«الإمارات للآداب».. فضاء ملهم للفنون المعاصرة
انطلقت فعاليات مهرجان طيران الإمارات للآداب، في مركز جميل للفنون بمدينة دبي، أمس، عبر افتتاح معرض «زمن الذات»، ليناقش مجدداً الميزة التفاعلية للفضاء الإبداعي لفضاءات الكتاب، وعلاقتها الاستثنائية المُلهمة نحو الفنون المعاصرة، بأبعادها التشكيلية، ما يطرح سؤالاً مهماً، حول آلية الربط المستمرة بين فعل الكتابة والقراءة، ودورهما في الوعي بمحركات إنتاج اللغة البصرية، وجاء معرض «زمن الذات»، بمثابة تعاون بين «جميل للفنون» ومتحف الفنون المعاصرة في «تورونتو»، ليطلع جمهور المهرجان، من خلال جولات فنية، على نحو 13 بعداً فنياً، أبرزها للفنان هيوا ك، والذي يتضمن منهجه خفة الروح وعمق التجربة الشخصية في استقرائه لقضايا الاغتراب والوعي الجمعي. يسعى معرض «زمن الذات» المتاح خلال الفترة من 29 يناير الجاري إلى 13 فبراير المقبل، إلى إعادة تشكيل العالم الداخلي للأفراد، حيث تتخلله أفلام سينمائية وأزياء ومجسمات وتركيبات فنية.
تحديات عدة
وفي حوارها لـ«الاتحاد»، أوضحت أنطونيا كارفر، المديرة التنفيذية لمؤسسة فن جميل، أنهم يرحبون بالتعاون الأول الذي يجمعهم مع مهرجان طيران الإمارات للآداب، وإحداث اللقاء بين عوالم الكتب والأدب والفنون المعاصرة، معبرة أنها إحدى الإيجابيات المهمة التي أفرزتها الأزمة الصحية المتعلقة بـ«كوفيد-19» في عام 2020، واجهت خلالها الصناعات الإبداعية تحديات عدة، استدعت تعاوناً بين مختلف الأشكال الفنية للاستمرار في دعم القطاعات الثقافية، وأضافت كارفر أن المركز يتضمن مكتبة جميل، التي هي بمثابة منصة للقراءة لأهم الكتب الفنية، والتي يؤكد المركز من خلالها دور الكتب في إحياء المشهد الفني والثقافي.
«دمار مشترك»
وكان من اللافت، التعرف على المتناقضات الجمالية المجتمعة، بين المعروضات الفنية في مركز جميل، وطبيعة الورش والجلسات التي يقدمها مهرجان طيران الإمارات للآداب، مثل مشاهدة العمل الفني «دمار مشترك» وهو عبارة عن بساط مطبوع لمنظر بغداد، بتكليف من مؤسسة فن جميل، يمثل فيها البساط مساحة للقاءات الفردية والجمعية، حيث يرافق العمل شريط تأمل صوتي، يسمح فيه للزوار بالمشي على السجاد بعد خلع أحذيتهم، يوازيه محاولة الكاتبة والممثلة والمصورة دانابيل جوتيريز ـ واحدة من أكثر الفلبينيات تأثيراً في منطقة الخليج في عام 2020 ـ بمساعدة الجمهور في إنشاء قصيدة مستوحاة من قطعة فنية معروضة في معرض مركز فن جميل.
احتجاج صامت
إمكانية التمازج الإبداعي عبر خلق الأفكار، التي يُمكن ملاحظتها في الفضاءات المشتركة بين الكتب والفنون، ضمن فعاليات المهرجان هذا العام، تبرز أسئلة في التلاقي قد يحدثها حديث كميل كرم، وممارسته فعل جمع المطبوعات والملصقات والمطبوعات النادرة من مختلف البلدان العربية، والتفكير في السرد وطبيعة العلاقات الشخصية وتأثيرها، فالأخير يحضر في العمل الفني «مراحل أبي الملونة» والذي سوف يُبث عرضه بالألوان الليلة، وفيها توضيح لإضافة والد الفنان هيوا ك، ورق السيلوفان الملون على جهاز تلفاز الأسرة، محدثة مساحة لونية تتنقل من خلالها الشخصيات على مدار الفيلم، أقدم عليها أهالي السليمانية، بعد أن قامت محطة تلفاز الدولة، في أواخر عقد السبعينيات، ببث فيلم ملون للمرة الأولى، بعد أن كانت أغلب أجهزة التلفاز معدة لتقديم صورة بالأبيض والأسود، والتي بحسب وصف العمل، عملت على شق الصف بين مدن العرب التي كان سكانها يتمتعون بالمقدرة على شراء أجهزة تلفاز قادرة على عرض الصورة الملونة، وبين مناطق الأكراد التي ضلت في عالم الأبيض والأسود، ممثلاً ما يشبه الاحتجاج الصامت.
«تقويم قمري»
إذا ما افترضنا أن العرض التأملي لكتابة قصيدة، انتقى العمل الفني «تقويم قمري» وهو عبارة عن شريط فيديو تم تصويره في سجن «آمنة سوراكا» أو السجن الأحمر، أحد أشهر مواقع احتجاز وتعذيب الأكراد في فترة الثمانينيات، حاول فيها الفنان الرقص على إيقاع ضربات قلبه، التي يسمعها عن طريق سماعات طبية تلتصق بصدره، ويخلق إبان ذلك تردداً لأصداء خبطات «نعليه»، مقدماً قراءة صوتية لمعمار المكان، بمقدورها أن تعيد للأذهان ذكرى الأجساد الحيّة، التي كانت يوماً بين هذه الجدران.
التعليقات مغلقة.