفضة للغاية، نظرا للتأثير السلبي من الصدمات السابقة وتشديد السياسة النقدية على النشاط الاقتصادي. ويمكن للارتفاع المستمر في نمو الأجور والتضخم المتواصل في أسعار الخدمات أن يؤخرا تراجع التضخم إلى المستوى المستهدف. إلا أنه على عكس الولايات المتحدة، لا توجد سوى أدلة قليلة على حدوث ثورة في النشاط الاقتصادي، وسيتعين على البنك المركزي الأوروبي أيضا إجراء معايرة دقيقة للتوجه نحو تيسير السياسة النقدية لتجنب القصور عن تحقيق معدل التضخم المستهدف. وبينما تبدو أسواق العمل قوية، قد يثبُت أن هذه القوة خادعة إذا كانت الشركات الأوروبية تكتنز العمالة تحسبا لانتعاش في النشاط قد لا يتحقق في الواقع.

ومن ناحية أخرى، يظل اقتصاد الصين متأثرا بهبوط النشاط في قطاع العقارات. ومن المعروف أن دورات الانتعاش والكساد في الائتمان لا تنتهي من تلقاء نفسها سريعا أبدا، وهذه الحالة ليست استثناءً. وسيظل الطلب المحلي منخفضا ما لم تُتخذ إجراءات قوية لمعالجة السبب الأساسي. ومع انخفاض الطلب المحلي، يمكن للفوائض الخارجية أن ترتفع. وتتمثل المخاطر في أن هذا الأمر سيؤدي إلى تفاقم التوترات التجارية في بيئة جغرافية-سياسية محفوفة بالمخاطر بالفعل.

 

وفي الوقت نفسه، يُبدي كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة الكبيرة الأخرى أداءً قويا، مستفيدة في بعض الأحيان من إعادة تصميم سلاسل الإمداد العالمية وزيادة حدة التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة. وبصمة هذه البلدان في الاقتصاد العالمي آخذة في التزايد.

مسار السياسات النقدية والتحديات 

ويشير الدكتور محمد عزام استشاري تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني وعضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لإدارة تكنولوجيا المعلومات أن في المرحلة المقبلة، ينبغي لصناع السياسات تحديد التدابير ذات الأولوية التي تساعد في الحفاظ على صلابة الاقتصاد العالمي أو حتى تعزيزها.

وفي طليعة هذه الأولويات إعادة بناء هوامش الأمان المالي. وحتى مع انحسار التضخم، تظل أسعار الفائدة الحقيقية مرتفعة كما أن ديناميكية الديون السيادية أصبحت أقل إيجابية. والمصداقية في ضبط أوضاع المالية العامة يمكن أن تساعد على تخفيض تكاليف التمويل، وتحسين مساحة الحركة على مستوى المالية العامة والاستقرار المالي*. ولسوء الحظ، فإن خطط المالية العامة حتى الآن غير كافية ويمكن أن تزداد انحرافا عن مسارها نظرا للعدد القياسي من الانتخابات هذا العام.

ولم يكن ضبط أوضاع المالية العامة سهلا على الإطلاق ولكن من الأفضل عدم الانتظار حتى تُملي الأسواق شروطها. والمنهج الصحيح هو أن نبدأ الآن، بالتدريج وعلى نحو موثوق. ومتى أصبح التضحم تحت السيطرة، فإن عمليات ضبط أوضاع المالية العامة ذات المصداقية والتي تستغرق سنوات متعددة يمكن أن تساعد على تمهيد الطريق لمزيد من التيسير في السياسة النقدية. وتتبادر إلى الذهن عملية ضبط أوضاع المالية العامة وفترة تيسير السياسة النقدية في الولايات المتحدة الناجحتين في عام 1993 كمثال يُحتذى به.

 

ويوضح خبير تكنولوجيا المعلومات أن الأولوية الثانية هي عكس مسار التراجع في آفاق النمو على المدى المتوسط. ويُعزى أحد أسباب تباطؤ النمو في الماضي إلى زيادة سوء توزيع رأس المال والعاملين داخل القطاعات والبلدان. ويمكن إعطاء دفعة للنمو من خلال تيسير توزيع الموارد على نحو أسرع وأكثر كفاءة. وبالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، فإن الإصلاحات الهيكلية التي تعزز الاستثمار المحلي والاستثمار الأجنبي المباشر، وتعبئة مزيد من الموارد المحلية، سوف تساعد على تخفيض تكاليف الاقتراض والحد من الاحتياجات التمويلية. ويجب أن تعمل هذه البلدان على تحسين رأس المال البشري من الأعداد الكبيرة من سكانها الشباب، ولا سيما في ضوء التزايد السريع في أعداد السكان المسنين في العالم.

