الإمارات وبريطانيا.. شراكة معرفية واحتفاء ثقافي
تشهد العلاقات «الإماراتية – البريطانية» منذ سنوات تطوراً ونمواً كبيرين في شتى المجالات، ومن بينها قطاعات الثقافة والإبداع والفنون وتبادل الخبرات في منظومة الابتكار واقتصاد المعرفة، ومن ذلك برنامج «التّعاون الإبداعي بين بريطانيا والإمارات 2017»، الذي أقيم على مدار عام كامل بهدف الاحتفاء بالعلاقة الطويلة المتجذرة التي تجمع بين البلدين، وتعزيز الروابط الثقافية والاقتصادية الممتدة بينهما، بتنظيم من المجلس الثقافي البريطاني، بالتعاون مع وزارة الثقافة، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وأمير ويلز، ما يرسّخ ويؤكد تشاركية البلدين في القيم نفسها، مثل الاحترام العميق والتقدير للثقافات والأعراف واللغات والأديان والمعتقدات الأخرى وتحقيق السّلام العالمي.
الحديث عن محطات التعاون الثقافي بين الإمارات وبريطانيا طويل وممتد، لكنه في الواقع يتخذ صوراً وفضاءات متنوعة، فعلى سبيل المثال ارتبطت الشركات والمنظمات البريطانية ذات الصلة بتعاون مثمر مع مؤسسة الإمارات (تأسست عام 2005) في العديد من المشروعات المهمّة طويلة الأمد في مجالات التعليم والمجتمع والثقافة، والأبحاث العلمية والتطوير، وقد أطلقت مؤسسة الإمارات بالتعاون مع جائزة بوكر البريطانية – الجائزة العالمية للرواية العربية في أبريل عام 2007، وتهدف الجائزة المخصصة للأدب الروائي، إلى تكريم المتميزين في الكتابة الإبداعية العربية المعاصرة، وفي يوليو 2009، أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب عن بناء شراكة استراتيجية مع مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أكسفورد، كما تشارك الإمارات في المهرجان الدولي للصيد بالصقور، الذي ينظم كل سنتين مرة في بريطانيا، وفي قطاع التعليم نجد أن الروابط الأكاديمية بين بريطانيا والإمارات عميقة ومتينة، فقد ظلّت مدرسة الخبيرات البريطانية تقدم تعليماً رفيع المستوى لأجيال من التلاميذ الإماراتيين وجنسيات مختلفة على مدى أكثر من 40 عاماً، ولجامعة إكستر البريطانية صداقات قديمة وباع طويل في مجال التعاون في برامج المنح الدراسية مع الإمارات، وفي السياق كانت جامعة ميدلسكس دبي، وجامعة هيريوت وات دبي، من أول الجامعات البريطانية التي تفتح فروعاً لها في قرية المعرفة.
من بين الأحداث البارزة ثقافياً بين البلدين اختيار إمارة الشارقة ضيف شرف معرض لندن الدولي للكتاب 2020، مع احتفاء خاص بالمشروع الثقافي لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وضمن فعاليات برنامج المعرض التقى 12 كاتباً وفناناً إماراتياً في حوار ثقافي مفتوح مع نظرائهم البريطانيين استعرضوا خلاله المرتكزات التي قام عليها المشروع المعرفي والإنساني لصاحب السمو حاكم الشارقة، وقدموا سبع جلسات نقاشية فكرية ومنتديات أدبية وأمسيات شعرية ومسابقات في الترجمة إلى العربية، وتوقفوا عند ملامح الرواية والشعر الإماراتي والعربي إلى جانب ما يقابله من جهود تأكيد الهوية والتراث الشعبي المحلي.
كما استعرضت الشارقة خلال مشاركتها في المعرض فرص التعاون والشراكة الفاعلة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة في مختلف المجالات المعرفية، إذ تقدم هيئة الشارقة للكتاب رعاية لخمس دور نشر محلية، لدعم فرص تعزيز التعاون في النشر والترجمة مع نظيراتها في المملكة المتحدة والعالم، وفتح باب العمل المشترك مع غيرها من المؤسسات المتخصصة في قطاع النشر.
فضاءات تنويرية
في محطة ثقافية تعود بنا إلى مارس 2020، وتحديداً في «متحف الاتحاد» التابع لهيئة الثقافة والفنون في دبي، بالتعاون مع معرض اللوحات القومي في لندن والمجلس الثقافي البريطاني تم تنظيم معرض مشترك بعنوان «صور في حوار- الإمارات – 1971 – المملكة المتحدة» وجاء المعرض في إطار النشاط الثقافي المتنامي الذي تشهده دبي، وألقى المعرض أنواراً كاشفة على العلاقات الثقافية والدبلوماسية بين الإمارات وبريطانيا خلال فترة الستينيات وأوائل السبعينيات، وهي علاقات ممتدة تستند إلى تاريخ طويل من الصداقة والتعاون المشترك في كافة المجالات، حيث يسعى المسؤولون في الدولتين لتعزيزها وتكريس محتواها وفضاءاتها التنويرية، عبر تبادل زيارات رسمية على أعلى المستويات.
التعليقات مغلقة.