 

ويؤكد الدكتور محمد عزام خبير تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني “لمجلة استثمارات الإماراتية” أن  الأولوية الثالثة هي الذكاء الاصطناعي  يعطينا الأمل في دفع الإنتاجية. وقد يفعل ذلك، إلا أن هناك احتمال كبير بأن تحدث اضطرابات شديدة في أسواق العمل والأسواق المالية. ولكي يستفد الجميع من الذكاء الاصطناعي سيتعين على البلدان تحسين بنيتها التحتية الرقمية، والاستثمار في رأس المال البشري، والتنسيق بشأن قواعد الطريق العالمية.

موضحا أن يكون هناك تزايد تدابير تقييد التجارة والسياسة الصناعية إلى الإضرار بآفاق النمو على المدى المتوسط. ونتيجة لذلك، تتغير بالفعل الروابط التجارية العالمية، بما ينطوي عليه هذا الأمر من خسائر محتملة على صعيد الكفاءة. وقد يكون تأثيره المحض هو جعل الاقتصاد العالمي أقل، وليس أكثر، صلابة. إلا أن الضرر الأوسع نطاقا يلحق بالتعاون العالمي. ولا تزال الفرصة سانحة لتحويل المسار.

 

بالاضافة أن من الإنجازات الكبيرة في السنوات القليلة الماضية تعزيز أطر السياسة النقدية وسياسة المالية العامة والسياسة المالية ولا سيما في اقتصادات الأسواق الصاعدة. وقد ساعد ذلك على زيادة صلابة النظام المالي العالمي وتجنب حدوث طفرة دائمة في التضخم. وفي المرحلة القادمة، من الضروري المحافظة على أوجه التحسن هذه. ويتضمن ذلك حماية استقلالية البنوك المركزية  التي اكتسبتها بشق الأنفس.

فإن التحول الأخضر يقتضي استثمارات كبيرة. وتخفيض الانبعاثات يتوافق مع النمو فأصبح النشاط أقل اعتمادا على المصادر كثيفة الانبعاثات في العقود الأخيرة. ولكن الانبعاثات لا تزال آخذة في التزايد. وهناك المزيد مما ينبغي القيام به، وبسرعة. وقد اتسع نطاق الاستثمار الأخضر بوتيرة سليمة في الاقتصادات المتقدمة والصين. وأكبر الجهود يجب أن تبذلها اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الأخرى، التي يتعين عليها تحقيق زيادة هائلة في نمو استثماراتها الخضراء والحد من استثماراتها في الوقود الأحفوري. وهذا الأمر سيتطلب من الاقتصادات المتقدمة الأخرى والصين نقل التكنولوجيا، بالإضافة إلى توفير تمويل كبير من القطاعين الخاص والعام

 

 تقييم معدل نمو الاقتصاد العالمي

تقول الدكتورة غادة موسي استاذ العلوم السياسية والاقتصاد السياسي وخبير سياسات ونظم الحوكمة ” لمجلة استثمارات الإماراتية”

أنه بتتبع نمو النشاط الاقتصادي العالمي منذ ٢٠٢١ الذي شهد انتشار جائحة كورونا حتي عام ٢٠٢٤ نجد تحسنا طفيفا يشير الي دخول الاقتصاد العالمي مرحلة التعافي. حيث سجل معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الاجمالي علي مستوي العالم ٣.٥٪؜ مقارنة ب ٦.٣٪؜ عام ٢٠٢١ وارتفع الي ٣.٢٪؜ عامي ٢٠٢٣،٢٠٢٤ . وصاحب التحسن الطفيف تباطؤ معدلات التضخم علي المستوي العالمي من ٨.٩٪؜ عام ٢٠٢٢ الي ٥.٩٪؜ عام ٢٠٢٤ ، ومن المتوقع ان تنخفض معدلات التضخم الي ٤.٥٪؜ عام ٢٠٢٥.

أخذا في الاعتبار الأزمات التي تتعرض لها التجارة الدولية العالمية بسبب تعطل – بل توقف في بعض الاوقات – سلاسل الانتاج ومن ثم الصادرات والواردات نظرا لنشوب عدد من الحروب والصراعات في قارتي اوروبا واسيا أبرزها الحرب الروسية الاوكرانية في قلب القارة الاوروبية وعلي تخوم القارة الآسيوية والحرب التجارية المشتعلة بين الصين والولايات المتحدة وتمدداتها السياسية في بحر الصين ، هذا فضلا عن تعطل سلاسل الامدادات في البحر الأحمر بسبب غلق الحوثيون لمضيق باب المندب ومنع السفن التجارية من العبور كرد فعل لحرب اسرائيل علي غزة. اذن، وحرب السودان يمكن القول ان محاور حركة التبادل التجاري العالمي متعطلة ان لم تكن متوقفة بسبب دوائر الصراعات والحروب وهو ما يؤثر بالتبعية علي وتيرة الانتاج ومعدلات النمو الاقتصادي. وبالتالي لا نتوقع ارتفاعاً ملحوظا في النمو الحقيقي للنشاط الاقتصادي العالمي مالم يتم وقف إطلاق النار في حروب أوكرانيا وغزة والسودان وتقدم المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية

 

وتوضح خبير السايسات ونظم الحوكمة  غادة موسي أن الوضع الاقتصادي الفعلي  يعكس معدلات البطالة من خلال فرص العمل التي يوفرها. حيث يشير قانون Okun الي انه كلما ارتفعت معدلات النمو الاقتصادي تنخفض معدلات البطاله. وعلي الرغم من وجود تلك العلاقة إلا انها ليست علاقة مباشرة حيث يتخللها العديد من المتغيرات الاجتماعية مثل زيادة الداخلين لسوق العمل بنسب اكبر من معدلات النمو الاقتصادي ومن ثم زيادة عرض الايدي العاملة ، هذا بالإضافة الي اتساع استخدامات الذكاء الاصطناعي في العديد من الاعمال وبصفة خاصة في الاقتصادات المتقدمة في أوروبا واسيا ، واتساعها بشكل سريع حتي في بعض الاقتصاديات الصاعده مما يشكل تهديدا حقيقيا لفرص العمل المتاحة في الدول الشابه ديمغرافيا.

وتشير استاذة العلوم السياسية غادة موسي أن    النظام الاقتصادي العالمي هو نظام رأسمالي . ولكن هو راسمالي ليبرالي في الدول الغربية والعديد من الدول الآسيوية والأفريقية ورأسمالية دولة في دول مثل الصين وكوريا الشمالية والعديد من دول الشرق الأوسط والدول الأفريقية. ومن ثم فان تلك التوجهات الفكرية حول ادوار الدولة والأفراد ( القطاع الخاص) تحدد قدرة الاقتصاد علي التحرك الحر المرن في مجالات ما او التدخل من اجل توجيهه لمجالات اخري. والسياسات الاقتصادية التي تتبعها المنظمات الدولية الاقتصادية والتي يدفع بها النظام الدولي هي الاقتصاد الرأسمالي الحر وحرية التبادل التجاري وحرية الملكية الفردية والابتكار . ومن هنا يمكن قياس سياسات الدول بالنظر الي قربها او بعدها عن تلك الاهداف.

وتختتم  الخبيرة غادة موسي إنه إذا كان الاقتصاد آخذاً في النمو فإن الناتج الإجمالي سيزداد لتشهد معظم الشركات زيادة في الأرباح، وبالتالي تصبح أسهم تلك الشركات أكثر جاذبية بالنسبة للمتعاملين في الأسواق المالية لأنها يمكن أن تعطي أرباحاً أكبر لحامليها. ولكن نعود مرة اخري لدراسة العلاقة بين السبب والنتيجة … فهل الأسهم هي السبب في انتعاش الاقتصاد العالمي ام ان نمو الأخير هو السبب في زيادة أرباح الشركات ومن ثم ارتفاع أثمان أسهمها. في الواقع العلاقة تبادلية ولكن يحكمها ايضا اعتبارات الانتاجية وسلامة سلاسل الامدادات والعوامل الجيو سياسية

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد